تونس: ائتلاف مدني مناهض للعنف يطالب بحل رابطات حماية الثورة.. ومحافظة سليانة تعلن إضرابا عاما غدا

أحد شيوخ «السلفية الجهادية» يدعو الشعب إلى «التبرؤ» من الحكومة

TT

دعا ائتلاف مدني تونسي أمس خلال مسيرة سلمية بوسط العاصمة التونسية إلى حل رابطات حماية الثورة المتهمة بممارسة العنف.

وطالب الائتلاف، خلال المسيرة التي انطلقت من شارع الحبيب بورقيبة تحت شعار «كفى عنفا»، وشارك فيها عدد من المنظمات المدنية والأحزاب المعارضة، بحل رابطات حماية الثورة «التي تحولت إلى هياكل تدعو للكراهية بين التونسيين وللتحريض على العنف»، بحسب منظمي المسيرة.

وتتهم الرابطات المقربة من الائتلاف الحاكم، والتي تشكلت بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، بممارسة عنف ممنهج ضد الأحزاب المعارضة.

وكانت قد وجهت إليها أصابع الاتهام في مقتل القيادي بحزب حركة نداء تونس لطفي نقض أثناء مسيرة احتجاجية نظمتها بمحافظة تطاوين (جنوب البلاد) في 18 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ووجهت عدة أحزاب تونسية من بينها حزب المسار والحزب الجمهوري وحركة نداء تونس، إثر حادثة القتل، دعوات بحل الرابطات لأن وجودها لم يعد مبررا مع تجاوز مؤسسات الدولة لحالة الفراغ التي أعقبت سقوط النظام السابق. كما حذرت تلك الأحزاب من استشراء العنف السياسي في البلاد قبل أشهر من انطلاق الحملات الانتخابية، بعد الانتهاء من صياغة دستور جديد بالمجلس الوطني التأسيسي.

وصرح سمير بالطيب الناطق باسم حزب المسار التونسي، والنائب في المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) لوكالة الأنباء الألمانية، في وقت سابق بأن «الحكومة مطالبة بتطبيق القانون والتصدي للعنف وحل رابطات حماية الثورة».

إلى ذلك، دعا أحد شيوخ التيار السلفي الجهادي أول من أمس التونسيين إلى «التبرؤ» من الحكومة التي تقودها حركة النهضة الإسلامية، و«مقاطعتها وعدم المشاركة في أي عمل من أعمالها»، وذلك بعد وفاة شابين سلفيين متهمين بمهاجمة السفارة الأميركية لدى تونس، إثر إضرابهما عن الطعام لأكثر من 50 يوما داخل السجن. كما دعا إلى تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية و«رفض غيرها من الشرائع» وإلى «معاداة» من يتبع الديمقراطية لأنها «كفر»، وفق تعبيره، حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال الشيخ خميس الماجري، في مؤتمر صحافي بجامع الحرم الجامعي في العاصمة تونس، إن بشير القلي (23 عاما) ومحمد البختي (28 عاما) «قتلا، ولم يموتا بسبب إضراب الجوع»، جراء ما سماه «إهمال الدولة وتخاذلها عن إنقاذهما» خلال فترة إضرابهما عن الطعام داخل سجن المرناقية قرب تونس العاصمة.

وأضاف الماجري خلال المؤتمر الذي حضره مئات من أنصار التيار السلفي الجهادي، أن وفاة السلفيين المضربين عن الطعام ستبقى «وصمة عار في جبين الحكومة والمعارضة والإعلام والحقوقيين والشعب التونسي»، على حد قوله.

وذكر الماجري أن الحكومة التي تقودها حركة النهضة قتلت منذ توليها الحكم 11 سلفيا (9 قضوا برصاص الأمن، و2 جراء إضراب عن الطعام داخل السجن).

وفي 14 سبتمبر (أيلول) 2012 قتل أربعة متظاهرين خلال مواجهات مع مئات من الإسلاميين الذين هاجموا مقر السفارة الأميركية في العاصمة تونس احتجاجا على فيلم مسيء للإسلام أنتج في الولايات المتحدة. وبعد مهاجمة السفارة، باشرت الشرطة حملة اعتقالات في صفوف السلفيين الجهاديين الذين دخل عشرات منهم في إضرابات عن الطعام داخل السجن للمطالبة بإطلاق سراحهم أو تسريع محاكمتهم.

ودعا الماجري التونسيين إلى «نصرة الإسلام والتحاكم بالشريعة (الإسلامية) التامة ورفض التحاكم بغيرها من الشرائع»، معتبرا أن «الشعب ثار استجابة لحركة المجاهدين في العالم». وتابع أن «الغرب الماكر التف على الثورة وسلم السلطة (في تونس) إلى الإخوان المسلمين»، في إشارة إلى حركة النهضة.

ودعا الماجري التونسيين إلى «التبرؤ من الحكومة ومقاطعتها وعدم مشاركتها في أي عمل من أعمالها حتى تتوب إلى ربها، وتحكم شرع الله»، قائلا إن «الديمقراطية كفر» وإنه يجب «معاداة» من يتبع الديمقراطية.

وأضاف أنه ليس هناك اليوم «مساجين سياسيون» في السجون التونسية باستثناء «السلفيين»، مطالبا السلطات بإطلاق سراحهم ووقف المتابعات القضائية.

وفي 16 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، أعلنت وزارة العدل أن القضاء التونسي يلاحق 450 سلفيا في 59 قضية، بينها قضية مهاجمة السفارة الأميركية، وأوضحت أن 178 من هؤلاء معتقلون، و149 في حالة سراح، و123 في حالة فرار.

ويلاحق هؤلاء للاشتباه في تورطهم في مواجهات مسلحة جرت مطلع فبراير (شباط) 2012 قرب بلدة «بئر علي بن خليفة» بولاية صفاقس (وسط شرق) بين الجيش والأمن التونسيين ومجموعة مرتبطة بتنظيم القاعدة، وفي أعمال عنف وتخريب قادها سلفيون يومي 11 و12 يونيو (حزيران) 2012 في ثماني ولايات احتجاجا على معرض للفن التشكيلي قالوا إنه تضمن لوحات مسيئة للإسلام، وفي مهاجمة السفارة الأميركية.

يذكر أن الماجري (58 عاما) كان لاجئا في فرنسا منذ 1990. وعاد إلى تونس بعد الإطاحة بنظام الرئيس بن علي. وفي فرنسا، نشط الماجري في مجال الدعوة الإسلامية، وقد أوقف عن هذا النشاط بقرار من شرطة مقاومة الإجرام في باريس إثر اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول) 2001. من جهة أخرى، أعلنت منظمة نقابية بتونس إضرابا عاما في كامل محافظة سليانة غدا (الثلاثاء) للمطالبة برحيل المحافظ بالجهة، والإسراع بإطلاق برامج التنمية بها.

وأعلن في وقت سابق الاتحاد الجهوي للشغل التابع للاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر منظمة نقابية بتونس، دخول سليانة (120 كلم غرب العاصمة تونس) في إضراب عام غدا الثلاثاء. وتشهد المدينة احتجاجات انطلقت منذ الأربعاء الماضي من داخل مقر المحافظة، حيث يطالب عدد من الأعوان ورؤساء المصالح بإقالة المحافظ أحمد الزين المحجوبي، ودخل بعضهم في اعتصام أمام المقر.

وتدخلت قوات الأمن بالقوة الخميس للتصدي للتحرك الاحتجاجي وتفريق المعتصمين باستخدام مكثف للغاز المسيل للدموع، ما أثار سخط الأهالي.

ويتهم المحافظ المنظمة النقابية باستغلال مناوشات بين موظفي الولاية (مقر المحافظة) وتضخيمها وتأجيج الاحتجاجات بالجهة.

وسبق أن نفذت المدينة إضرابا عاما الجمعة شمل جل المرافق الاقتصادية والاجتماعية بالجهة احتجاجا على التدخل الأمني، فيما جاب الآلاف من المتظاهرين المدينة في مسيرة سلمية.