محاولات حكومية لإثناء الكنيسة الأرثوذكسية عن انسحابها من تأسيسية الدستور

انتخاب الأنبا رفائيل سكرتيرا للمجمع المقدس خلفا للرجل الحديدي «بيشوي»

TT

قالت مصادر كنسية إن محاولات حكومية تجري حاليا لإثناء الكنيسة الأرثوذكسية عن انسحابها من الجمعية التأسيسية المعنية بكتابة الدستور الجديد، مشيرة إلى أن الرئيس المصري محمد مرسي تطرق إلى تلك المسألة خلال استقباله البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، حيث اتفق الطرفان على تشكيل لجنة لدراسة ملاحظات وتحفظات الكنيسة على عمل الجمعية التأسيسية، التي أدت إلى إعلان الكنائس المصرية انسحابها يوم السبت الماضي منها، بينما رأس البابا تواضروس الثاني، أمس، أول اجتماع للمجمع المقدس بالكنيسة بعد اعتلائه الكرسي البابوي، الذي تم خلاله انتخاب الأنبا رفائيل أسقف كنائس وسط القاهرة، أحد منافسي البابا في القرعة الهيكلية، سكرتيرا عاما للمجمع المقدس، الذي يعتبر الهيئة الأعلى بالكنيسة الأرثوذكسية.

واستقبل الرئيس مرسي البابا تواضروس في قصر الرئاسة مساء أول من أمس، واتفقوا على تشكيل لجنة تضم مستشارين وقانونين أقباطا وعددا من أعضاء «التأسيسية»، على أن تبدأ تلك اللجنة اجتماعاتها اليوم (الجمعة) لمناقشة اعتراضات الكنيسة على عمل تأسيسية الدستور.

وقالت المصادر الكنسية إن الزيارة التي قام بها البابا تواضروس الثاني للرئيس مرسي كانت تهدف لتعزيته في وفاة شقيقته، وشكره على قرار تعيينه للبابا وإرساله مندوبا من الرئاسة لحضور حفل التنصيب، إلا أن الرئيس مرسي أثار مع البابا أزمة انسحاب الكنيسة من «التأسيسية».

وعلى صعيد متصل، زار الدكتور محمد محسوب، وزير الدولة للشؤون القانونية والمجالس النيابية، الكاتدرائية المرقسية بالعباسية الليلة قبل الماضية، والتقى البابا تواضروس الثاني لتهنئته. وقد أثار محسوب أيضا أزمة انسحاب الكنائس من الجمعية التأسيسية.

وقال محسوب: «البابا تواضروس الثاني ذكر لي أن الأمر سيعرض عليه مرة أخرى وأنه يستمع لكل الآراء»، موضحا أنه طمأن البابا إلى أن أعضاء «التأسيسية» يخلعون ثوبهم السياسي خارج الجمعية التأسيسية، وأن الجمعية تمثل كل الهيئات التي تمثل المجتمع، خاصة مؤسسات الأزهر والكنيسة.

إلا أن البابا تواضروس قال في تصريح تلفزيوني له: «الكنيسة أخذت قرار الانسحاب في توقيت صعب، مما يعطي دلالة على أن قرارها في يدها، وقبل التجليس بيومين، وهي التي أخذت قرارا بالانسحاب دون انفعال أو غضب، وهي فقط من تحدد موقفها دون الانصياع لرغبة أي أحد، ونحن حين نفكر من أجل الدستور لا نفكر من أجل اللحظة، إنما من أجل الغد».

وأعلنت الكنائس أمس انسحابها من الجمعية التأسيسية لوضع الدستور الجديد، اعتراضا منها على ما قالت إنه بعض الممارسات في الجمعية، وقال الأنبا باخوميوس، أسقف عام البحيرة الذي تولى منصب قائمقام بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية حتى انتخاب البابا الجديد، «استشعرت الكنائس المصرية عدم ارتياح عام للاتجاهات التي سادت كتابة النصوص الدستورية المطروحة واستشارت اللجان الفرعية، فالدستور المزمع صدوره بصورته الحالية لم يحقق التوافق الوطني المنشود ولا يعبر عن هوية مصر التعددية الراسخة عبر الأجيال، وخرج عن التراث الدستوري المصري الذي ناضل من أجله المصريون جميعا، مسلمين ومسيحيين، وانتقاص من الحقوق والحريات والمواطنة التي اكتسبها المصريون عبر العصور».

من جهة أخرى، رأس البابا تواضروس الثاني أمس أول اجتماع للمجمع المقدس للكنيسة الأرثوذكسية منذ اعتلائه رسميا الكرسي البابوي يوم الأحد الماضي.

وتم خلال الاجتماع انتخاب الأنبا رفائيل، أسقف كنائس وسط القاهرة، سكرتيرا عاما للمجمع المقدس للكنيسة الأرثوذكسية، ليحل محل الأنبا بيشوي مطران دمياط وكفر الشيخ الذي شغل هذا المنصب منذ عام 1985، وعرف بأنه الرجل الحديدي في الكنيسة خلال عهد البابا الراحل شنودة الثالث.

وقال البابا تواضروس الثاني إنه يسعى لدفع الدماء الجديدة في المناصب القيادية بالكنيسة، وقالت مصادر كنسية، تحدثت معها «الشرق الأوسط»، إن الأنبا رفائيل حظي بدعم البابا الجديد لتولي منصبه الجديد، ومن ثم فاز بالمنصب بعد إجماع الأصوات عليه في التصويت السري الذي جرى خلال اجتماع المجمع المقدس أمس.

وكان الأنبا رفائيل أحد الأطراف الثلاثة للقرعة الهيكلية التي جرت يوم 4 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، واختير بموجبها البابا تواضروس الثاني بطريركا، وحصل الأنبا رفائيل على أعلى الأصوات في الانتخابات البابوية التي جرت يوم 29 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بعد حصوله على 1980 صوتا.

وانتخب المجمع المقدس أمس الأنبا توماس أسقف القوصية سكرتيرا مساعدا أول للمجمع، والأنبا يوسف أسقف جنوب أميركا سكرتيرا مساعدا ثانيا، والأنبا أبوللو أسقف جنوب سيناء سكرتيرا ثالثا للمجمع المقدس.

ويعتبر المجمع المقدس هو الهيئة الأعلى داخل الكنيسة الأرثوذكسية ويرأسه البابا بنفسه، ويجتمع مرة كل عام لمدة أسبوع من أجل مناقشة الأوضاع التشريعية والكهنوتية واللاهوتية، ويضم بضع لجان ويقوم أحيانا بأدوار ذات طابع اجتماعي أو سياسي، وقد يجتمع بدعوة من بابا الكنيسة أثناء الأزمات، ليعطي رأيه في بعض الأحداث، ويضع المجمع المقدس القواعد المتعلقة بالأمور الكنسية، وجوهر عمله غير سياسي. ويضم المجمع المقدس في عضويته مطارنة وأساقفة الكنيسة، والنائب البطريركي للإسكندرية.