بارزاني: الأزمة ليست شخصية مع المالكي ولكنها أزمة حكم

رفض لقاء المالكي في النجف.. وأكد للصدر صاحب المبادرة: مستعدون للقائكم في أي وقت

مسعود بارزاني يتحدث لمندوبي وسائل الإعلام العربية في كردستان أمس («الشرق الأوسط»)
TT

في وقت تحدثت فيه مصادر كردية عن تحريك قوات البيشمركة إلى المناطق المتنازعة مدعومة بالأسلحة الثقيلة، رد الزعيم الكردي مسعود بارزاني على الدعوة التي وجهها إليه الزعيم الشيعي مقتدى الصدر للقاء رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في النجف، مؤكدا أنه ليست لديه أي مشكلة شخصية مع المالكي، والأزمة الحالية بالعراق هي أزمة حكم وليست أزمة شخصية بينه وبين رئيس الوزراء العراقي، مبديا استعداده للقاء الصدر في أي وقت يناسبه.

في غضون ذلك، وبمبادرة منه، دعا رئيس الإقليم مندوبي الصحافة العربية العاملة بكردستان وعددا من الكتاب والمثقفين الكرد إلى جلسة حوار حضرتها «الشرق الأوسط» للتحدث حول مجمل التطورات الحالية التي تشهدها المناطق المتنازعة، والعلاقة بين إقليم كردستان والحكومة المركزية، على خلفية الأزمة الناشبة حول تشكيل قيادة عمليات دجلة. وعرض بارزاني خلال اللقاء أسس ومسببات الأزمة من خلال حديثه عن بدايات «ظهور ملامح الموقف السلبي من المالكي من الشعب الكردي وقيادته»، مشيرا إلى «الأحداث التي وقعت بمدينة جلولاء ومنطقة خانقين عام 2008 عندما أرسل قوات الجيش إلى هناك، لكن قوات البيشمركة حرصت على عدم الدخول في مواجهة مع الجيش حرصا منها على عدم إسالة دم أي عراقي، ومنذ تلك اللحظة بدأت المشاكل تتراكم حتى انفجرت في اللحظة الأخيرة مع إعلان تشكيل قيادة عمليات دجلة».

وأعاد بارزاني إلى الذاكرة المراحل الأولى لإعادة تشكيل الجيش العراقي قائلا «إنه بعد سقوط النظام السابق سارعت القيادة الكردية إلى إعادة تشكيل الجيش في وقت لم يكن فيه الشيعة ولا السنة في العراق يجرؤون على بحث هذه المسألة، لكننا كنا نعتقد أن العراق يحتاج إلى جيش قوي ليدافع عن نفسه، خاصة مع ظهور التهديدات الإرهابية ضد العملية السياسية وبناء العراق الديمقراطي الجديد، لكن الأحداث اللاحقة للأسف أدت إلى حدوث هذه الأزمة مع الجيش، في وقت يفترض أن يكون فيه هذا الجيش لكل العراق ومدافعا عن جميع أراضيه». وأضاف بارزاني «أنا لست ضد تقوية الجيش أو تطوير قدراته، ولكني ضد أن يكون لأي شخص أو جهة جيشه الخاص، ويكون ولاؤه لغير الوطن والدستور العراقي».

وأشار بارزاني إلى مرحلة الانسحاب الأميركي، وقال «إنه كانت هناك بعض المخاوف لدى البعض من القيادات الكردية من تأثير الانسحاب الأميركي من العراق على الوضع الكردي، خاصة تداعياته على المناطق المتنازعة، لكني كنت أؤكد دائما أن الشعب الكردي باق على أرضه، وأن هذا الجيش أو ذاك يأتي ويذهب، ويبقى الشعب ملتصقا بأرضه مهما كان الثمن». وأكد بارزاني «أنا لست مؤمنا ولا معولا على وجود الجيوش الأجنبية في أي بلد، لأنه بمجرد صدور برقية لها من مراجعها ستجمع أغراضها وتذهب، والباقي هو الشعب، وكنا نأمل من السيد المالكي أن يكون هو المدافع عن الشعب الكردي في المحافل السياسية والدولية، بحكم العلاقة القديمة التي تربطه معنا، ولكن للأسف كل هذه المشاكل التي ظهرت أثناء فترة حكمه قد تراكمت وأدت إلى هذه الأزمة الكبيرة».

وتطرق بارزاني إلى بعض المشاكل العالقة بين أربيل وبغداد وموقفه منها، في مقدمتها موضوع العقود النفطية، وقال «في عام 2007 التقى مسؤولون في حكومة الإقليم مع مسؤولين في وزارة النفط العراقية، وجرى الاتفاق على مسودة لقانون النفط والغاز، وكان يؤمل عرضه على البرلمان، وجاء في تلك المسودة أنه بعد مرور فترة معينة على الاتفاق الذي جرى إذا لم يقدم مشروع القانون إلى البرلمان، عندها يحق لكل طرف أن يمضي بعقوده النفطية، ولذلك أستطيع أن أؤكد بشكل قاطع أن جميع عقودنا النفطية تتماشى مع الدستور ولا تخالفه».

وحول صفقات الأسلحة جدد بارزاني موقف قيادة الإقليم بأن الكرد «لا يخافون من توقيع صفقات الأسلحة للجيش العراقي، لكنهم متخوفون من العقلية التي تستأثر بتلك الأسلحة، هناك اليوم توتر كبير في العلاقة بسبب أزمة الثقة بين الكتل السياسية، وأن شراء الأسلحة المتطورة يعزز هذه المخاوف في ظل هذه الأزمة». وتطرق بارزاني إلى مسألة سحب الثقة من المالكي، وقال «إن مشروع سحب الثقة منه لم يكن مقترحي، بل إن جميع الأطراف التي شاركت في اجتماعاتنا رأت أنه الخيار المطلوب في هذه المرحلة وأنا لم أمانع».

وحول قيادة عمليات دجلة التي عقدت الأزمة السياسية بشكل كبير قال بارزاني «إن تشكيل تلك القيادة لم يكن دستوريا، وهذا ما يؤكده الكثير من القانونيين، وتصور المالكي أن الاختلافات التي حصلت في موضوع سحب الثقة ستتيح له فرصة للمناورة، فأعلن عن تشكيل قيادة دجلة، ورغم أن المالكي وعد الأخ الرئيس مام جلال (طالباني) بوقف تشكيل تلك القيادة فإنه مضى في تشكيلها، ونحن رفضنا ذلك، فهذه المسألة ليست مسألة شخصية حتى أتصرف فيها وحدي، هذه مسألة تهم الشعب وعليه فلا أستطيع المساومة عليها، فمهما كانت النتائج نحن لن نتنازل عن موضوع هذه القيادة ولا بد أن تتوقف».

في غضون ذلك، رفض رئيس الإقليم مسعود بارزاني دعوة وجهها إليه الزعيم الشيعي مقتدى الصدر للاجتماع بالمالكي في النجف. ونقل المتحدث الرسمي باسم رئاسة إقليم كردستان في تصريح أنه «في الوقت الذي يبدي فيه الرئيس بارزاني شكره وتقديره لهذا الموقف من أخيه سماحة السيد مقتدى الصدر، فإن الأزمة التي تواجه البلد حاليا هي ليست أزمة بين بارزاني والمالكي، بل هي أزمة تتعلق بأسلوب الحكم في العراق، وتتركز في التهرب من الالتزامات الدستورية والاتفاقات السابقة التي تمخض عنها تشكيل الحكومة الاتحادية الحالية.. ونؤكد مرة أخرى أن السيد رئيس الإقليم يسعده لقاء أخيه السيد مقتدى الصدر في أي وقت يراه مناسبا».

وفي سياق متصل، كشفت مصادر كردية خاصة بـ«الشرق الأوسط» أن قيادة قوات البيشمركة «أخرجت أسلحتها الثقيلة من مخازنها وأرسلت عددا منها إلى المنطقة المتنازعة مدعومة بعدة ألوية من قوات البيشمركة الذين سيتمركزون بالقرب من كركوك وأطرافها».

إلى ذلك، أعلن رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي، أمس، التوصل إلى اتفاق على عقد اجتماع فني عسكري بين مسؤولين من الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان العراق غدا لبحث الأزمة بين الجانبين. ولفت في بيان إلى أن «هذا يعد تطورا مهما على طريق نزع فتيل الأزمة وإنهاء الخلاف».