«الجيش الحر» يحذر من إبادة ريف دمشق.. ويحاصر القوات النظامية في حلب

المقداد لـ «الشرق الأوسط»: لاريجاني توعد أمام ضباط سوريين بتدخل إيراني مباشر منعا لسقوط النظام

شبان وأطفال سوريون أثناء اجتياز الأسلاك الشائكة متجهين نحو رأس العين السورية ومدينة سيلانبينار التركية أمس (رويترز)
TT

أعلن الجيش السوري الحر أمس أن مناطق كثيرة من ريف دمشق «تتعرض لإبادة حقيقية بقصفها بالمدفعية الثقيلة الصواريخ»، بالتزامن مع اشتباكات عنيفة بين مقاتلي المعارضة والقوات الحكومية تدور في أحياء جنوب دمشق، واشتباكات أخرى في حلب تترافق مع خطة «حصار المقار الأمنية» التي بدأ المعارضون تنفيذها. وجاءت تلك التطورات بالتزامن مع إعلان عدد من الضباط المعارضين تشكيل قيادة الأمن الداخلي، كما أكدت كتائب معارضة في حلب دعمها للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، بينما أحصت لجان التنسيق المحلية سقوط 39 قتيلا في حصيلة أولية، 19 منهم في دمشق وريفها.

وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بوقوع معارك عنيفة بين مقاتلي المعارضة والقوات الحكومية في أحياء جنوب دمشق، بالتزامن مع القصف بالمدفعية من قبل الجيش السوري النظامي. وأشار المرصد إلى أن المعارك استمرت طوال ليل الجمعة - السبت، بينما سقطت قذائف على حيي التضامن والقدم الفقيرين جنوب دمشق؛ حيث يحاول مقاتلو المعارضة الوصول إلى وسط العاصمة منهما.

وقال الناطق الرسمي باسم المجلس العسكري الأعلى للجيش السوري الحر لؤي المقداد إن المناطق المحيطة بالعاصمة دمشق بشكل دائري «تتعرض لإبادة حقيقية، وسط خطة ممنهجة لإزالتها عن الخريطة»، مشيرا في اتصال مع «الشرق الأوسط» إلى أن «حجم القصف الذي انهمر على داريا ودف الشوك ومخيم اليرموك وأحياء التضامن والقابون يؤكد أن (الرئيس السوري) بشار الأسد حصل على الضوء الأخضر من رئيس مجلس الشورى الإيراني بعد زيارته إلى دمشق أمس لإبادة الأحياء المعارضة». وإذ أشار إلى أن بعض الأحياء تتعرض للقصف بالمدفعية والدبابات مثل القابون وحرستا، أكد أن حيي التضامن وداريا «شهدا قصفا بالصواريخ»، لافتا إلى أن القصف «يأتي من مواقع الجيش المتمركز على الجبال».

ونفى المقداد الأخبار التي تتحدث عن حملات دهم واعتقال بحق الناشطين، مشددا على أن الخطة التي أعلنها الجيش السوري «تقضي بإعدام المعارضين ميدانيا وضرب البيوت والأحياء التي ينتشر فيها المقاتلون المعارضون، وهدم الأبنية التي يتمركز فيها قناصو الجيش الحر».

إزاء ذلك، أوضح المقداد أن الجيش السوري الحر «يتريث قبل إعلان معركة تحرير دمشق، على الرغم من قدرتنا على إشعال معركة بمائتي مقاتل على الأقل بأحيائها»، مشيرا إلى «اكتفائنا بتنفيذ العمليات النوعية والاغتيالات والاستهدافات الأمنية والعمليات الجراحية العسكرية داخل العاصمة كي لا تدمر». وأضاف: «من دروس حلب وحمص ودرعا التي تعلمناها، أن المجتمع الدولي لن يتدخل لإنقاذ المحافظات، والنظام لا يتوانى عن ضرب محافظة بأكملها وتدميرها»، مشيرا إلى أن «القصف التحذيري أول من أمس الذي استهدف الجامع الأموي حيث سقطت قذيفة في باحته، وأخرى في أحد أحياء دمشق القديمة، والذي يحمل إشارة إلى أن النظام لن يتردد بتدمير تراث دمشق، العاصمة التي لم يهدمها أي من الغزاة على مر التاريخ».

وكشف المقداد أن رئيس مجلس الشورى الإيراني لدى زيارته إلى دمشق «اجتمع بوزير الدفاع السوري بحضور كبار الضباط في الجيش، بهدف رفع معنويات قوات النظام؛ حيث أبلغهم أن إيران لن تتخلى عن سوريا وعن رئيسها بشار الأسد». وأشار إلى أن «اجتماعا آخر جمع لاريجاني بكبار الضباط الأمنيين، أكد لهم أن إيران لن تتخلى عنهم، وتضمن حياتهم وعائلاتهم في أسوأ الأحوال، وأن إيران لن تسمح بسقوط النظام حتى لو أدى ذلك إلى تدخل عسكري مباشر من قبلها في سوريا». في غضون ذلك، أعلن المركز الإعلامي السوري عن تدمير مروحية ورادار بمطار مرج السلطان بريف دمشق. بدورها، قالت شبكة «شام» الإخبارية المعارضة إن «قصف المدفعية الثقيلة تجدد على أحياء دمشق الجنوبية خصوصا القدم والعسالي، وكذلك الحال ببلدتي الزبداني وداريا». وقال ناشطون، إن الدبابات وراجمات الصواريخ المتمركزة في حواجز النظام العسكرية بالجبل الشرقي استهدفت عددا من الساحات العامة والمنازل في الزبداني، ما أسفر عن سقوط كثير من الجرحى بينهم اثنان بحالة خطرة، كما شمل القصف العشوائي إحدى كنائس البلدة المجاورة للحدود اللبنانية.

ورصدت شبكة «شام» مساء أمس عشرات المواقع التي شهدت اشتباكات بين الثوار وقوات النظام؛ حيث هاجم الجيش الحر حاجزا في حي الفحامة وفرع مكافحة المخدرات في حي مساكن برزة بدمشق، كما تصدى لمحاولة قوات الأمن والشبيحة اقتحام حيي القابون وكفرسوسة.

وأفادت لجان التنسيق المحلية أن دوما تعرضت مساء أمس لقصف عنيف براجمات الصواريخ، بالإضافة إلى قصف تعرضت له المعضمية وداريا والبرامكة وببيلا ومسرايا. هذا، وأفاد ناشطون أن الثوار دمروا ثلاث دبابات بداريا، وقتلوا الكثير من جنود النظام، كما تصدوا لمحاولة جيش النظام اقتحام بلدة سبينة. وأفادت «سانا الثورة» أن قصف النظام السوري استهدف أكثر من 100 مدرسة ابتدائية وإعدادية وثانوية في دمشق وريفها، كما حول بعضها إلى ثكنات عسكرية، مما أدى إلى تعطل الدراسة فيها.

إلى ذلك، أفاد المركز الإعلامي السوري بانشقاق اللواء محمود العلي، رئيس مكتب الدراسات والتخطيط في وزارة الداخلية. وأفاد ناشطون باستهداف الجيش الحر حاجز مفرق النهضة على طريق مطار دمشق الدولي. وذكرت لجان التنسيق المحلية في سوريا أن اشتباكات عنيفة وقعت بين الجيشين الحر والحكومي في حي تشرين في العاصمة دمشق. كما جددت القوات الحكومية عمليات القصف على مناطق بساتين كفرسوسة بدمشق وسقبا وجسرين وعربين وزملكا ومعظم مدن وبلدات الغوطة الشرقية في ريف دمشق براجمات الصواريخ وقذائف الهاون.

إلى ذلك، أكد نائب رئيس الأركان في الجيش السوري الحر العقيد عارف الحمود أن أعداده فاقت أعداد قوات النظام السوري الذي «بدأ التخلي عن المناطق البعيدة وتركيز ثقله في العاصمة»، لافتا إلى أنها «الخطوة الأولى باتجاه معركة دمشق الكبرى».

وفي تصريحات لوكالة الأناضول، أوضح أن «الثوار بدأوا يلتمسون الآثار الإيجابية لهذه الخطوة؛ حيث يتم حصد نتائجها في عدة مناطق، وبالتحديد في دير الزور والميادين وإدلب وحلب». وتحدث الحمود عن «إرباك كبير» يعيشه النظام مع احتدام معارك دمشق، باعتبار أن للعاصمة أهمية استراتيجية، و«سقوط النظام سيكون هناك»، بحسب توقعاته. واستدل على ذلك بأنه «بدل أن يرسل النظام قواته إلى المناطق التي تشهد معارك في الأطراف نراه يغادرها متوجها بقواته إلى العاصمة، وقد سحب مؤخرا عددا كبيرا من العناصر من حمص باتجاه دمشق». في المقابل، أفادت وكالة «سانا» الرسمية السورية للأنباء أن وحدة من القوات النظامية اشتبكت مع مجموعة إرهابية كانت تروع المواطنين وتعتدي على الممتلكات العامة والخاصة بالقرب من دوار الباسل في داريا بريف دمشق محققة إصابات مؤكدة بين صفوف الإرهابيين.

وذكر مصدر مسؤول للوكالة أن الاشتباك أسفر عن القضاء على عدد من أخطر الإرهابيين القناصين من تنظيم القاعدة كانوا يتحصنون في منازل الأهالي بعد تهجيرهم منها ومصادرة صنوف من الأسلحة والذخيرة التي كانوا يستخدمونها في الاعتداء على المواطنين ورجال الجيش.

وأضافت أن وحدة من القوات المسلحة لاحقت مجموعة إرهابية في زملكا بالغوطة الشرقية في ريف دمشق كانت تروع الأهالي في البلدة وقضت على عدد من أفرادها. وقال مصدر مسؤول لمندوبة «سانا» إنه تم القضاء على عدد من الإرهابيين ينتمون لجبهة النصرة المرتبطة بالقاعدة بينهم رامي قاذف «آر بي جي» كما تمت مصادرة أصناف من الأسلحة والذخيرة كانت بحوزتهم بينها بنادق آلية وقناصات متطورة.

بدورها، أفادت قناة «العالم» الإيرانية أن «الجيش السوري استهدف أوكار المسلحين في بساتين دف الشوك وبساتين يلدا بريف دمشق».

في هذا الوقت، ذكر المرصد السوري أن حلب، شهدت معارك عنيفة بين المعارضة المسلحة والجيش النظامي، بالإضافة إلى تدمير دبابة ببلدة خان العسل ومحاصرة كلية المشاة وقتل ثلاثة قناصة في محيط مبنى الأمن الجوي بحي الليرمون. كما جرى إطلاق نار كثيف قرب مقر حزب البعث في حي المساكن في مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا.

من جهته، أفاد اتحاد تنسيقيات الثورة بوقوع اشتباكات عنيفة في محيط مبنى المخابرات الجوية وقرب دوار شيحان ومحيط بني زيد في مدينة حلب.

وقالت مصادر عسكرية معارضة لـ«الشرق الأوسط» إن، «المعارضين يستهدفون البؤر الأمنية التي ما زالت قائمة في حلب»، مشيرة إلى امتداد المعارك «باتجاه مبنى المخابرات الجوية المحاصر الذي يجري إعداد العدة لخرق هذا الحصار من قبل شبيحة النظام». وقالت المصادر، إن «استراتيجية الحصار التي اتبعناها عادت علينا بفوائد كبيرة، كوننا قطعنا خط الإمداد عن القوات النظامية في حلب، واستنزفنا مواردهم، كما استطعنا أن نغنم ذخائر وطعام بعدما فشلت المروحيات في إسقاطها في مراكزهم نتيجة استهداف الطائرات بأسلحتنا الخفيفة ما يبعدها عن هدفها»، لافتة إلى أن هذه الخطة «نجحت أيضا في سراقب».

وقال ناشطون إن مدينة الباب في ريف حلب تعرضت لقصف عنيف بالبراميل المتفجرة التي ألقتها طائرة مروحية حكومية. كما أفاد اتحاد تنسيقيات الثورة بتصدي «الجيش الحر لثلاثة زوارق حربية مقبلة من منطقة الطبقة إلى سد تشرين عبر نهر الفرات وأجبرها على الانسحاب في ريف حلب».

في هذا الوقت، أصدر عدد من كتائب الجيش الحر في حلب بيانا مسجلا يؤكد دعمها لائتلاف المعارضة، وذلك ردا على بيان سابق لعدد من الكتائب يتحدث عن رفضها للائتلاف. وجاء في البيان الذي تلاه قائد لواء التوحيد عبد القادر صالح أن البيان السابق كان قد صدر عن بعض الكتائب في حلب نتيجة تهميش «القوى الفاعلة على الأرض والتي تقود معارك التحرير في حلب». وأكد صالح دعم الجيش الحر لائتلاف المعارضة ما دام ملتزما بتطلعات الشعب السوري والقوى الثورية، مع مطالبة الائتلاف بزيادة تمثيل القوى الثورية وتفعليها في أجهزته ومكاتبه.