الصراع السياسي في مصر يحول مدرسة للمشاهير إلى ثكنة لقوات الأمن

«ليسيه الحرية».. شيدها المعماري حسن فتحي عام 1939

TT

تسبب الصراع السياسي بمصر في تحويل مدرسة تخرج منها مشاهير المصريين إلى ثكنة لقوات الأمن. واشتعلت النيران في مدرسة «ليسيه الحرية» في خضم الاضطرابات والمظاهرات التي تشهدها القاهرة، بعد أن كان قد شيد هذه المدرسة المعماري حسن فتحي عام 1939.

وقبل أن يقفز اسم مدرسة «ليسيه الحرية» الكائنة على بعد خطوات من ميدان التحرير مؤخرا إلى بؤرة الأحداث مع تصاعد الاشتباكات بين قوات الأمن المركزي والمتظاهرين والبلطجية أثناء إحياء ذكرى أحداث شارع محمد محمود؛ كانت تلك المدرسة وعلى مدار سنوات طويلة على العكس تماما، تتسم بالهدوء في تأدية مهمتها التعليمية، منذ تأسيسها قبل نحو سبعين عاما.

وتتخذ مدرسة «ليسيه الحرية» اللغة الفرنسية كلغة تعليم أولى. والآن؛ وبعد كل هذه السنوات، تحولت المدرسة إلى مقر لقوات الأمن، التي اعتلت سطحها لإلقاء الحجارة على المتظاهرين، وإطلاق الخرطوش وقنابل الدخان لتفريقهم، ما عرض المدرسة إلى إتلاف وتكسير محتوياتها، وهو ما دعا وزير التربية والتعليم المصري، الدكتور إبراهيم غنيم، لوصف تخريب المدارس وحرقها بأنه «تصرف غير وطني».

وأكد الوزير أيضا أن إحراق مدرسة «ليسيه الحرية» «جريمة لن تمر دون عقاب»، بينما قام طلاب وخريجو المدرسة أول من أمس بتطويق مدرستهم بحزام بشري لحمايتها من الاشتباكات المندلعة طيلة الأيام السبعة الأخيرة، كما أصدروا بيانا يدينون فيه استغلال قوات الأمن لمباني المدرسة في الهجوم على المتظاهرين، وإهدار ممتلكاتها وأثاثها.

تقول هاجر صلاح من رابطة خريجات المدرسة لـ«الشرق الأوسط»: «رجال الأمن اقتحموا المدرسة واستغلوها لموقعها الاستراتيجي على شارع محمد محمود، ولم يهتم أحد بحماية هذا الحرم المدرسي، وهو ما لفت الأنظار إليها من قبل بعض البلطجية المندسين وسط المتظاهرين لضربهم مما أضر بالفصول ومقتنيات المدرسة التي ننتمي إليها».

وبينما ارتفع هتاف طلاب المدرسة «مدرستي مكان تدريس مش قسم بوليس»، أضافت هاجر: «هدفنا وقف الاشتباكات بين الطرفين وإخلاء سطح وفصول المدرسة تماما من القوات وتأمين بوابات ومباني المدرسة بالكامل، والتحقيق الفوري مع مديرة المدرسة التي سمحت باستخدام المدرسة في ضرب المدنيين سواء بالتصريح لهم بالدخول أو عدم اتخذاها أي إجراءات قانونية تخلي مسؤوليتها مما يحدث، وأن تتحمل وزارة الداخلية مسؤولية إصلاح ما تم إتلافه من ممتلكات المدرسة».

وتعد «ليسيه الحرية» صرحا تاريخيا وأثريا؛ حيث يعود تاريخ تشييدها إلى عام 1939، بتصميم من شيخ المعماريين حسن فتحي، وتضم المدرسة مجموعة من المقتنيات الأثرية التي لا تقدر بثمن، منها نسخة كتاب وصف مصر، وحفريات متحف الجيولوجيا، إلى جانب أدوات المعامل والوسائل التعليمية واللوحات الفنية التي تضمها.

ويقول مسؤول أمني إن القوات التي توجد في المدرسة تهدف إلى حمايتها من المتظاهرين والحفاظ على المحتويات الموجودة فيها، إلى حين انتهاء الاشتباكات الدائرة في محيط المدرسة القريبة من ميدان التحرير وشارع محمد محمود وشارع القصر العيني.