وزراء جنبلاط يبدأون مشاورات لبلورة «مبادرة إنقاذية» تنهي القطيعة بين الفرقاء اللبنانيين

مصادر الرئيس اللبناني لـ«الشرق الأوسط»: حراك «التقدمي» استكمال لجهود سليمان وسقفه إعلان بعبدا

TT

باشر رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط، من خلال وزرائه في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، حراكه السياسي في إطار مشاورات سيجريها تباعا في الأيام المقبلة لبلورة مبادرة «إنقاذية» تهدف لكسر حالة الجمود القائمة على الساحة السياسية وتضع حدا للقطيعة التي بلغت حدها الأقصى بين الفرقاء اللبنانيين، تحديدا منذ اغتيال رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللواء وسام الحسن.

وكان وزراء جنبلاط قد باشروا سلسلة لقاءاتهم أمس في القصر الرئاسي في بعبدا، حيث التقى الوزراء غازي العريضي ووائل أبو فاعور وعلاء الدين ترو الرئيس اللبناني ميشال سليمان، ووضعوه في أجواء حراكهم الهادف «لاستكمال جهود الرئيس سليمان»، من خلال إطلاق مبادرة حواريّة إنقاذيّة باتجاه القوى السياسيّة كافة.

وفي سياق متصل، قالت مصادر الرئيس اللبناني لـ«الشرق الأوسط» إن وزراء جنبلاط «لم يحملوا أي تصور مكتوب أو طرحا مؤلفا من بنود، لكنهم عرضوا أفكارا ناقشوها مع رئيس الجمهورية أولا، على أن يجولوا بها على بقية الأطراف السياسية»، موضحا أنه «بعد هذه المشاورات، تجري جوجلة نتائجها ويعلن جنبلاط على أساسها مبادرته».

وأشارت المصادر عينها إلى أن «الهدف من المشاورات التي يجريها وزراء جنبلاط هو الحد من حالة التباعد القائمة بين الأطراف السياسية على الساحة اللبنانية، وذلك من خلال إيجاد نقاط مشتركة يتمّ البناء عليها وتنهي حالة القطيعة».

وأكدت مصادر بعبدا أن «حراك جنبلاط يصب في خانة ما يقوم بها الرئيس سليمان، خصوصا أن موقعه وسطي وليس بعيدا عن موقع الرئيس السياسي، وبالتالي فهو يستكمل الجهود والمبادرات والآراء التي سبق وطرحها الرئيس سليمان وأكدها في (إعلان بعبدا) تحديدا»، مشددة على أن «الأفكار المطروحة من قبل وزراء جنبلاط لا تخرج عن ثوابت (إعلان بعبدا) بعدما بات هذا الإعلان سقفا لأي مبادرة ولا يمكن الخروج عن بنوده».

من ناحيته، أشار وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي إلى أن «مبادرة الحزب التقدمي الاشتراكي تأتي استكمالا لجهود رئيس الجمهورية وليس للقفز فوقها»، موضحا «أننا لا نتطلع لأن نكون بديلا من أحد، إنما تأتي هذه المبادرة لفتح كوة في الجدار الذي بناه الفرقاء بين بعضهم البعض، لإيجاد قواسم مشتركة ننطلق منها لوضع حلول للأزمات التي يتخبط فيها البلد». وشدد، في حديث لموقع النشرة الإلكتروني، على «وجوب حفظ الاستقرار والسلم الأهلي والعودة للمؤسسات، وإيجاد قواسم مشتركة ينطلقون منها للسعي والنهوض بالوضع الاقتصادي وغيرها من الملفات العالقة، لأننا معنيون بأمن واستقرار البلد وعدم ترك الأمور على ما هي عليه، لأنه في حال بقي الوضع كما هو لا اطمئنان للحاضر والمستقبل».

في موازاة ذلك، قال النائب في كتلة الكتائب سامي الجميل إن «الرئيس سليمان بالنسبة لحزب الكتائب هو مفتاح للحل»، وذلك غداة زيارته القصر الرئاسي ناقلا أفكارا للمساعدة على إخراج البلد من حال المراوحة. وكان المكتب السياسي في حزب الكتائب، قد حذر بعد اجتماعه الدوري برئاسة الرئيس أمين الجميّل أمس «من أيام صعبة على كل المستويات، في ضوء نأي الحكومة بنفسها عن القضايا السيادية، وعن المسائل الساخنة التي تلامس هموم المواطن، وتحاكي خبزه اليومي». وطالب الحكومة «بوجوب اختصار رحلة الإخفاقات، ووقف قرارات ربع الساعة الأخير، وترحيل الملفات التي لا قدرة لها عليها، والدفاتر التي لم تتقن الحكومة مسكها، إلى حكومة إنقاذ تشكل في أقرب فرصة وتكون مسؤولة أمام مواطنيها».

وفي سياق متصل، قال نائب رئيس حزب الكتائب سجعان قزي لـ«الشرق الأوسط» إن «الكتائب جزء من الحراك والمبادرات التي تجري في إطار تغيير الحكومة لأنه بات واضحا أن البحث ينصب اليوم على إيجاد مخرج لاستقالة الحكومة وتأليف حكومة جديدة»، معتبرا أن «المطلوب اليوم هو تسريع المشاورات لتأليف حكومة جديدة إذ أن الوقت يداهمنا».

وتوقع قزي أن «تكون الأيام العشرة المقبلة حاسمة ولا بد من أن يتضح خلالها 3 استحقاقات، أولها استحقاق التغيير الحكومي، وثانيها استحقاق هيئة الحوار الوطني (المقررة في 29 الجاري)، وثالثها الاستحقاق الدائم المتمثل بضبط الوضع الأمني». وأكد أن «شبه إجماع متوفر لئلا نقول إجماعا، داخلي وعربي ودولي، حول ضرورة خلق واقع جديد من خلال التغيير الحكومي، لكن الخلاف هو على شكل الحكومة الجديدة». وقال: «من الواضح أنه باستثناء حزب الله طرحت الأطراف السياسية كافة مشروع التغيير الحكومي، وإن ربط كل فريق هذا التغيير بشكل معين»، معتبرا أنه «حتى حزب الله موافق على التغيير الحكومي شرط ألا تأتي حكومة حيادية».

وشدد النائب في كتلة المستقبل عمّار حوري أنه «لا كلام عن صياغة لحكومة جديدة قبل استقالة الحكومة الحالية»، معتبرا أن «هناك 3 طرق فقط لإسقاط الحكومة، أما باستقالتها أو استقالة ثلثها أو أن يقوم مجلس النواب بسحب الثقة». وأوضح أنه «لم يتم الاطلاع عليها كي يتم التعليق عليها، لكننا نرحب بأي حراك إيجابي يجري على الساحة المحلية السياسية ولكن علينا معرفة مضمون هذه المبادرة وما هو متاح وما هو غير متاح فيها».

في المقابل، رأى النائب في تكتل «التغيير والإصلاح»، الذي يرأسه النائب ميشال عون، زياد أسود أن «المبادرات لا تعطي حلولا في ظلّ غياب آلية عملية لتقريب وجهات النظر واستخراج حل نهائي لمشكلة نعيشها وتؤدي إلى انقسام سياسي في البلد»، مشيرا إلى أن «ما يطرحه جنبلاط هو تسلسل أو تعداد لإشكالية موجودة منذ 5 أو 6 سنوات، لكن هذا التعداد لا يؤدي إلى الحلّ المرجو إذا لم يترافق مع تصوّر للحلّ». وقال: «مشاكلنا معروفة وهناك في لبنان خطان متوازيان لا يلتقيان أبدا، وبالتالي لا بد من تصور جدي للحلول».

واعتبر النائب في تكتل «التغيير والإصلاح» فريد الخازن أن «المبادرة التي أعلن عنها جنبلاط والمتمثلة بقيام وزرائه بجولة على عدد من القيادات في 8 و14 آذار هي مبادرة وطنية شجاعة في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها البلد». وقال: «لا شك أنها مبادرة مرحب بها ولا سيما أنها تأتي من زعيم لبناني مخضرم يتخذ حاليا من الوسطية موقعا له في الحياة السياسية اللبنانية»، آملا نجاحها رغم العلم المسبق بالتعقيدات الصعبة التي تحيط بها.