أزمة الجيش العراقي والبيشمركة تفتح جبهة جديدة بين الحكومتين العراقية والتركية

أردوغان يتهم المالكي بـ«إثارة حرب أهلية».. وبغداد تطالبه بـ«الكف عن استفزاز الشعب العراقي»

TT

بينما اتهم رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أمس رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بـ«إثارة حرب أهلية» في العراق بحشده قوات في مواجهة قوات البيشمركة الكردية في منطقة طوزخورماتو، دعت الحكومة العراقية رئيس الوزراء التركي إلى «الالتفات إلى مشكلاته الداخلية بدلا من الاستمرار في استفزاز الشعب العراقي».

وقال أردوغان للصحافيين قبل مغادرته إلى باكستان: «النظام (العراقي) يريد الاتجاه بالوضع نحو حرب أهلية». ونقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية قوله: «كنا نتخوف على الدوام من احتمال أن يتسبب بحرب طائفية، ومخاوفنا بدأت في هذا الوقت تتحقق شيئا فشيئا». وعبر أردوغان أيضا عن «قلقه» حيال «نزاع محتمل على النفط» في العراق.

لكن مريم الريس المستشارة السياسية لرئيس الوزراء العراقي ردت على أردوغان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بقولها إن «من غير المستغرب صدور مثل هذه التصريحات بين آونة وأخرى من قبل رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، الذي لا نعرف من خوله الحديث الدائم باسم المنطقة وشؤون بلدانها الداخلية، بينما تعيش بلاده الكثير من الأزمات المزمنة والجديدة». وأضافت الريس أن «على هذا الرجل الانتباه والالتفات إلى مشكلاته الداخلية، حيث تخرج يوميا مظاهرات في تركيا، بينما وبكل بساطة سمح لنفسه بالتدخل وبشكل سافر في شؤون العراق الداخلية ويواصل استفزازاته للشعب العراقي». وأوضحت أن «سلوك أردوغان السياسي لا يرقى أولا إلى موقع رئيس وزراء تركيا، كما لا يرقى هذا السلوك إلى مبادئ حسن الجوار بين دولتين جارتين، فصلا عن أنه يؤوي رجلا لم يعد متهما بالإرهاب بل مدانا فيه، وهو طارق الهاشمي (نائب الرئيس العراقي المحكوم غيابيا بالإعدام)، حيث يتوجب عليه أن يسلمه إلى السلطات التنفيذية العراقية». ودعت الريس البرلمان التركي إلى «استجواب أردوغان سواء بسبب المشكلات الداخلية التي تسبب بها لتركيا، وكذلك تدخلاته السافرة في شؤون الدول الأخرى، بينما لم نجد يوما أي تصريح لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ضد تركيا». واعتبرت الريس دفاع «أردوغان عن الإخوة الكرد في المناطق المختلطة نوعا من النفاق السياسي؛ حيث إن هذه مشكلة داخلية عراقية، وإن وجود الجيش العراقي في أي مكان بالعراق مكفول دستوريا ولا نحتاج موافقة أحد، ولا نسمح لأحد بأن يعطينا الدروس»، مشيرة إلى أن «على أردوغان مواجهة موجة الاحتجاجات في بلاده والاشتباكات الحدودية».

وحول قول أردوغان إنه يخشى نزاعا حول النفط العراقي قالت الريس: «لا نعرف ما علاقة أردوغان بكل هذه الأمور، ولماذا يدس أنفه؟ حيث إنه لا توجد مشكلة في هذا الإطار، وإن الحصة المقررة للكرد في إطار الميزانية معمول بها منذ مجلس الحكم، وهي 17 في المائة من الموازنة، رغم قناعتنا بأنها أقل من ذلك، لكنه لا يوجد حتى الآن إحصاء حقيقي يبين النسب الحقيقية للسكان».

وفي اتصال مع المتحدث الرسمي باسم حكومة إقليم كردستان سفين دزه يي رفض التعليق على هذا الموقف التركي الجديد الذي من شأنه أن يدعم كثيرا الموقف الكردي من مجمل الأزمة الناشبة بين الحكومتين العراقية وإقليم كردستان، حيث رد على اتصال «الشرق الأوسط» قائلا: «إن الاتهامات وجهها السيد أردوغان إلى رئيس الوزراء العراقي وحكومته، ويفترض بالمالكي وحكومته أن يردا على تلك التصريحات».

وتعود جذور الأزمة في علاقات البلدين إلى وقت استضافة تركيا لنائب رئيس الجمهورية المحكوم بالإعدام غيابيا طارق الهاشمي الذي منحته تركيا حق اللجوء السياسي رغم اعتراضات حكومة المالكي التي طالبت بتسليمه، أما الخلافات النفطية التي تحدث عنها أردوغان فتعود إلى الاتفاقات الاقتصادية التي وقعتها تركيا مع حكومة إقليم كردستان، من ضمنها ما كشفت عنه وزارة الموارد الطبيعية بحكومة الإقليم حول الاتفاق الذي يتضمن مد خط أنبوب نفطي مباشر من حقول كردستان إلى تركيا، إلى جانب سعي الأكراد للانضمام لمشروع نابوكو الغازي عبر تركيا.

إلى ذلك، يتوجه رئيس ديوان رئاسة إقليم كردستان الدكتور فؤاد حسين بعد غد، إلى فرنسا مبعوثا من رئيس الإقليم مسعود بارزاني؛ لبحث تداعيات الأزمة السياسية التي يمر بها العراق حاليا. وصرح حسين لـ«الشرق الأوسط» بأن «هناك تطورات مهمة تشهدها المنطقة، سواء ما يتعلق بالوضع الإقليمي أو الداخلي العراقي، وسأبحث مجمل هذه التطورات مع وزير الخارجية الفرنسي عند زيارتي لباريس، ناقلا إليه وجهات نظر القيادة الكردستانية من مجمل التطورات السياسية والعسكرية في العراق على خلفية الأزمة الحاصلة اليوم في المناطق المتنازعة، خاصة أن فرنسا كانت لها مواقف مشرفة تجاه القضية الكردية، وتثبيت الحقوق القومية للشعب الكردي أثناء نضاله ضد النظام السابق، إلى جانب الدور المحوري لفرنسا فيما يجري من أحداث في المنطقة».