القنابل العنقودية تقتل أطفال سوريا.. والجيش الحر يعزل حلب

المعارضون يحصلون على أسلحة نوعية.. والقصف مستمر على جنوب العاصمة

TT

تسجل وتيرة العمليات العسكرية، لا سيما النوعية منها، تطورا ملحوظا في الأيام الأخيرة، وذلك إثر الإعلان عن حصول الجيش الحر على أسلحة نوعية ستغير موازين القوى، بحسب ما أفاد المركز السوري للإعلام. وآخر هذه العمليات سجل أمس، من خلال سيطرة الجيش الحر على سد «تشرين» الذي يضم مواقع عسكرية ويعرف بأنه المسؤول عن تغذية حلب بالطاقة الكهربائية، كما سيطر على ثاني أكبر كتيبة في البلاد لمضادات الطيران بريف دمشق، وبدأ باستخدام الأسلحة التي «اغتنمها» وأسقط طائرتي «ميغ» في الغوطة الشرقية. وفي حين وصل عدد قتلى أمس، بحسب الحصيلة الأولية التي أعلنت عنها لجان التنسيق المحلية، إلى 87 قتيلا معظمهم في دمشق وريفها وحلب، كانت القنابل العنقودية التي يستخدمها النظام تستهدف أطفال سوريا وتقتل عددا منهم في ريف دمشق.

وقد ذكر المركز السوري للإعلام والاتصال أن الجيش السوري الحر نجح في الأيام القليلة الماضية في الحصول على كميات كبيرة من الأسلحة النوعية بما فيها أسلحة مضادة للطيران وأخرى مضادة للدروع والدبابات، مما يتوقع أن يؤدي إلى تغيير كبير في موازين القوى الميدانية. وأشار إلى أن كمية من الأسلحة والصواريخ وزعت على عدة كتائب ميدانية من قبل القيادة المشتركة للجيش الحر، وتم تدريب المقاتلين والثوار على استخدامها تحت إشراف ضباط محترفين من الجيش الحر، وستمكن تلك الأسلحة الثوار من إنهاء آخر القواعد العسكرية التي تتحصن فيها ميليشيات النظام وقواته بما في ذلك المطارات، مما سيؤدي حكما إلى شل قدرة النظام على مواصلة القصف، وبالتالي سيتحول شمال سوريا وشرقها وجزء من المنطقة الغربية إلى مناطق آمنة يمكن لقوى المعارضة والمجالس المحلية العمل فيها بحرية.

في المقابل، بث المرصد السوري لحقوق الإنسان صورا يظهر فيها الثوار مع أسلحة صادروها عند سد تشرين الواقع على نهر الفرات بين حلب والرقة، حيث سيطروا عليه أمس بعد أسبوع من المعارك. وقال الثوار إن السيطرة على السد ستوفر لهم ممرا إضافيا بين المدينتين المتاخمتين لتركيا، ويبلغ طول السد أربعين مترا ويضم ستة مولدات لتوليد الكهرباء التي تغذي حلب ومدنا أخرى بالشمال.. كما أكد مراقبون أن الاستيلاء على السد سيسفر عمليا عن قطع الطرق التي تربط محافظة الرقة (شمالي شرق) بمدينة حلب (شمال).

وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية إن «الاستيلاء على السد خطوة مهمة جدا، لأنها تعني عمليا قطع كل الطرق التي تصل الرقة بحلب أمام الجيش»، مشيرا إلى أن هناك «طريقا صغيرة متبقية تجتاز النهر، لكنها صعبة ووعرة جدا». حيث يفترض بقوات النظام المرور في مدينة معرة النعمان (الواقعة تحت سيطرة الثوار منذ الشهر الماضي) من أجل استقدام تعزيزات إلى حلب من دمشق من طرق صالحة.. وبذلك، يكون المقاتلون المعارضون أحكموا سيطرتهم على المنطقة الممتدة على مسافة 70 كيلومترا بين محافظتي حلب والرقة المتاخمتين للحدود التركية؛ من دون أن يعني ذلك أنهم أصبحوا في منأى عن الغارات الجوية.

وفي الوقت نفسه، أعلن الجيش الحر سيطرته على كتيبة الرحبة قرب مطار مرج السلطان بريف دمشق، وهي ثاني أكبر كتيبة في البلاد لمضادات الطيران المعروفة بـ«الشيلكا»، وأنه استولى على أكثر من 11 آلية عسكرية وكمية كبيرة من الذخائر والمضادات الجوية.

واعتبر رائد الفضاء السوري اللواء المنشق محمد فارس سيطرة الثوار على مطاري الحمدان بدير الزور ومرج السلطان بريف دمشق انتصارا استراتيجيا، لافتا إلى أن النظام ما زال يمتلك العديد من الطائرات التي لم تستخدم حتى الآن، لكنه شدد على أنه يتآكل؛ حيث تتصارع ثلاثة تيارات داخله بشأن انتشار قواته.

وفي هذا الإطار، قال نائب رئيس الأركان في الجيش الحر العقيد عارف الحمود لـ«الشرق الأوسط» إن النظام قصف وللمرة الأولى مخيمي «قاح وأطمة» على الحدود التركية اللذين يضمان آلاف النازحين، «كما حلق الطيران فوق الحدود التركية حيث مقرات للجيش الحر». وأكد الحمود أن العمليات على الأرض هي لصالح الجيش الحر، فيما قوات النظام بدأت تفقد معنوياتها خصوصا بعدما سحب النظام قوات النخبة إلى داخل العاصمة ومحيطها تحسبا من العمليات التي قد تستهدف دمشق. ولفت الحمود إلى أن آخر إشارات هذا الانهيار تمثلت بسقوط «سد منبج» بموقعه الاستراتيجي، ويعتبر فقدانه بالنسبة إلى النظام فقدان سيطرته على مناطق الرقة وحلب وإدلب، التي بات النظام عاجزا عن إرسال تعزيزاته إليها، وبالتالي يستهدفها فقط بالقصف، مؤكدا أن الجيش الحر يحضر لعمليات واسعة في كل المناطق السورية.

في هذه الأثناء، قال ناشطون إن النظام ارتكب مجزرة في بلدة الشيخ مسكين بدرعا، حيث اقتحمت دبابات البلدة واستهدفت مدرسة وسوقا شعبية مما أسفر عن سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى. وذكر المرصد السوري أن القوات النظامية نفذت حملة دهم وتفتيش في عدة أحياء من بلدة الشيخ مسكين بريف درعا يرافقها عمليات تخريب للممتلكات واعتقالات في صفوف الأهالي. وفي دمشق، قالت لجان التنسيق المحلية إن الجيش الحر دمر دبابتين لقوات النظام أثناء محاولتها اقتحام حي كفر سوسة، بينما تجدد القصف على أحياء دمشق الجنوبية وسط اشتباكات بحي التضامن. كذلك، اتهم ناشطون سوريون قوات النظام بإلقاء قنابل عنقودية على بلدة دير العصافير في ريف دمشق ما تسبب بمقتل عدد من الأطفال. وبث ناشطون أشرطة فيديو على شبكة الإنترنت تبدو فيها جثتا طفلتين تغطيهما الدماء ممددتين أرضا، إلى جانب جثث ثلاثة فتيان، ويقول المصور: «25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012، طائرة (ميغ) أسقطت قنابل عنقودية على دير العصافير». وفي شريط آخر، تظهر عشرات القنابل الصغيرة بالإضافة إلى ثلاثة أجزاء لقنبلة كبيرة. ويقول رجل أمام الكاميرا: «الأولاد كانوا يلعبون، نزلت علينا هذه المصيبة. لا يوجد مسلحون ولا إرهابيون هنا». ويقول آخر: «هذا ما ترسله إلينا روسيا، جمعنا أكثر من سبعين قنبلة صغيرة... إنها صناعة روسية».

وهذا ما أكدته أيضا كل من لجان التنسيق المحلية التي قالت إن عشرة أطفال قتلوا في «مجزرة» ارتكبتها قوات النظام بإلقاء قنبلة عنقودية أصيبوا بها بينما كانوا يلهون في المكان، كما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان من جهته أن ثمانية أطفال قتلوا في قصف على دير العصافير، مشيرا إلى عدم إمكانية تحديد ما إذا كان تم استخدام قنبلة عنقودية أم لا.

وأفاد المرصد أن اشتباكات عنيفة دارت بين القوات النظامية ومقاتلين من عدة كتائب مقاتلة في بلدات حجيرة والسيدة زينب ويلدا أدت إلى وقوع ضحايا، لافتا إلى تعرض منطقة البساتين الواقعة بين حي كفرسوسة بدمشق ومدينة داريا بريفها للقصف من قبل القوات النظامية.