في وقت كانت فيه جهود الوساطة في أوجهها للتوصل إلى اتفاق وقف النار بين إسرائيل وحماس، قبل أسبوع، عقد اجتماعان مهمان بين مسؤولين رفيعين من إسرائيل وتركيا، جرى خلالهما البحث في مصالحة بين أنقرة وتل أبيب، وكذلك العلاقات الأمنية والسياسية بين البلدين.
وقد عقد الاجتماع الأول الأربعاء الماضي في القاهرة، بين رئيس «الموساد» (جهاز المخابرات الخارجية)، تمير فيدرو، ونظيره التركي، هاكان فيران، على هامش المحادثات التي جرت خلال الوساطة المصرية. بينما عقد الاجتماع الثاني في اليوم التالي، بين مبعوث رئيس الوزراء الإسرائيلي، يوسف تشاحونوفر، الذي شغل في الماضي مديرا عاما لوزارة الخارجية الإسرائيلية وكان مندوبا عن بنيامين نتنياهو في لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة في الهجوم الإسرائيلي على سفينة «مرمرة التركية»، وبين فريدون سينرلولو، مدير عام وزارة الخارجية التركي، الذي شغل في الماضي منصب سفير تركيا في تل أبيب وقاد جهود الوساطة بين إسرائيل وسوريا في سنة 2007، لاستئناف مفاوضات السلام.
وقد أكد وزير الخارجية التركي، أحمد داود أوغلو، وجود هذه المحادثات، لكنه قال في تصريح لشبكة «سي إن إن»، أمس، بأنها استهدفت وقف النار بين إسرائيل وحماس. وأضاف: «في سبيل حقن دماء البشر، نحن مستعدون لإجراء أي لقاء».
ومع أن أوغلو نفى أن يكون هناك أي اختراق للأزمة بين البلدين طالما أن إسرائيل لم توافق على شروطنا بالاعتذار عن فعلتها ودفع التعويضات لعائلات الضحايا، فإن مصادر إسرائيلية تفيد بأن صياغات عدة لتسوية الأزمة، بحثت في اللقاءات.
المعروف أن الأزمة بين تركيا وإسرائيل نشبت في أعقاب الهجوم الإسرائيلي الأول على قطاع غزة في سنة 2008 – 2009، عندما هاجم رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، حكومة إسرائيل واتهمها بارتكاب جرائم حرب. وتفاقمت الأزمة بعد الهجوم الإسرائيلي على إحدى سفن «أسطول الحرية»، الذي نظمته هيئة تركية تحت عنوان «فك الحصار على قطاع غزة»، والذي قتل خلاله تسعة أتراك وجرح 18 آخر برصاص الجيش الإسرائيلي. وادعت إسرائيل يومها أن تركيا تفتعل هذه الأزمة في إطار تغيير استراتيجي في سياستها، إذ تريد أن تعيد لنفسها مكانة الإمبراطورية العثمانية والسيطرة على العالم العربي والإسلامي وتستخدم إسرائيل رافعة لمخططها.
وقد واصلت تركيا هجومها السياسي على إسرائيل، ليصل أوجه في الهجوم الأخير على غزة، والذي وصفه أردوغان بأنه عدوان إرهابي واعتبر إسرائيل «دولة إرهاب، تنفذ عملية تطهير عرقي للفلسطينيين». من جهة أخرى، أعلن مصدر أمني مصري رفيع المستوى أن مباحثات مصرية إسرائيلية حول تنفيذ بنود اتفاق التهدئة بين حماس وإسرائيل بما في ذلك فتح المعابر، بدأت أمس. وقال لوكالة الأنباء الفرنسية «سنبدأ اليوم الاثنين، مباحثات مع الجانب الإسرائيلي حول تنفيذ بنود اتفاق التهدئة بما في ذلك فتح المعابر». وأضاف: «في أعقاب إنهاء هذا الأمر (فتح المعابر) سنواصل جهدنا ونأمل أن تكون الخطوة المقبلة المصالحة». وأعلنت الحكومة الفلسطينية المقالة التابعة لحماس أمس أنها أرسلت أمس وفدا برئاسة نائب رئيس الوزراء زياد الظاظا إلى القاهرة لإجراء مباحثات غير مباشرة مع الإسرائيليين بوساطة مصرية حول المعابر والحدود والبضائع، ضمن اتفاق التهدئة. وقال وكيل وزارة الخارجية في حكومة حماس غازي حمد في تصريح صحافي، إن «الوفد يبحث خلال اجتماع اليوم بعض التفاصيل المتعلقة بالتهدئة وعلى رأسها المعابر والحدود وآلية دخول وخروج البضائع من وإلى قطاع غزة». وأكد أن «المفاوضات مع الإسرائيليين ستكون غير مباشرة برعاية مصرية» و«غير محددة بمدة زمنية معينة».