المغرب: حزب الاستقلال سيصوت لصالح الموازنة ليضع حدا لتكهنات حول انسحابه من الحكومة

رئيس المجموعة البرلمانية للحزب انتقد الحكومة المغربية وقال إن حماسها خمد

TT

وضع حزب الاستقلال المشارك في الحكومة المغربية حدا للتكهنات التي أثيرت خلال الأيام الماضية حول احتمال تصويت نوابه ضد مشروع موازنة للسنة المقبلة، التي ستعرض اليوم (السبت) للتصويت في مجلس النواب، وهو ما كان سيؤدي إلى إسقاط الموازنة السنوية على اعتبار أن الحزب لديه 60 مقعدا ويحتل المرتبة الثانية بعد حزب «العدالة والتنمية» الإسلامي، الذي يقود الائتلاف الحكومي، والذي يتوفر على 106 من المقاعد. وفي حالة سقوط الموازنة كان ذلك سيفتح الباب أمام سقوط الحكومة برمتها.

وقال مصدر قيادي من حزب الاستقلال المغربي إن الحزب سيصوت مع الموازنة السنوية، نافيا بذلك أنباء ترددت على نطاق واسع بأن الحزب يعتزم التصويت ضد الموازنة كخطوة في اتجاه الانسحاب من حكومة عبد الإله ابن كيران.

وأكد عبد الواحد الأنصاري، عضو المجموعة البرلمانية لحزب الاستقلال بمجلس النواب، لـ«الشرق الأوسط» أن المجموعة البرلمانية ستصوت لصالح الموازنة السنوية. ومضى يقول «نحن داخل حزب الاستقلال نجهل تماما المصادر التي تروج لما نقرأه في الصحف، والتي مفادها أننا نسير في اتجاه إسقاط الموازنة تمهيدا للخروج من الحكومة»، مؤكدا أن حزب الاستقلال «سيصوت مع الموازنة، وإن كانت لا تصل إلى أقصى طموحاتنا».

وأضاف الأنصاري «إننا متضامنون داخل الحكومة، صحيح قدمنا بعض التعديلات اللازمة على مشروع الموازنة، شأننا شأن باقي الفرق سواء في الأغلبية الحكومية أو المعارضة، واستمعنا إلى تعديلات الأغلبية بجميع مكوناتها، فقدمنا بعد ذلك تعديلات مشتركة»، مؤكدا أن حزب الاستقلال «يؤمن بأمرين، الأول هو مبدأ الرقابة التي يمارسها البرلماني على عمل الحكومة، والثاني أن التعبير عن الرأي حر لكن القرار والتصويت ملزم، والفريق الاستقلالي يعمل بناء على هذه المعادلة».

يشار إلى أن نواب حزب الاستقلال وجهوا خلال المناقشات الفرعية للموازنة انتقادات شديدة اللهجة إلى الحكومة، وبلغة تفوق في بعض الأحيان لغة المعارضة. وعلى الرغم من أن وزارة الاقتصاد والمالية يتولاها نزار بركة من حزب الاستقلال، ووزارته هي التي أعدت الموازنة، فإن نواب الحزب كالوا للميزانية انتقادات، مما أدى إلى التكهن بأنهم سيصوتون ضدها، الأمر الذي دفع الحكومة إلى إصدار بيان تنتقد فيه موقف نواب حزب الاستقلال من مشروع الموازنة، مما زاد الأمور تعقيدا، حيث اعتبر نواب الاستقلال موقف الحكومة تدخلا في مهام البرلمانيين ومحاولة فرض الوصاية عليهم. وطالبوا الحكومة بتقديم اعتذار رسمي لهم.

وكانت المجموعة البرلمانية للحزب دعت الحكومة إلى «تسريع وتيرة عملها، وعدم الجمود السائد الذي يؤثر سلبا على الاستثمارات». وطالب نور الدين مضيان، رئيس المجموعة البرلمانية، الحكومة «بالانتقال إلى السرعة القصوى في إنجاز برنامجها وعدم الاكتفاء بترديد الشعارات»، وتساءل مضيان عن مصير الشعار الكبير الذي رفعته الحكومة غداة تعيينها والمتمثل في محاربة اقتصاد الريع، مبرزا أنه «إذا كانت الحكومة متحمسة في البداية، إذ كثرت التصريحات والشعارات في هذا المجال، فإن هذا الحماس برد في ما بعد، دون معرفة السبب، في ما عدا إذا كانت الحكومة تعمل في صمت»، مؤكدا «ضرورة الإسراع في العمل لأن الزمن لا يرحم».

ولرفع اللبس حول موقف نواب الحزب، قال مضيان إن الحزب يرفض المشككين في التزاماته، وأضاف أن حزبه اختار المشاركة في الحكومة عن إرادة واقتناع، ويعتبر مكونا أساسيا من مكونات التحالف الحكومي لأن المرحلة تقتضي تحمله مسؤولية الشأن العام لخدمة الوطن والمواطنين، على حد تعبيره. وأشار مضيان الذي كان يتحدث أمس خلال جلسة عامة لمناقشة الموازنة السنوية، إلى أن الحزب «متمسك بميثاق الأغلبية الحكومية، بيد أن كل ذلك لا يعفينا من إبداء الرأي وتقديم النصيحة والنقد السليم للحكومة، في إطار احترام فصل السلطات وتوازنها»، مشيرا إلى أن نواب الحزب اقتنعوا برد الحكومة حول تعذر إدخال بعض التعديلات التي اقترحوها على الموازنة، بسبب الظروف الاقتصادية التي تعرفها البلاد.

جدير بالذكر أنه منذ انتخاب حميد شباط أمينا عاما للحزب، خلفا لعباس الفاسي، الذي كان يرأس الحكومة السابقة، تغيرت لهجة الحزب إزاء الحكومة، وأصبح يطالب بتعديل حكومي، لتغيير عدد من وزراء الحزب وعلى رأسهم نزار بركة وزير الاقتصاد والمالية، بيد أن حزب العدالة والتنمية يرفض فكرة إجراء أي تعديل حكومي في المرحلة الحالية، الأمر الذي خلق تشنجا بين قياديي الحزبين.

ويسعى حزب الاستقلال إلى الخروج من عباءة الحزب التاريخي المحافظ الذي رافقه طوال مراحله السياسية إلى الظهور بمظهر حزب ديمقراطي عصري.

إلى ذلك، بحث عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة، مع كريم غلاب، القيادي الاستقلالي، ورئيس مجلس النواب، العلاقة بين المؤسستين التنفيذية والتشريعية، في خضم تكهنات حول «شروخات» وسط الأغلبية الحكومية خاصة موقف حزب الاستقلال. كما تدارس، خلال اللقاء ذاته «طريقة العمل في مجال التشريع، وكذا التعامل مع مقترحات القوانين التي تتقدم بها الفرق النيابية التي ينبغي أن تتجاوب معها الحكومة، أو مشاريع القوانين التي تأتي بمبادرة من الحكومة».