سقوط مدينة تحتضن القوات الدولية في الكونغو بأيدي المتمردين

المقاتلون «عازمون على تحرير» البلاد والأمم المتحدة «لا تزال ملتزمة» بمهمتها في المنطقة

حشود من السكان الكونغوليين تحضر تجمعا لحركة التمرد «إم 23» في مدينة غوما أمس (أ.ب)
TT

دافعت الأمم المتحدة أمس عن محاولتها الفاشلة لمنع سقوط مدينة غوما في أيدي المتمردين في الكونغو الديمقراطية، قائلة إن طائراتها الهليكوبتر أطلقت مئات الصواريخ على المتمردين لكنها لم تتمكن من صدهم عندما زادت أعدادهم بدرجة كبيرة. وجاء هذا فيما أكد متمردو «حركة إم 23» أمس أنهم باتوا يسيطرون على غوما وأنهم لن يتوقفوا عندها، ودعوا الرئيس جوزيف كابيلا إلى الرحيل.

وتعد غوما مقرا إقليميا لقوة الأمم المتحدة المكلفة بمساعدة القوات الحكومية على حماية المدنيين لكن قوات حفظ السلام اكتفت إلى حد بعيد بالمشاهدة عندما هربت قوات الجيش وسقطت المدينة أول من أمس. ووصفت فرنسا فشل قوة حفظ السلام المسلحة بأسلحة ثقيلة وطائرات هليكوبتر في وقف تقدم المتمردين المسلحين بأسلحة خفيفة بأنه «غير منطقي» وقالت: إنه يجب إعادة النظر في تفويض القوة. وقالت الأمم المتحدة في بيان أمس إن طائراتها الهليكوبتر نفذت 17 طلعة وأطلقت 500 قذيفة وأربعة صواريخ دفاعا عن البلدة، مضيفة أن اثنين من جنود حفظ السلام من جنوب أفريقيا أصيبا. وقالت: إن نحو 500 متمرد تقدموا في البداية نحو البلدة يوم 15 نوفمبر (تشرين الثاني) قتل منهم نحو 64 بأيدي قوات الجيش المدعومة بطائرات هليكوبتر حربية تابعة للأمم المتحدة. لكن بعد يومين عاد المتمردون بأعداد كبيرة وشنوا هجوما جديدا بمشاركة 3000 رجل.

ومن شأن الزيادة المفاجئة في حجم وقدرات قوة المتمردين أن تزيد على الأرجح الاتهامات بأنهم يتلقون دعما من الخارج. وتتهم الكونغو وخبراء من الأمم المتحدة رواندا بدعم المتمردين وهو اتهام تنفيه رواندا. وعبر مجلس الأمن الدولي عن «القلق من تقارير تشير إلى استمرار الدعم الخارجي لـ(حركة إم 23) بما في ذلك تعزيزات للقوات ونصائح تكتيكية والإمداد بالمعدات» لكنه لم يذكر رواندا بالاسم.

وفي خضم التطورات الأخيرة، التقى الرئيس الكونغولي كابيلا لمدة ساعتين الليلة قبل الماضية مع بول كاغامي رئيس رواندا، وبعد ذلك التقيا مضيفهما الرئيس الأوغندي يوييري موسيفيني. وقالت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير لها أمس إن السكان في غوما استأنفوا نشاطهم صباح أمس غداة سقوط المدينة بين أيدي حركة إم 23 المتمردة. وأضافت الوكالة السكان أصبحوا يتنقلون في سيارات أجرة جماعية ودراجات نارية، لكن المحلات التجارية لم تفتح. وأقام مسلحو «حركة إم 23» نقاط مراقبة عند تقاطعات الطرق وسيروا دوريات مشاة. وقال سكان إن المدينة التي تضم 300 ألف نسمة وعشرات الآلاف من اللاجئين، لا تزال محرومة من المياه والكهرباء. ولم تعلن أي حصيلة لضحايا معارك أول من أمس.

من جهته، أكد المتحدث العسكري باسم «حركة إم 23» الكولونيل فياني كازاراما أمام حشد من سكان المدينة في استاد غوما «لن نتوقف عند غوما، سنذهب إلى بوكافو وكيسنغاني وكينشاسا». وأضاف: «على السيد كابيلا أن يرحل عن السلطة لأنه لم يفز في انتخابات العام الماضي»، ملمحا بذلك إلى الانتخابات الرئاسية التي جرت في نوفمبر 2011 واتهم بعدها كابيلا بالتزوير.

من جهة أخرى جرت مظاهرات صباح أمس في بوكافو، عاصمة كيفو الجنوبية، احتجاجا على سقوط غوما. وانتشر المتظاهرون الذين حمل بعضهم عصيا، في المدينة في مجموعات صغيرة ورشقوا عدة مراكز شرطة بالحجارة وهاجموا مقرا لحزب الشعب من أجل بناء الديمقراطية الحاكم. كما هاجموا جنود بعثة الأمم المتحدة واتهموهم بعدم التدخل للدفاع عن غوما. ورددوا شعارات مناهضة لإدارة البلاد التي تتحمل على حد قولهم سقوط غوما في أيدي «حركة إم 23». وتقع بوكافو عاصمة كيفو الجنوبية على مسافة نحو 200 كلم من غوما وتتم المواصلات بين المدينتين خصوصا على متن زوارق لأن التنقل عبر الطرق المخربة يدوم عشر ساعات.

من جهتها، أعلنت بعثة الأمم المتحدة لاستقرار جمهورية الكونغو أمس في بيان أنها ما زالت «ملتزمة» بمهمتها في غوما وحذرت من المساس بحقوق الإنسان. وجاء في البيان أن البعثة «ما زالت ملتزمة» بمهمتها مذكرا بأن «حركة إم 23» دخلت غوما «إثر مواجهات بين الجيش الكونغولي النظامي المدعوم بقوات ومروحيات مونوسكو الهجومية». وحذرت الأمم المتحدة في البيان «الذين يحاولون ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان أو المس بالقانون الإنساني الدولي» من أن «مرتكبي تلك الأعمال سواء كانوا من حركة إم 23 أو أي قوة أخرى سيتحملون عواقبها بالمثول أمام القضاء». وأفاد البيان أن البعثة «ستبذل قصارى جهدها من أجل إنجاز مهمتها المتمثلة في حماية المدنيين الذين يتعرضون لتهديدات خطيرة وفورية»، وأكدت أنها تقوم بدوريات حاليا في مدينة غوما. وقال البيان إن «الأمم المتحدة وشركاءها في المنظمات الإنسانية لن يدخروا جهدا في مواصلة مساعدة النازحين وغيرهم من الضعفاء»، مشددا على أن «أي عملية تهدف إلى منعها من إنجاز مهمتها مرفوضة» وأي هجوم على جنودها «يعتبر جريمة حرب».