بعد انفجار تل أبيب.. إسرائيل تهدد باجتياح الضفة الغربية إذا استمرت العمليات ضدها

عبوة ناسفة تنفجر في حافلة وتتسبب في جرح 22 شخصا .. والبيت الأبيض يدين التفجير

مجموعة من الخبراء من الشرطة الإسرائيلية يقفون أمام الحافلة التي تم تفجيرها بتل أبيب أمس والذي أسفر عن إصابة العشرات (رويترز)
TT

في أعقاب انفجار عبوة ناسفة في حافلة ركاب في تل أبيب، أمس، هدد وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، إسحق أهرونوفتش، باجتياح عسكري في الضفة الغربية، إذا ما عادت الفصائل الفلسطينية إلى تنفيذ عمليات تفجير داخل المدن الإسرائيلية.

وقال أهرونوفتش، الذي كان يتكلم في الشارع الذي وقعت فيه عملية التفجير، إن «عمليات كهذه تصدر عن تنظيمات تريد لإسرائيل الدمار ولا تريد لشعبها أن ينعم بالحياة الطبيعية والهدوء. ولذلك، فإن الرد الإسرائيلي عليها سيكون شبيها بالرد على العمليات التي نفذت في إسرائيل خلال الانتفاضة الثانية» (يقصد ما يسمى بعملية السور الواقي في سنة 2002، والتي تم خلالها اجتياح الضفة الغربية وقطاع غزة ومحاصرة الرئيس الفلسطيني، ياسر عرفات، حتى الموت).

وكانت عملية التفجير قد وقعت في ظهيرة يوم أمس، في شارع مركزي وسط تل أبيب: وبعد إنجاز التحقيقات الأولية، قالت الشرطة إن رجلا ذا ملامح عربية في العشرينات من العمر صعد إلى حافلة ركاب تابعة للخطوط الداخلية في منطقة تل أبيب، ونزل في محطة واحدة قبل موقع الانفجار، تاركا وراءه عبوة ناسفة. وبعد دقائق من مغادرته الحافلة، انفجرت العبوة. واتضح أنها كانت عبوة صغيرة لا يزيد وزنها عن 1500 غرام، لذلك فإن الأضرار التي خلفتها تبدو قليلة بالمقارنة مع عمليات شبيهة وقعت في سنوات الانتفاضة. فقد أدت إلى إصابة 21 شخصا، اثنان منهم بإصابات بالغة، وأربعة بإصابات متوسطة، والباقون إصاباتهم خفيفة.

وقد فرضت قوات الشرطة والمخابرات حصارا شاملا على منطقة تل أبيب، حتى تمنع هرب منفذ العملية إلى الضفة الغربية. وراحت توقف كل عربي «مشبوه»، وأعلنت في البداية عن اعتقال مشبوهين بينهما امرأة، ولكن بعد تفتيشهما والتحقيق القاسي معهما أطلق سراحهما وتبين أن لا علاقة لهما بالعملية. وحتى ساعات المساء، لم تتمكن من إلقاء القبض عليه. ورجحت التقديرات أنه تمكن من الهرب إلى الضفة.

وكان ملفتا للنظر أن السفارة الأميركية في تل أبيب، ومع أن مقرها بعيد جدا عن موقع الانفجار، أصدرت تعليمات لكل العاملين فيها بأن يلزموا بيوتهم ولا يغادروها إلا في حالات الضرورة. وأغلقت السفارة أبوابها. وجمدت كل النشاطات القنصلية فيها. وطالبت المواطنين الأميركيين الموجودين في إسرائيل بالحذر واليقظة والتخفيف من تجولهم في شوارع المدن الإسرائيلية. وكذلك فعلت القنصلية الأميركية في القدس أيضا.

وكانت المخابرات الإسرائيلية قد توقعت تنفيذ عمليات تفجير داخل المدن الإسرائيلية مع إطلاق العمليات الحربية العدوانية على قطاع غزة. وفي اليوم الثاني للعملية، أعلنت حملة لترحيل آلاف العمال الفلسطينيين الذين يتواجدون في إسرائيل بلا تصاريح عمل. واعتقلت المئات منهم ونقلتهم إلى الضفة الغربية. لكن هذا الإجراء لم يحقق نفعا.

وقد أثارت هذه العملية غضبا واسعا في الشارع الإسرائيلي، خصوصا في تل أبيب، وبالذات بعد أن نقلت كاميرات القنوات الفضائية تعابير الفرحة على هذه العملية بين صفوف كثير من أهالي غزة. فراح المتطرفون والمتعصبون يطالبون بمحو غزة من الوجود. وقد استغل السياسيون بشكل واسع هذه العملية وتبعاتها لخدمة معركتهم الانتخابية القريبة. وبدا أن أكثر المتحمسين للرد على العملية بتصعيد العمليات الحربية، هم الوزراء في حكومة بنيامين نتنياهو. فصار الوزير تلو الآخر يطالب بالاجتياح البري للقطاع وبالاغتيالات السياسية. فقال نائب رئيس الحكومة وزير تطوير النقب والجليل، سلفان شالوم، إن «من المحظور التوصل إلى اتفاق تهدئة بعد هذه العملية وينبغي أن يدفع قادة حماس الثمن باهظا». وقال نائب رئيس الحكومة وزير الشؤون الاستراتيجية موشيه يعلون إن «الأوضاع تحتم عمليات برية لتلقين حماس درسا». وقال رئيس المعارضة، شاؤول موفاز، إن «حكومة نتنياهو خرجت إلى الحرب لكي تحسن وضع ردعها للفلسطينيين. وهي اليوم تتجه للتهدئة وقد فقدت تماما قوة الردع. ولذلك على إسرائيل أن تصعد من هجومها على قطاع غزة. وتعمل على تقويض حكم حماس، حتى تستطيع العودة إلى مفاوضات السلام مع السلطة الفلسطينية».

لكن المخابرات الإسرائيلية أعطت تقييما مختلفا للأوضاع وقالت إن هذه العملية فردية، وقد تكون صادرة عن تنظيم صغير وليس كجزء من مخطط فلسطيني للعودة إلى التفجيرات داخل المدن الإسرائيلية. ووافق رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، على ذلك وقال: «إن التهدئة هي مطلب دولي ومطلب مصري ومن مصلحة إسرائيل أن تنجحها حتى لو فعلت ذلك من طرف واحد وبلا اتفاق».

ومن جهته أدان البيت الأبيض أمس تفجير حافلة في تل أبيب في محيط وزارة الدفاع الإسرائيلية، مما أدي إلى إصابة 11 شخصا بجروح خطيرة. ووصف البيت الأبيض الحادث بأنه إرهابي، واعدا بمساعدة إسرائيل في إلقاء القبض على المتورطين في الحادث. وأعرب المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني عن تعاطف الرئيس أوباما وإدانة الإدارة الأميركية لتفجير القنبلة على الحافلة بالقرب من مقر للجيش الإسرائيلي.

وقال كارني: «إن أفكارنا وصلواتنا مع عائلات المصابين ومع شعب إسرائيل، وهذه الهجمات ضد المدنيين الإسرائيليين الأبرياء هي هجمات وحشية». وأضاف كارني: «الولايات المتحدة ستقف مع حلفائنا الإسرائيليين وتوفر كل مساعدة مطلوبة لتحديد مرتكبي هذا الهجوم وتقديمهم للعدالة». وأكد أن الولايات المتحدة ملزمة التزاما لا يتزعزع بأمن إسرائيل.

وأدان الأمين العام بان كي مون الهجوم معربا عن تعاطفه مع المصابين، وقال مون: «لقد صدمنا من أنباء هذا الهجوم الإرهابي، وليس هناك ظروف تبرر استهداف المدنيين، وندين بأشد العبارات الممكنة هذا الحادث». وناشد أمين عام الأمم المتحدة إلى وضع حد للعنف وحث بقوة كل الأطراف إلى التوصل إلى وقف إطلاق النار فوريا. وقال في مؤتمر صحافي بعد لقائه بالرئيس محمود عباس: «أكرر دعوتي لوقف فوري للهجمات الصاروخية العشوائية التي تستهدف فلسطينيين ومراكز مأهولة بالسكان الإسرائيليين، وهذا أمر غير مقبول، والآن هو الوقت المناسب للدبلوماسية ووقف العنف».

وبدورها أدانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون الحادث وأعربت عن استعداد بلادها لتقديم كل المساعدة لإسرائيل، وقالت: «الولايات المتحدة تدين بشدة هذا الهجوم الإرهابي»، وأضافت كلينتون: «منذ وصولي إلى القاهرة وأنا أراقب عن كثب التقارير الواردة من تل أبيب، وسأبقى على اتصال وثيق مع فريق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والولايات المتحدة مستعدة لتقديم أي مساعدة تحتاج إليها إسرائيل».