حزب مغربي يتهم حكومة ابن كيران بـ «تسفيه» المعارضة

حزب العدالة والتنمية وحلفاؤه يواجهون ظروفا اقتصادية صعبة

TT

اتهم حزب سياسي معارض الحكومة المغربية، التي يقودها حزب العدالة والتنمية الإسلامي، بـ«تسفيه» المعارضة و«إسقاطها»، وذلك من أجل تبرير تراجع الأداء الحكومي في مختلف المجالات. وفي غضون ذلك، يحضر عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية، جلسة شهرية جديدة الأربعاء المقبل يعقدها مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) لمساءلته بشأن السياسات العامة.

وسيتعين على ابن كيران مواجهة أسئلة البرلمانيين بشأن محورين هما سياسة التوظيف، التي تتبعها الحكومة لتوفير مناصب العمل، وهو موضوع من اقتراح فرق المعارضة، ثم موضوع دعم الحكومة للطبقة المتوسطة من اقتراح فرق الغالبية.

من جهته، قال رشيد الطالبي العلمي، النائب البرلماني عن حزب «التجمع الوطني للأحرار» وعضو مكتبه السياسي، إن كل من ينتقد الحكومة ينعت «بالتشويش» و«خدمة أجندات خاصة»، وهو ما اعتبره «خطابا تضليليا خطيرا». ووجه العلمي الذي كان يتحدث الليلة قبل الماضية في مجلس النواب خلال مناقشة مشروع الموازنة السنوية، انتقادات لاذعة إلى الأغلبية الحكومية، إلا أنه كان يقصد حزب «العدالة والتنمية» تحديدا، الذي «تجاوز في طموحاته كل الأحزاب» على حد قوله.

وكانت خلافات حادة نشبت بين الحزبين، عقب اتهام نائب برلماني من حزب العدالة والتنمية صلاح الدين مزوار، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي انتقل إلى المعارضة، بتلقيه تعويضات مالية غير قانونية إبان توليه منصب وزير الاقتصاد والمالية، في الحكومة السابقة، كما اتهم ابن كيران مزوار بتقديم أرقام مغلوطة في ما يتعلق بالموازنة السنوية للعام الماضي. وأثار كل ذلك جدلا واسعا في الساحة السياسية والحزبية.

وأشار العلمي إلى أن الحكومة لم تتمكن من إخراج سوى قانون تنظيمي واحد يتعلق بالتعيين في المناصب العليا، وهو ما يؤكد اهتمامها بتوزيع المناصب لا غير، في حين لم تتمكن من إصدار قانون ينظم عمل الحكومة نفسها.

أما في مجال محاربة الفساد واقتصاد الريع فالحكومة، من وجهة نظره «استهلكت خطاب الويل والثبور ضد المفسدين لتنتهي إلى نشر لوائح لا معنى لها»، في إشارة إلى نشر لوائح المستفيدين من رخص مقالع الرمال من قبل وزارة التجهيز والنقل التي يوجد على رأسها الوزير عزيز الرباح من حزب العدالة والتنمية، والتي تضمنت أسماء عدد من الشركات دون الإفصاح عن أصحابها من الشخصيات النافذة.

كما انتقد العلمي موقف الحكومة من العاطلين الذين يحتجون في الشارع، ووصفها لهم بـ«المشوشين والمدفوعين وخدام الأجندات»، مشيرا إلى أن الحكومة «مستمرة في عهد ما قبل الدستور وهو ما يفتح الباب على المجهول»، على حد قوله.

وكانت فرق الغالبية قد دافعت من جانبها عن مشروع الموازنة، ووصفته بأنه «مشروع الأمل والثقة والتضامن والتنمية». وما زالت التحديات المطروحة أمام حكومة الإسلاميين في المغرب، بعد سنة من فوز الإسلاميين في الانتخابات في سياق الربيع العربي، كبيرة إذ يهدد الوضع الاقتصادي وتنامي السخط الاجتماعي شعبية العدالة والتنمية الذي يقود التحالف الحكومي.

وبعد سنة واحدة بعد من الانتصار في الانتخابات وقيادته للحكومة، يواجه حزب العدالة والتنمية مع حلفائه الثلاثة اليوم (حزب الاستقلال المحافظ، والحركة الشعبية اليميني، والتقدم والاشتراكية الشيوعي)، ظروفا اقتصادية صعبة. فبعد تحقيق المغرب طيلة سنوات لنسبة نمو مريحة تراوحت بين 4 و5 في المائة، سيحقق خلال سنة 2012 نسبة نمو لن تزيد على 3 في المائة حسب الأرقام الرسمية. وسيؤثر هذا التباطؤ في النمو على الحسابات العامة للدولة، في وقت تجاوز فيه العجز 6 في المائة العام الماضي.

ويعود سبب هذا التباطؤ في النمو في جزء كبير منه إلى أزمة منطقة اليورو التي يرتبط بها اقتصاد المغرب تقليديا منذ عقود، إضافة إلى سنة فلاحية أثر عليها الجفاف خلال 2011. ويؤكد إدريس بنعلي، الخبير الاقتصادي المغربي، أن «التحديات كبيرة جدا».

ولم تسلم الحكومة من الانتقادات نظرا لافتقارها، حسب منتقديه، للإجابات الكافية عن أزمة المغرب الحالية. وكانت أكثر الانتقادات حدة تلك الصادرة عن رئاسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب الممثل لرجال الأعمال، بخصوص مشروع قانون موازنة 2013، الذي يعرف نقاشا ساخنا اليوم في البرلمان.

وبالنسبة للخبير الاقتصادي نجيب اقصبي فإن «البرنامج الانتخابي للعدالة والتنمية وعد بإصلاحات»، لكن «الأمور توقفت عند إعلان النوايا» دون تحقيقها. ومن جهته، يشير بنعلي إلى «غياب المشروع» و«القيادة ذات الرؤية».

أما في ما يخص الحكومة فيعتبر مصطفى الخلفي، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة لوكالة الصحافة الفرنسية، أن «القرارات المتخذة على المستوى الاقتصادي واضحة». وهدف الحكومة، كما يؤكد الخلفي، هو خفض نسبة العجز إلى 5 في المائة مع نهاية 2012. أما على المستوى الاجتماعي فالإنجازات كما يشرح الناطق الرسمي باسم الحكومة «عديدة، وميزتها أن لها أثرا مباشرا على حياة المغاربة».

ومن بين أهم ورش الإصلاح التي تراهن الحكومة المغربية على إنجازها «صندوق المقاصة» المخصص لدعم الفارق في أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، في المقدمة. وإضافة إلى ذلك يأتي شعار محاربة الفساد الذي كان بمثابة حصان طروادة بالنسبة لحزب ابن كيران ليفوز بالانتخابات، بينما تحذر تقارير عدة مؤسسات من تفشي الظاهرة أكثر. لكن الأمر بالنسبة لرئيس الحكومة يتطلب «وقتا أكبر».