في غزة يصعب تحديد الخط الفاصل بين المدنيين والمقاتلين

سكان غزة: هذا مستحيل في مكان يملك فيه الجميع تقريبا جارا أو قريبا تابعا لحماس

TT

غزة: أبيغايل هاسلهونر* قال أقارب أمين زهدي بشير، وتامر رشدي بشير خلال دفن جثماني ابني عمهما أول من أمس أن غزة لا يوجد بها مكان آمن.

فقد قتل الرجلان صباح الاثنين في قصف استهدف السيارة التي كانا يستقلانها والتي اشتعلت فيها النيران وتناثرت ثمرات الطماطم التي كانت تحملها على جانب الطريق. وقال أقاربهما إن الرجلين كانا مزارعين، ولا علاقة لهما بعشرات الصواريخ التي أطلقها المقاتلون من غزة باتجاه إسرائيل.

لكن إسرائيل قالت: إن الرجلين كانا إرهابيين تم استهدافهما بدقة، وهو ما يؤكد على أن الخط الفاصل بين حماس وسكان المنطقة المكتظة بـ1.7 مليون شخص لا يكاد يُرى.

كانت إسرائيل قد حذرت المدنيين، بما في ذلك الصحافيين، يوم الاثنين، مطالبة إياهم بالابتعاد عن حماس أو المخاطرة بالتعرض للقتل. وأكد الكثير من سكان غزة أن هذا مستحيل في مكان يملك فيه الجميع تقريبا جارا أو قريبا تابعا لحماس، التي تعتبرها إسرائيل والولايات المتحدة منظمة إرهابية.

ووطدت حماس من تواجدها في المجتمع في غزة بشكل كامل، حيث تمتلك الجماعة جناحا عسكريا قويا يتولى مسؤولية الحرب على إسرائيل. لكن أعضاءه يتولون أيضا قيادة قوة الشرطة والجمارك والوزارات الحكومية. والجماعة التي فازت بالانتخابات التشريعية في عام 2006 لها آلاف من المؤيدين داخل المجتمع، كما تدير حماس شبكة واسعة من الخدمات الاجتماعية، تشمل مدارس ومراكز صحية.

والمباني التي تصفها إسرائيل بالمواقع الإرهابية هي ما تسميه حماس بالبنية التحتية الحكومية. بعض الشباب الذين يعملون في المزارع في النهار ينزلون إلى الشوارع خلال الليل لإشعال الصواريخ.

وخلال توجه سيارات الإسعاف إلى مستشفى الشفاء، تجمع رجال شرطة حماس ومسؤولو الداخلية في ساحة انتظار السيارات واحتشدوا في الممرات. وفي الجنائز، كانت الحشود تغص بمؤيدي حماس إضافة إلى عناصر من الفصائل الأخرى التي تمتلك أجنحة عسكرية مثل الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. وقال كمال الدالو، خلال دفن أحد أقربائه في مدينة غزة يوم الاثنين: «كل الناس هنا ينتمون إلى حماس أو فتح والفصائل الأخرى». هذه المجموعات تشكل نسيج قطاع غزة. وكان تسعة من عائلة الدالو من بينهم أربعة أطفال قد قتلوا في غارة جوية على منزلهم يوم الأحد. وأكد الدالو أن أقاربه ليسوا مقاتلين، لكن الجيش الإسرائيلي قال: إنه يعتقد أن إرهابيا يختبئ في منزلهم.

والآن يبدي أقاربهم الآخرين استعدادهم لحمل السلاح، وقال أفراد عائلة الدالو إنهم سيشاركون في القتال إذا بدأت القوات الإسرائيلية غزوا بريا. وقال: «نحن مستعدون لمواجهتهم، نحن لا نريد حربا لكننا سنحمي أنفسنا وسوف نرد عليهم». وفي المستشفى دخلت كفاح ثائر، 17 عاما، إلى غرفة الطوارئ وهي تصرخ حيث أصيبت بصدمة نفسية، بحسب الطبيب، عندما دمرت طائرة إف 16 إسرائيلية منزل جارها.

لكن برغم ارتفاع الضحايا بين المدنيين والمخاوف من شن إسرائيل عملية برية، قال الكثيرون إن العملية البرية لن تؤثر على مشاعر التأييد التي تحظى بها حماس أو الجهاد الإسلامي أو الفصائل الأخرى التي تواصل إطلاق الصواريخ على إسرائيل.

ويقول عبد العزيز بشير، أحد أقارب الشهيدين: «لماذا أغضب؟ ألا ينبغي علينا القتال؟ هذه أرضنا».

وأضاف: «المقاومة هي التي أنهت الاحتلال الإسرائيلي لغزة عام 2005 ومنعت الإسرائيليين من العودة. وحماس والفصائل الأخرى تعمل من أجل هذه الغرض.

تقول إسرائيل إن المقاتلين عززوا من حصارها الخانق على القطاع الساحلي، إضافة إلى عملية عسكرية في شتاء 2008 - 2009 التي راح ضحيتها 1400 فلسطيني. وتحولت البنية التحتية لغزة إلى أنقاض خلال ذلك الصراع، والآن تتعرض المنطقة للقصف مرة أخرى.

في مقبرة مدينة غزة، لم يتمكن رجل مسن من منع نفسه من البكاء والأجساد الدامية لرنين الدالو، 5 سنوات، وجمال الدالو، 7 سنوات ـ وكلاهما ملفوف في علم فلسطين ـ توارى الثري. وقال عبد المولى سلامة، 70 عاما، وهو يشاهد الجنازة: «لقد اعتدنا على ذلك». حينئذ سمع الجميع أزيز صاروخ إسرائيلي موجه من مكان قريب. تم تأجيل مراسم الدفن للحظات وترددت صيحة «الله أكبر» بين المقابر.

* شارك في إعداد التقرير إرنست لوندونو من تل أبيب

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»