تفجير سيارة مفخخة في إدلب ومحاولة نظامية لاقتحام داريا.. وأسقف سرياني يدعو لحفظ منطقة الجزيرة

مظاهرات في جمعة «اقتربت الساعة وآن الانتصار».. وتوثيق مقتل 2710 أطفال منذ بدء الاشتباكات

متظاهرون يحملون أعلام الثورة وشعارات تحمل رسائل للمجتمع الدولي خلال احتجاجات طالبوا فيها بسقوط نظام الأسد بكفرنبل بإدلب أمس (رويترز)
TT

لم يحل استمرار القصف البري والجوي على مناطق سورية عدة دون خروج آلاف السوريين في مظاهرات بعد صلاة الجمعة أمس، تلبية لنداء المعارضة السورية في جمعة «اقتربت الساعة وآن الانتصار». وذكرت مواقع وصفحات المعارضة السورية على شبكة الإنترنت أن مظاهرات خرجت تضامنا مع المدن المنكوبة ونصرة لـ«الجيش السوري الحر»، مطالبة بإسقاط النظام في مناطق سورية مختلفة في درعا وحماة وإدلب وحلب وريف دمشق وأحياء في جنوب العاصمة السورية.

وبينما تخطى عدد القتلى السوريين منذ بداية الثورة السورية منتصف شهر مارس (آذار) 2011 الـ40 ألفا، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، أعلنت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» في تقرير أصدرته أمس «مقتل 2710 أطفال برصاص قوات الأمن والجيش التابعة للحكومة السورية، بينهم 837 طفلة أنثى و1873 طفلا ذكرا». وقالت إن «من بين الأطفال القتلى 25 طفلا تعرضوا للتعذيب في أقبية السجون حتى الموت»، موضحة أن «650 طفلا منهم تحت سن العاشرة، و62 طفلا لم يتجاوزوا العام الواحد من العمر».

ميدانيا، لا تزال قوات الأمن السورية تبقي على حصارها وقصفها العنيف لأنحاء عدة في ريف دمشق. وفيما أفاد المرصد السوري «بتعرض مناطق في ريف دمشق للقصف من القوات النظامية تزامنا مع اشتباكات عنيفة تدور فيها»، وأشار إلى سقوط قذائف على حي القابون، شمال غربي العاصمة، ذكرت لجان التنسيق المحلية في سوريا أن «إطلاق نار كثيفا استهدف حي المزة في دمشق، فيما هز انفجار ضخم شارع خالد بن الوليد، وسمعت أصوات إطلاق نار في أحياء ركن الدين وبرزة».

وحاولت قوات الأمن السورية أمس اقتحام مدينة داريا بريف دمشق، حيث وقعت اشتباكات عنيفة مع عناصر من «الجيش السوري الحر». وقال محمد، أحد الناشطين الميدانيين في ريف دمشق، لـ«الشرق الأوسط»، إن «وتيرة القصف المدفعي اشتدت على مدينة داريا أمس بشكل عنيف جدا، حيث تساقطت الصواريخ بمعدل اثنين أو ثلاثة في الدقيقة الواحدة»، مشيرا إلى «سقوط عدد كبير من المدفعية الثقيلة وقذائف الهاون على المنازل والأبنية السكنية». وأكد الناشط أن «عددا كبيرا من أهالي المدينة أصيبوا جراء القصف الجنوني أمس، في ظل استحالة الوصول إليهم وإسعافهم نظرا لضراوة القصف».

وكان مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق قد وجه أمس «نداء استغاثة للهلال الأحمر والصليب الأحمر للدخول إلى داريا لإسعاف الجرحى»، ووصف المدينة بأنها «منكوبة بما للكلمة من معنى، حيث لا ماء ولا خبز ولا اتصالات، وأكثر من «30 ألف مدني تحت الحصار منذ 15 يوما». وأعلن أن أكثر من مائة شخص قتلوا خلال الأسبوعين الأخيرين في ظل نقص في المواد الطبية والغذائية». وقال ناشطون بريف دمشق إن الجيش السوري الحر اشتبكوا على محاور عدة مع القوات النظامية، وتمكنوا من «إعطاب دبابتين وقتل عدد من الشبيحة وإصابة آخرين قرب كفرسوسة على تخوم داريا».

وذكرت لجان التنسيق المحلية أن «قصفا عنيفا براجمات الصواريخ والهاون استهدف مدينتي حمورية وعربين»، وأفادت «بسقوط عدد من الجرحى وحدوث دمار كبير في المباني جراء قصف قوات النظام جسرين بمدفعية الهاون». كما سقط عشرات الجرحى جراء قصف نظامي استهدف مسرابا، بالتزامن مع تجدد القصف العنيف براجمات الصواريخ على المعضمية من قبل مدفعية الفرقة الرابعة الموجودة في الجبال بين داريا والمعضمية.

وفي سياق متصل، قالت مصادر قيادية في الجيش الحر في ريف دمشق، لـ«الشرق الأوسط»، إن «معركة دمشق وريفها لا تزال تحتاج للوقت من أجل الحسم، وإن كان ثمة تقدم يتم إحرازه». وأشارت إلى أن النظام يركز على مضاعفة حشده العسكري في دمشق والمنطقة المحيطة به، وهو ما يفعله كذلك في المنطقة الساحلية حيث الاشتباكات لا تزال مستمرة مع الجيش الحر. وذكرت أن «تعزيز الانتشار الأمني للقوات النظامية في دمشق يجعل مسألة اختراقها وإضعافها تحتاج لوقت طويل نسبيا».

وفي إدلب، أفاد المرصد السوري بمقتل ثلاثة عناصر على الأقل من القوات النظامية وإصابة 15 آخرين بجروح جراء تفجير سيارة مفخخة بحاجز للقوات النظامية قرب مؤسسة الإسكان العسكري في مدينة إدلب على طريق إدلب سرمين. وذكرت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) أن «إرهابيا انتحاريا فجر نفسه بسيارة مفخخة محملة بكميات من المتفجرات على طريق عام سرمين إدلب، مما أدى إلى استشهاد ثلاثة مواطنين وجرح عدد آخر جروح بعضهم خطرة».

وفي سهل الروج، تعرضت المنطقة لقصف عنيف بالهاون والرشاشات المتوسطة من حواجز النظام. وفي جرجناز، سقط عدد من الجرحى كما تهدمت بعض المنازل جراء القصف المدفعي العنيف من معسكر الحامدية على البلدة، في حين تعرضت بلدة حيش لقصف عنيف.

وفي حماه، أطلقت قوات الأمن السورية الرصاص الحي على مظاهرة في حي طريق حلب، بالتزامن مع تعرض مناطق في سهل الغاب لقصف مدفعي عنيف مع طلاق نار كثيف بالرشاشات الثقيل على قرية الحويز تحديدا.

أما في حمص، فقد أفادت لجان التنسيق المحلية بسقوط عدد من الجرحى جراء تجدد القصف بالمدفعية وراجمات الصواريخ على مدينة الرستن، لافتة إلى حدوث قصف بالمدفعية وراجمات الصواريخ من اللواء 52 وسقوط عدد كبير من القذائف والصواريخ على مدينة الكرك الشرقي بدرعا. وذكرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن قوات النظام قصفت صباح أمس بالمدفعية وراجمات الصواريخ تل شهاب والكرك الشرقي.

من جهة أخرى، أفاد ناشطون بأن «المجلس العسكري في تل أبيض بمدينة الرقة، اعتقل عناصر لواء الأمة التابع للجيش السوري الحر، بعد محاصرتهم في مقرهم الموجود في المدينة لتقديمهم إلى المحاكمة». وكان المجلس المحلي في تل أبيض ذكر في بيان له أنه طلب من المجلس العسكري وكتائب الجيش السوري الحر إخراج لواء الأمة من مدينة تل أبيض، نظرا للإساءة التي ألحقوها بسمعة الجيش الحر وإساءاتهم المتكررة للمواطنين، واعتقالهم لإخوة أكراد بغية زرع الفتنة بين مكونات مجتمع المدينة».

وقد اعتقل «لواء الأمة» رئيس المجلس المحلي وعضو المجلس الوطني في تل أبيض بمدينة الرقة سعد الشويش لمدة ساعتين على خلفية طلبه منهم إعادة مواد منهوبة ونقود مسلوبة من المواطنين.

وفي سياق متصل، وجه أسقف السريان الكاثوليك للحسكة - نصيبة في سوريا، بهنان هندو، نداء استغاثة، الجمعة، إلى البابا والأمم المتحدة والمجموعة الدولية، لإبقاء منطقة الجزيرة، شمال شرقي سوريا التي لم تبلغها المعارك بعد، بمنأى عن الحرب الدائرة في البلاد. وأكد هندو أنه يتحدث باسم الأساقفة الثلاثة للمنطقة - السريان الكاثوليك والسريان الأرثوذكس والآشوريين - ومختلف المكونات العرقية من سريان وعرب وأكراد ويزيديين وأرمن وغيرهم. وقال «نشدد على خروج المجموعات المسلحة التي تحتل مدينة رأس العين الحدودية، التي باتت مدينة أشباح اليوم حتى يستطيع 30 ألف لاجئ غادروها العودة إلى منازلهم».

وأكد هندو «إذا ما هاجمت مختلف المجموعات المسلحة مدننا واستقرت فيها، سنرى 400 ألف لاجئ على طرق المنفى مرة ثانية، وسيسلك أكثر من 800 ألف لاجئ جديد طرق المنفى نحو المجهول، في حالة من الانهيار التام، نحو الجوع والبرد والمجازر». وطالب بتجنيب المنطقة التدخل العسكري، موضحا «إننا نتدبر أمورنا بأنفسنا، ولجاننا المدنية البعيدة عن كل مكائد سياسية تسيطر على الوضع، والتوافق الجيد لكل مكونات مجتمعنا يحقق الأمن والسلام».