بترايوس يعاني الفراغ ويسعى لتجاوز الفضيحة

يطمح لعفو من زوجته ويدرس 4 عروض للتدريس وأخرى لتقديم برامج تلفزيونية

بترايوس مع زوجته هولي في «أكاديمية ويست بوينت» العسكرية عام 1974 (نيويورك تايمز)
TT

في شارع عادي ولكنه باهظ الثمن في ضواحي العاصمة الأميركية واشنطن، يقوم ديفيد بترايوس، المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، بإدارة شؤون حياته في الفترة العصيبة التي يمر بها الآن.

وبعد فقدان وظيفته السابقة، يسعى بترايوس للحصول على الصفح من زوجته الغاضبة، والتغلب على حالة الملل التي يشعر بها، في الوقت الذي يخطط فيه للعودة من جديد.

ويقول أصدقاء لبترايوس، إن الرجل الذي استقال من منصبه في وكالة الاستخبارات المركزية يوم 9 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي لتورطه في علاقة غرامية خارج إطار الزواج، قد تلقى حتى الآن عروضا للتدريس في أربع جامعات وعروضا أخرى لتأليف بعض الكتب من ناشرين في مدينة نيويورك، فضلا عن اهتمام الكثير من الشركات بعمله في مجالس إدارتها. وتعاقد بترايوس مع روبرت بارنيت، وهو محام كبير في واشنطن، لإدارة شؤون حياته المستقبلية، بينما يؤكد الأصدقاء أن بترايوس لم يستبعد تماما تقديم أحد البرامج على شاشات التلفزيون.

لا يختلف أحد من داخل الدائرة الضيقة للمدافعين عن بترايوس على أن العالم الخاص بواحد من أكثر جنرالات أميركا شهرة قد تقلص بشكل مذهل في الوقت الراهن، حيث بات القائد السابق للحربين في العراق وأفغانستان، والذي كان ينظر إليه يوما على أنه مرشح محتمل للحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة، يقضي معظم أوقاته في منفاه الاختياري في منزله، بينما يقوم بإرسال رسائل البريد الإلكتروني والتحدث مع أصدقائه عبر الهاتف. ويقوم بترايوس الآن بركوب دراجة ثابتة، حيث لم يكن قادرا، على الأقل في الأيام الأولى التالية لفضيحته، من الخروج للركض لمدة ست دقائق يوميا كعادته.

ويؤكد الأصدقاء أنه يظل غامضا كعادته دوما، ولكنه يبدو مختلفا بعض الشيء هذه الأيام. ويقول جاك كين، صديق بترايوس المقرب ونائب قائد أركان الجيش الأميركي السابق: «في الواقع، إنه الرجل نفسه، ولكنه يبدو أكثر هدوءا من حيث روحه المعنوية. هذا يعد أمرا غير مفهوم، فصوته لم يعد مفعما بالنشاط كما كان دائما».

يخشى الأصدقاء من أن الرجل الذي اعتاد على جدول الأعمال المكتظ بالمواعيد - ناهيك عن مواكب السيارات والرحلات السرية إلى منطقة الشرق الأوسط والدعوات لأفضل الطاولات في جورج تاون - قد أصبح يمتلك الآن الكثير من وقت الفراغ. ويقول أحد الأصدقاء المقربين من بترايوس، طلب عدم الكشف عن هويته لمناقشة شؤون حياته الخاصة: «لقد سألته ما إذا كان قد قرأ مقالا معينا، فأجابني: لا، قم بإرساله إلي في الحال، فأنا أبحث عن شيء أقرأه الآن». وأضاف: «دائما ما كان جدوله اليومي مكتظا بالأعمال، لذا يعد هذا الفراغ الذي يعانيه في الوقت الحالي منطقة مجهولة بالنسبة له».

أشار صديق آخر، والذي طلب أيضا عدم الكشف عن هويته، إلى أمر مشابه، حيث قال: «الكثير منا يشعرون بالقلق عليه، فهو شخص نشيط للغاية ويجب أن يظل نشيطا».

يؤكد أصدقاء بترايوس أن أولويته القصوى في الوقت الراهن تتمثل في عودة المياه إلى مجاريها مع زوجته هولي بترايوس، التي تزوجها منذ 38 عاما، وابنيه البالغين، ولكن هولي بترايوس لم تكن برفقة زوجها في المنزل خلال ذلك اليوم. وأكدت الناطقة الرسمية باسم «وكالة الحماية المالية للمستهلك»، حيث تعمل هولي بترايوس، يوم الأربعاء الماضي أن هولي بترايوس تحضر إلى المكتب بصورة يومية منذ تفجر الفضيحة. وكتبت هولي بترايوس، التي تترأس «مكتب شؤون خدمات الأعضاء» في الوكالة كمدافعة عن حقوق المستهلكين من الأسر العسكرية، تدوينتين على موقع الوكالة الإلكتروني في الأسبوع الحالي: أولاهما كانت موجهة لأحد زملائها في العمل محذرة إياه من إعلانات الرهن العقاري الخادعة، والأخرى كتبتها بشكل منفرد حول مخاطر شراء السيارات التي تضررت من الفيضانات. واختتمت هولي تدوينتها بالقول: «بمجرد التوقيع على العقد، يصبح الشخص ملتزما به، لذا يجب أن تفهم جيدا قبل أن تصبح مدانا».

في وقت سابق من العام الجاري، ذكرت صحيفة «يو إس إيه توداي» أن هولي بترايوس استمدت خبرتها من الأخطاء المالية التي ارتكبتها هي وزوجها عندما كانا زوجين حديثين، حيث قاما بشراء سيارة رياضية حمراء كانت تقضي الكثير من الوقت في ورشات إصلاح السيارات أكثر بكثير من وجودها على الطريق، ودفع مقدم تعاقد لشقة لم يشاهداها بنفسيهما، فضلا عن شراء طاولة فووسبالل كأول قطعة في أثاث منزليهما.

ولكن هذا الرجل الذي تزوج من طبقة اجتماعية أعلى من طبقته - حيث لا تعتبر هولي بترايوس ابنة مدير أكاديمية «ويست بوينت» العسكرية التي كان بترايوس فيها طالبا فحسب، وإنما أيضا سليلة عائلة عسكرية تعود تاريخها للحرب الأهلية الأميركية - يتطلع الآن لقضاء بعض الوقت مع زوجته. ويقول جون ناجل، وهو صديق بترايوس وكولونيل متقاعد في الجيش الأميركي شارك في الحرب في العراق: «سوف يتجاوزان هذه الأزمة، وهو ما يرجع في الأساس لتمتع هولي بروح متسامحة للغاية».

ولأسباب أمنية محضة، من المتوقع أن يكون منزل الزوجين، الذي يقع في شارع أرلينغتون المليء بالخضرة الذي تصل فيه أسعار المنازل إلى مليوني دولار، مركزا لعمليات بترايوس حتى أوائل العام المقبل على أقل تقدير، نظرا لأن العنوان غير مدرج في سجلات الممتلكات العامة، حتى يتسنى له الحصول على وظيفة أو منصب آخر يحظى بموافقة المحامي الشهير روبرت بارنيت، حسبما يؤكد أصدقاؤه.

تتضمن قائمة عملاء بارنيت الجنرال ستانلي ماكريستال، والذي أقاله الرئيس باراك أوباما من منصبه كقائد لقوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان في عام 2010، إلى جانب أوليفر نورث، بطل قضية إيران كونترا في عهد الرئيس الأسبق رونالد ريغان.

ويقول أصدقاؤه إن بترايوس، الذي لا يزال يخضع للتحقيق من قبل وكالة الاستخبارات المركزية حول ما إذا كان قد أساء استخدام الامتيازات الإضافية الخاصة بمنصبه لتسهيل العلاقة غير الشرعية التي أقامها مع بولا برودويل، لا يزال يفكر مليا في علاقته المتشابكة مع برودويل، التي التقى بها عندما كانت تقوم بعمليات البحث لتأليف كتاب حول سيرته الذاتية. ويقول أحد أصدقاء بترايوس، في إشارة إلى قرار برودويل بتحويل رسالة الدكتوراه غير المكتملة الخاصة بها إلى كتاب حول بترايوس: «كان بترايوس يصف هذا الأمر بالقول: هل تعلم أنني لم أكن متأكدا من أنها تكتب عن سيرتي الذاتية، حيث كنت أعتقد أنها تؤلف كتابا حول أفغانستان».

ولكن هذا الصديق لم يشرح كيف يمكن لبترايوس أن يكون له مثل هذه النظرة. ويضيف هذا الصديق: «لقد تطور الأمر بمرور الوقت، حتى أدرك بترايوس في وقت متأخر أن الأمر كله كان عنه». وأكد هذا الصديق أنه عندما أخبرت برودويل بترايوس أن عرض الكتاب الخاص به يبلغ ستة أرقام، قال بترايوس: «حسنا، من الأفضل أن أساعدها لنتقابل في منتصف الطريق بدلا من دفعها بعيدا عني والخروج بكتاب غير مكتمل».

أكد بترايوس أنه أنهى علاقته ببرودويل خلال الصيف الماضي، ولكن أصدقاءه يؤكدون أنه أخبرهم باستمراره في علاقته ببرودويل لمساعدتها في رسالة الدكتوراه الخاصة بها. ويقول أحد أصدقاء بترايوس: «كان يحاول وضع هذه العلاقة على مسار أكثر مهنية. لقد كان يعتقد أن بمقدوره القيام بذلك».

يؤكد الأصدقاء أن بترايوس لن يقوم أبدا بتأليف كتاب حول هذه التجربة، على الرغم من أن المقربين منه أكدوا أن المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية يفكر بالفعل في تأليف كتاب حول «القيادة». ويقول جون ناجل: «إنه الشخص الأكثر طموحا الذي رأيته في حياتي. أنا واثق تماما من أنه سوف ينجح مرة أخرى».

* خدمة «نيويورك تايمز»