واشنطن تعلن إلغاء مؤتمر حول جعل الشرق الأوسط خاليا من السلاح النووي

وسط أسف أوروبي.. ودعوات لتأجيله لا إلغائه

TT

أعلنت الولايات المتحدة عن إلغاء مؤتمر كان مقررا عقده في هلسنكي في ديسمبر (كانون الأول) المقبل حول جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من السلاح النووي وذلك بسبب «الوضع الراهن في المنطقة وعدم وجود اتفاق بين الدول المعنية»، في تطور من المحتمل أن يثير غضب الدول الغربية ولكن سيسعد إسرائيل.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند، في بيان مساء أول من أمس إن دول المنطقة لم تتمكن من الاتفاق «على شروط مقبولة لعقد هذا المؤتمر» وأشارت خصوصا إلى «الوضع الراهن في الشرق الأوسط». وأضافت أن «الولايات المتحدة تعتقد أن في المنطقة هوة عميقة تباعد بين مختلف الأفكار حول أمن المنطقة وترتيبات مراقبة الأسلحة».

وتابعت أن «هذه الاختلافات في وجهات النظر لا يمكن أن يعالجها إلا التزام مشترك واتفاق بين مختلف دول المنطقة. لا يمكن لدول خارجية أن تفرض على المنطقة عملية ولا أن تملي نتائجها». وأكدت نولاند أنه «لا يمكننا أن ندعم مؤتمرا يشعر فيه بلد من بلدان المنطقة بأنه تحت ضغط أو معزول»، في إشارة واضحة إلى إسرائيل.

وتم الاتفاق على خطة عقد اجتماع لوضع الأساس لاحتمال إنشاء شرق أوسط خال من أسلحة الدمار الشامل خلال مؤتمر عقد في مايو (أيار) عام 2010 شارك فيه 189 طرفا في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية المبرمة عام 1970.

وكانت الولايات المتحدة تخشى أن يستخدم المؤتمر الذي كان من المقرر عقده في فنلندا كمنتدى لمهاجمة إسرائيل وهو قلق يحتمل أن يكون قد زاد بعد قتال عنيف استمر 8 أيام بين الإسرائيليين والفلسطينيين وانتهى بوقف لإطلاق النار الأربعاء الماضي.

ولم تعلن إسرائيل ما إذا كانت ستشارك في المؤتمر، لكن شاؤول هوريف رئيس لجنة الطاقة الذرية في إسرائيل قال في سبتمبر (أيلول) أن الوضع «المتفجر والعدواني الحالي» في المنطقة ليس «مفيدا» لخلق مثل هذه المنطقة. وأضاف أن «مثل هذه العملية لا يمكن إطلاقها إلا في حال وجود علاقات سلمية لفترة معقولة من الوقت في المنطقة».

وتقول إيران والدول العربية أن الترسانة النووية المفترضة لإسرائيل تمثل تهديدا للسلام والأمن في الشرق الأوسط، بينما تعتبر إسرائيل والقوى الغربية إيران التهديد الرئيسي لانتشار الأسلحة النووية في المنطقة.

ومؤخرا قررت إيران المشاركة في مؤتمر هلسنكي، كما أفاد سفيرها في الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وأعلن علي أصغر سلطانية لوكالة الصحافة الفرنسية عبر الهاتف من بروكسل مؤخرا أن «جمهورية إيران الإسلامية قررت المشاركة في المؤتمر في هلسنكي في ديسمبر (كانون الأول)». وأضاف «نحن جادون حول هذه المسألة وقررنا أننا سنشارك في هذا المؤتمر بشكل نشط».

لكن دبلوماسيين غربيين يعتقدون أن طهران ربما لم توافق على حضور المؤتمر إلا بعد أن تأكد أن الاجتماع سيؤجل على أي حال.

وقاطعت إيران التي يشتبه كثير من دول العالم بسعيها لامتلاك أسلحة نووية رغم نفيها المتكرر، اجتماعا سابقا جرى العام الماضي في فيينا حول خلق منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط.

وكانت طهران رأت أن مثل هذا المؤتمر «غير مفيد» طالما أن إسرائيل الدولة الوحيدة التي تملك أسلحة نووية في الشرق الأوسط رغم عدم إعلانها ذلك، ترفض توقيع معاهدة الحد من الانتشار النووي التي وقعت عليها طهران قبل عقود.

وفي غضون ذلك، قالت بريطانيا، المشاركة مع الولايات المتحدة وروسيا والأمم المتحدة في الدعوة لهذا المؤتمر، إنها تأمل في أن يعقد «في أقرب وقت ممكن»، وأوضحت أمس أنه سيؤجل فقط ولن يلغى مؤكدة أنها تدعم جهود عقده العام المقبل، حسبما أوردته وكالة «رويتز».

وقال اليستير بيرت الوزير بوزارة الخارجية البريطانية: «ندعم الدعوة لمؤتمر في أقرب وقت ممكن. نؤيد تماما عمل منسق المؤتمر وكيل وزارة الخارجية الفنلندية جاكو لايفا لبناء التوافق بشأن الخطوات القادمة»، وتابع قائلا: «نرحب بالتزامه بإجراء مزيد من المشاورات التعددية مع دول المنطقة للاتفاق على ترتيبات لعقد مؤتمر في عام 2013».

ويعتقد على نطاق واسع أنه حتى لو تمت المحادثات فلا يتوقع كثير من التقدم فيها قريبا بسبب الخلافات العميقة في المنطقة وخاصة الصراع العربي الإسرائيلي ومخاوف إسرائيل تجاه البرنامج النووي الإيراني.

وفي تطور لاحق أمس، أعرب الاتحاد الأوروبي عن الأسف الشديد لتأجيل انعقاد المؤتمر.

وقال بيان صدر عن مكتب كاثرين أشتون، منسقة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، إن التكتل الأوروبي الموحد يتعهد بدعم الاستعدادات الجارية لعقد مؤتمر ناجح بمشاركة كل دول المنطقة. وأعربت عن أملها في أن يعقد بأقرب وقت ممكن «لأن هدفه المتمثل في التشجيع على إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، هو هدف يشترك فيه الاتحاد الأوروبي جنبا إلى جنب مع جميع أعضاء الشراكة الأورومتوسطية». وخاصة في أعقاب الاضطرابات والتغيرات التي طرأت على المنطقة، حسبما جاء في البيان الذي وزع في بروكسل أمس.