إسرائيل تستأنف حربها على الرئيس الفلسطيني

انتقدت إدارة أوباما لأنها «لا تمارس ضغوطا كافية على السلطة الفلسطينية»

TT

على الرغم من الطلب الأميركي من الحكومة الإسرائيلية بأن لا تعاقب السلطة الفلسطينية، فإن مسؤولين إسرائيليين خرجوا بتصريحات عدائية شديدة اللهجة وتهديدات صريحة لها في حال تنفيذها خطتها وطرح طلب التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة، الخميس المقبل، على المشروع الفلسطيني لرفع مكانة منظمة التحرير إلى دولة غير عضو.

وبدا أن حكومة اليمين الإسرائيلي استأنفت حربها ضد الرئيس الفلسطيني محمود عباس بسبب إصراره على طرح مشروعه، وطالت هذه الحرب حتى الإدارة الأميركية؛ فحسب صحيفة «معاريف»، أمس، فإن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ووزير خارجيته أفيغدور ليبرمان، «ينتقدان بشدة الإدارة الأميركية لأنها لا تضغط بما فيه الكفاية لمنع الفلسطينيين من التوجه للأمم المتحدة للحصول على اعتراف بالدولة غير العضو». وقال مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى، وفقا للصحيفة، إن الأميركيين يعارضون التوجه الفلسطيني للأمم المتحدة، لكنهم لا يمارسون الضغوط الكافية على الفلسطينيين «من أجل إنزالهم عن الشجرة». وأضافت الصحيفة، أن الانتقادات الإسرائيلية أرسلت للإدارة الأميركية، كما تم بحث الموضوع خلال زيارة وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إلى تل أبيب، التي أبلغت نتنياهو أن الرئيس عباس يصر على التوجه للأمم المتحدة.

وذكرت صحيفة «إسرائيل هيوم»، المقربة من نتنياهو، أن مصدرا سياسيا رفيعا اعتبر مشروع عباس بمثابة «كسر لكل القوالب»، وقال: «إذا لم تنجح واشنطن وغيرها من العواصم الغربية في لجم أبو مازن في الوقت المناسب قبل الخميس، فإن إسرائيل ستتصرف براحتها (حتى يدفع أبو مازن، وسلطته في رام الله، ثمن عناده)».

ونقلت الصحيفة عن وزير المالية الإسرائيلي، يوفال شتاينتس، قوله إنه تكلم قبل أيام، مع رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض، وحذره من مغبة المضي قدما في طرح المشروع في الجمعية العامة، وأخبره بأن حكومته لن تكتفي هذه المرة، بحجب أموال الضرائب عن السلطة الفلسطينية (التي تجبيها إسرائيل في موانئها لصالح السلطة الفلسطينية، مقابل عمولة بنسبة 3.5%)، بل ستقطع علاقات التنسيق المالي بين الطرفين، وهو ما يعني أنها ستدخل السلطة الفلسطينية في مأزق مالي خطير، على صعيد المعاملات البنكية ومخزون الأموال النقدية ومواضيع الاستيراد والتصدير وغيرها.

وكان وزير البيئة الإسرائيلي، جلعاد إردان، المقرب من نتنياهو، قد تفوه بكلمات قاسية ضد أبو مازن، خلال ندوة عقدت في تل أبيب أول من أمس. فقال إن الرئيس الفلسطيني «هو أسوأ من حماس بالنسبة لإسرائيل. فإذا كانت حماس تطلق الصواريخ، فإن عباس يصفق لها. وإذا كانت حماس تدير سياسة عداء لإسرائيل بالعلانية والسرية، فإن عباس يدير سياسة تطرف ضد إسرائيل بالسر، ولكنه يتكلم للإسرائيليين بلغة معتدلة بهدف تضليلهم».

وقال إردان: «حتى بالمقارنة مع ياسر عرفات، يظهر أبو مازن سيئا. فعلى الأقل كان عرفات يرتدي بزة عسكرية، فنفهم أننا نقاتل إرهابيا. ولكن عباس يرتدي بدلة أصحاب عمل، ويبتسم، علنيا، ولكنه يدعم الإرهاب، وهو في الواقع أصعب الشرّين».

وكانت أوساط سياسية قد كشفت، خلال حديث مع «إسرائيل اليوم»، نشر أمس، أن وزراء خارجية الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، الذين زاروا المنطقة قبل أيام، حاولوا إقناع عباس بالتراجع عن خطته حاليا، وأن الوزيرة الأميركية كلينتون، قدمت له «جزرة وعصا»، فهددت بأن إسرائيل سوف ترد بشراسة على نجاحه في الأمم المتحدة، وفي الوقت نفسه عرضت عليه مساعدات أميركية وخطوات إسرائيلية إيجابية في حال تراجعه، لكنه أصر على موقفه؛ بل أبلغ كلينتون بأن عجلات القطار قد بدأت تتحرك والقطار قد غادر المحطة.

وكانت صحيفة «هآرتس» قد نشرت في نهاية الأسبوع الماضي أن كلينتون التي عادت خائبة من رام الله، واجتمعت مع نتنياهو ووزيري الخارجية أفيغدور ليبرمان والدفاع إيهود باراك، وحذرتهم من مغبة اتخاذ إجراءات عقابية ضد السلطة في حال توجهها إلى الأمم المتحدة. وأكدت صحيفة «معاريف» أن إسرائيل فشلت في إقناع الاتحاد الأوروبي بعدم التصويت إلى جانب الفلسطينيين أو على الأقل الامتناع عن التصويت، وأن ليس لديها حاليا سوى تشيكيا وإيطاليا ستصوتان ضد المشروع الفلسطيني.

يذكر أن إسرائيل كانت قد هددت رسميا، قبيل الحرب على غزة، بالرد على مشروع منظمة التحرير الفلسطينية للاعتراف بفلسطين دولة غير عضو في الأمم المتحدة، بسلسلة خطوات عنيفة في مقدمتها إلغاء السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وإسقاط الرئيس محمود عباس.