دمار شامل في غزة وجنوب القطاع وشماله

لم يسلم منه حتى الزرع والحيوان

TT

يلاحظ أي متجول في شوارع مدينة غزة آثار الدمار الناجم عن عمليات القصف الإسرائيلي الجوي والبري البحري على مدار 8 أيام، الذي حول المؤسسات والمنازل إلى ركام.

فقد تغيرت معالم المكان بشكل واضح، فبدلا من المبنى الضخم المترامي الأطراف، حلت أكوام من الركام والأعمدة المتهاوية، والسيارات المتفحمة، وأعمدة رفيعة من الدخان ما زالت تتصاعد من وسط الركام، على الرغم من مرور أربعة أيام على تدمير المبنى. وليس هذا المبنى سوى «مجمع المؤسسات الحكومية»، المعروف بـ«مجمع أبو خضرة»، في حي الرمال، الذي كان يضم حتى وقت قريب مقار معظم الوزارات والمؤسسات والدوائر الرسمية التابعة لحكومة غزة.

وفي صبيحة أول يوم بعد بدء تنفيذ اتفاق «التهدئة»، حرص الآلاف من الفلسطينيين على تفقد أنقاض هذا المجمع، لأنه يضم المؤسسات التي يحتاجونها في معاملاتهم الخاصة. وحرص معظم الناس على تصوير آثار الدمار بهواتفهم النقالة.

وأدى تدمير المبنى الضخم إلى إلحاق أضرار كبيرة بالمباني المجاورة، حيث تبدو بوضوح مظاهر تأثر هذه المباني بالقصف، حتى تلك التي على بعد أكثر من 300 متر. وعلى بعد نصف كيلومتر إلى الغرب من مجمع أبو خضرة، يوجد برج الشروق، الذي يضم عددا كبيرا من مكاتب وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية، وقد دمرت إحدى واجهاته بشكل كبير، ولحق الدمار بعدد كبير من المكاتب داخل البرج والبنايات المجاورة، ومن بين المكاتب التي تضررت مكتب مراسل «الشرق الأوسط»، الذي تطايرت نوافذه وأبوابه.

لقد قام سلاح الطيران الإسرائيلي بإطلاق عدة صواريخ استهدفت مكتبا بحجة أنه كان يوجد فيه عدد من نشطاء حركة الجهاد الإسلامي، وهي الغارة التي أسفرت عن مقتل أربعة أشخاص وجرح عدد آخرين. وفي حي النصر، ارتكب جيش الاحتلال أفظع مجازره خلال هذه الحملة، بتدمير منزل عائلة الدلو المكون من ثلاثة طوابق على رؤوس قاطنيه، وهي المجزرة التي أسفرت عن مقتل 13 شخصا وإصابة 25 آخرين. لقد تحول المبنى إلى كومة ركام كبيرة، لا تزال تختلط بحجارتها ورملها أشلاء ودماء أبناء العائلة. وسمح دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ لطواقم الإنقاذ أمس بمواصلة البحث في الركام وانتشال جثة آخر شاب من العائلة، وهو محمد الدلو (35 عاما)، في حين أن البحث متواصل للعثور على جثة فتاة من العائلة. وإلى الجنوب من المبنى، وعلى بعد 800 متر يوجد مبنى حكومة غزة، الذي تحول أيضا إلى ركام بعد أن قامت طائرات الاحتلال بقصفه يوم السبت الماضي.

والدمار لا يطال مدينة غزة فقط، وإن كانت الأكثر تضررا، بل القطاع بجنوبه وشماله ووسطه. فقد تحولت المؤسسات الحكومية ومنها مبنى الإدارة المدنية، الذي يضم الكثير من المؤسسات المدنية والأمنية التي تخدم الغزيين في شمال القطاع، إلى أكوام ركام. وكذلك الأمر بالنسبة لمناطق الريف، المتاخمة للحدود مع إسرائيل في شمال وجنوب ووسط القطاع، فالدمار لم يوفر حتى المناطق الزراعية، وطالت القنابل الضخمة التي تزن الواحدة منها طنا من المتفجرات مزراع الدجاج والبقر والدفيئات الزراعية فنفق الزرع والحيوان.