الشاب السلفي «أسامه عثمان».. من محاولة اغتيال محفوظ إلى العلمانية

قال لـ«الشرق الأوسط»: سوف أنقل تجربتي للشباب حتى لا يهدروا أجمل سنين عمرهم في فكر ضال

TT

«كل ما أريده هو ألا يتعرض أحد الشباب للنصب الذي تعرضت له باسم الدين، فأنا ضيّعت أجمل سنوات عمري في فكر ضال».. هكذا وصف أسامة عثمان، الشاب المصري الذي تحول من السلفية الجهادية إلى العلمانية، ما تعرض له أثناء انتمائه للتنظيم.

أسامة عثمان (38 عاما)، ويسكن بمنطقة المطرية (بالقاهرة)، تحدث إلى «الشرق الأوسط» عن مراحل التحول في حياته من جماعة الإخوان المسلمين إلى الجماعة السلفية الجهادية وأخيرا إلى العلمانية. وقال: «انضممت إلى جماعة الإخوان المسلمين وأنا في الصف الثاني الثانوي عن طريق أصدقائي بالمدرسة، وأقنعوني بفكرهم، وكان عمري وقتها 16 عاما، وفي أثناء هذه الفترة كان أخي قد تعرّف على بعض أعضاء الجماعة الإسلامية في أحد المساجد بالمطرية، وذلك أثناء اجتماع كانوا يجرونه بعد مقتل الدكتور علاء محيي الدين المتحدث باسم الجماعة آنذاك، على يد أمن الدولة».

وتابع عثمان قائلا إن زملاءه «أقنعوه بفكرهم وبوجوب الجهاد في سبيل الله، مؤكدين له أن من يموت في سبيل الله فلن يمر بعذاب القبر، ومن هنا انتمى أخي للجماعة وسعى بعدها جاهدا على إدخالي فيها وإحضاري إلى الاجتماعات التي كانوا يجرونها، ودعوتي إلى قراءة الكثير من الكتب التي تعبر عن فكرهم، إلى أن اقتنعت قناعة كاملة بفكرهم وبوجوب تغيير المنكر باليد ودخلت في الهيكل التنظيمي للجماعة منذ عام 1991».

سعى عثمان جاهدا إلى تنفيذ عمليات جهادية مع الجماعة، وجاءته الفرصة بعد دعوته للاشتراك في محاولة اغتيال أديب نوبل نجيب محفوظ، إلا أن أمن الدولة قامت باعتقاله قبلها بأربعة أشهر وأضاعت عليه «تلك الفرصة».

وكانت الجماعة الإسلامية قد حاولت اغتيال الكاتب الكبير نجيب محفوظ في 14 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1994، حيث قام شاب منها بطعنه بسكين في رقبته وهو خارج من منزله، اعتراضا على أعماله، التي وصفوها بالكفر والخروج عن الملة وأشهرها روايته «أولاد حارتنا».

وعن محاولة اغتيال محفوظ، يقول عثمان: «كنت وقت العملية متحمسا جدا للمشاركة فيها، لأننا كنا نرى أن كتابات نجيب محفوظ تحرض على الفسق والكفر، وفي الحقيقة نحن لم نقرأ هذه الكتابات ولكن هذا ما أقنعنا به أفراد الجماعة آنذاك».

وكان سبب تعرض عثمان للاعتقال عام 1994 هو إبلاغ والده عنه لضابط أمن الدولة بسبب سلوكه العدواني الذي وضح في قيامه بتكسير التلفاز الموجود بمنزلهم، مما أصاب والده بالرعب والهلع فقام بالإبلاغ عنه، فقام الأمن باعتقاله لمدة ثلاث سنوات ونصف، خرج بعدها من المعتقل وسافر إلى السعودية، وكانت فترة سفره هذه، على حد قوله، هي فترة مراجعة جميع أفكاره، وكانت تؤرقه تساؤلات كثيرة مثل: «كيف وهم كانوا يسعون إلى تطبيق شرع الله والانتصار للإسلام أن ينهزموا أمام الحكومة الكافرة».

وقام بقراءة العديد من الكتب التي تتحدث عن العلمانية والكثير من الكتب التي تعبر عن الإسلام الوسطي، وأمعن في التفكير في أفكار الجماعة وحججهم، التي اكتشف تناقضها، على حد قوله، ورأى أنهم يسعون للوصول إلى السلطة عن طريق الشباب الذين يستخدمونهم كوقود للوصول لمصالحهم الخاصة وتنفيذ مآربهم. وقضى عثمان ست سنوات من عمره في إعادة ترتيب أفكاره، وصل في نهايتها إلى اقتناعه الكامل بالفكر العلماني.

ويؤكد عثمان أنه يعتز بإسلامه ويؤمن إيمانا كاملا أن الشباب المنتمين للجماعة السلفية الجهادية أشخاص من خيرة الشباب إلا أنهم حسب تعبيره «مضحوك عليهم ومعمول لهم غسيل مخ»، مشيرا إلى أنه أثناء انتمائه للجماعة كان تأثره بالأشخاص أكبر بكثير من تأثره بالأفكار، التي يرى الآن أنها تناقض بعضها.

ويعتزم عثمان الآن كتابة مذكراته في كتاب يحمل اسم «رحلتي من السلفية الجهادية إلى العلمانية»، وسوف يشرح فيه جميع التفاصيل التي مر بها منذ انتمائه لجماعة الإخوان المسلمين إلى تحوله إلى العلمانية، موضحا أنه لا يخاف من أي مخاطر يمكن أن يتعرض لها، قائلا: «لا يهمني أي شيء الآن سوى أن أنقل تجربتي للشباب حتى لا يهدر أحدهم أجمل سنين عمره، مثلما أهدرتها، في فكر ضال، لأن فكر الجماعة معاد للإسلام سواء درى أصحابه بذلك أم لم يدروا».