واشنطن تدرس دورها المستقبلي في أفغانستان عقب الانسحاب منها عام 2014

وسط تساؤلات مثيرة للقلق حول كيفية الوقاية من انتشار الجماعات الإرهابية

لاجئة أفغانية في أحد الأحياء الفقيرة في ضواحي إسلام آباد أمس (أ.ف.ب)
TT

أكد مسؤول بارز أن المخططين العسكريين التابعين للولايات المتحدة الأميركية والدول الحليفة يقومون بوضع الخطوط العريضة للقوة التي ستبقى في أفغانستان عقب تسليم المهام الأمنية لقوات الأمن الأفغانية بعد عام 2014، بما في ذلك قوة مكافحة الإرهاب الصغيرة التي ستقوم بمراقبة أنشطة تنظيم القاعدة.

يؤكد مسؤول عسكري أنه بموجب الخطة الوليدة، لن يقل عدد قوة مكافحة الإرهاب الأميركية عن 1000 جندي تقريبا. وفي جهد مواز، ستقوم قوات حلف شمال الأطلنطي بتقديم المشورة إلى القوات الأفغانية في مقرات الجيش والشرطة الإقليمية الرئيسية، ولكن من المرجح للغاية أن يكون لقوات الحلف دور ولو بسيط في ساحات المعارك، باستثناء بعض مستشاري العمليات الخاصة.

لم تقم الولايات المتحدة الأميركية أو أي من حلفائها باتخاذ قرارات نهائية بشأن حجم الوجود الأميركي أو ذلك الخاص بالحلف في أفغانستان عقب عام 2014 أو التكوين الدقيق لهذا الوجود، ولكن أحد الخيارات المتاحة تدعوا لبقاء نحو 10000 جندي أميركي وبضعة آلاف من القوات التابعة لحلف شمال الأطلنطي.

تحول التخطيط للقوة التي ستبقى في أفغانستان بعد عام 2014 إلى اختبار مبكر للرئيس الأميركي باراك أوباما في فترة ولايته الجديدة في الوقت الذي يحاول فيه تحديد استراتيجية نقل المسؤوليات الأمنية للقوات الأفغانية. ولكن هذا الأمر لا يعد التحدي الوحيد الذي يواجهه، فبعد أن يقرر البيت الأبيض نوع التواجد العسكري الذي يريده في الأراضي الأفغانية بعد عام 2014 لعرضه على الحكومة الأفغانية، يتوجب عليه الإجابة على السؤال الخاص بوتيرة خفض أعداد القوات قبل هذا التاريخ.

وفي واحدة من آخر المهام التي سيقوم بها أثناء وجوده في منصبه، من المتوقع أن يقوم الجنرال جون ألين، قائد القوات الأميركية في أفغانستان، بتقديم توصيات رسمية تتعلق بمدى سرعة البدء في سحب القوات الأميركية البالغ عددها 66000 جندي. أكد اثنان من المسؤولين الأميركيين المطلعين على الشؤون الأفغانية أن الجنرال ألين يريد بقاء قوة عسكرية كبيرة خلال موسم القتال الذي ينتهي بحلول خريف عام 2013. وهو ما يعني بقاء قوة تتكون مما يزيد عن 60000 جندي حتى نهاية هذه الفترة. من المقرر أن تتولى القوات الأفغانية مسؤولية القيام بالدور الرئيسي في الحرب في العام القادم، حيث أكد أحد ضباط الجيش الأميركي أن المستوى الذي ستظهر عليه هذه القوات سوف يساعد الولايات المتحدة على تقديم أفضل سبل الدعم لها للحفاظ على المبادرة والسيطرة على التضاريس الوعرة.

ولكن مثل هذا النهج قد ينطوي على تدخل عسكري أكبر مما قد يرغب فيه البيت الأبيض، الذي يبدو قلقا من الحرب في أفغانستان.

من المتوقع أن يطلب البيت الأبيض من الجنرال ألين تقديم مجموعة من الخيارات لسحب القوات في العام المقبل، بما في ذلك بعض الخيارات التي تنطوي على تخفيض أعداد القوات هناك بصورة كبيرة.

يقول جورج ليتل، المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية: «لم يطلب البيت الأبيض بعد من الجنرال ألين تقديم تقييمه الخاص، كما أنه لم يبدأ حتى الآن في دراسة توصيات محددة بشأن عدد القوات في عام 2013 أو 2014»، مضيفا: «الأمر الوحيد الصحيح في هذا الصدد هو تأكيد الرئيس الأميركي في شهر يونيو (حزيران) عام 2011 على أن قواتنا ستواصل العودة إلى الوطن بوتيرة ثابتة في الوقت الذي ننتقل فيه نحو تولي القوات الأفغانية مسؤولية الشؤون الأمنية. هذا هو الوضع حتى الآن».

تثير هذه المسألة جدلا سياسيا مستمرا بالفعل، حيث أشار بعض أبرز النواب الديمقراطيين إلى رغبتهم في خفض عدد القوات الأميركية في أفغانستان بوتيرة مستمرة في العام المقبل، بينما يؤكد الجمهوريون أن مثل هذا الانسحاب السريع قد يهدد المكاسب التي تحققت بشق الأنفس. هناك علامات استفهام كبيرة تدور حول مستقبل الجنرال ألين نفسه، حيث يقوم المفتش العام في وزارة الدفاع الأميركية بالتحقيق في رسائل البريد الإلكتروني التي بعث بها إلى إحدى النساء والتي كشفت عنها تحقيقات «مكتب التحقيقات الفيدرالي» التي كشفت النقاب عن تورط الجنرال ديفيد بترايوس في علاقة خارج إطار الزواج.

ولكن الجنرال ألين لا يزال يقوم بواجبات منصبه في العاصمة الأفغانية كابل، حيث أبدى الرئيس أوباما إعجابه بأدائه العسكري. من غير المقرر أن يتولى الجنرال جوزيف دانفورد، قائد قوات مشاة البحرية الأميركية الذي تم ترشيحه لخلافة ألين في أفغانستان، هذا المنصب حتى أوائل شهر فبراير (شباط) القادم، فضلا عن أنه أكد مؤخرا أمام الكونغرس الأميركي أنه ليس جزءا من عمليات التخطيط التي تجري حاليا.

تأتي عملية التخطيط للقوة التي ستبقى في أفغانستان بعد عام 2014 على رأس أولويات إدارة أوباما في أفغانستان لعدة أسباب، حيث قامت الولايات المتحدة الأميركية بالدخول في محادثات مع المسؤولين الأفغان حول عقد اتفاقية أمنية تسمح بوجود قوات أميركية في أفغانستان عقب عام 2014. ولذلك، يحتاج المسؤولون الأميركيون إلى تحديد الدور الذي ستلعبه القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلنطي في أفغانستان.

وعلاوة على ذلك، صرح حلف شمال الأطلنطي للمخططين العسكريين بوضع مفهوم خاص بكيفية تنفيذ المهام العسكرية بعد عام 2014. والذي سيقوم وزراء دفاع الحلف بالتصديق عليه في أوائل العام القادم.

يثير التخطيط لما بعد عام 2014 بعض التساؤلات المثيرة للقلق حول كيفية الوقاية من انتشار الجماعات الإرهابية وتقديم المشورة للجيش الأفغاني، الذي يمتلك قوة جوية صغيرة وخدمات لوجستية ضعيفة ويواجه صعوبات جمة في إجلاء ومعالجة جرحاه. ولكن الأمر سيعتمد بصورة كبيرة على مدى استعداد دول الحلفاء للمشاركة بالقوات والأموال.

يتمثل أحد الأسئلة المثارة في نطاق المهمة التي سيتم إسنادها إلى قوة مكافحة الإرهاب الأميركية، حيث ستشمل قائمة أهداف هذه القوة تنظيم القاعدة وربما أيضا جماعة عسكر طيبة، وهي جماعة متشددة يقع مقرها في باكستان وتربطها صلات بالقاعدة وهي الجماعة المسؤولة عن الهجمات التي وقعت في مومباي في عام 2008، حيث تتواجد هذه الجماعة بأعداد قليلة في شمال شرقي أفغانستان. من المحتمل أن تضاف: «الحركة الإسلامية في أوزبكستان» إلى قائمة المهام الموكلة إلى قوة مكافحة الإرهاب الأميركية أيضا.

ولكن لم يتضح بعد ما إن كانت «شبكة حقاني» الباكستانية، والتي انصب عليها تركيز القوات الخاصة الأميركية في العامين الماضيين، ستكون هي الأخرى هدفا محتملا للقوات الأميركية أم لا، حيث يؤكد المسؤولون أنه لا يبدو أن البيت الأبيض يقوم بدراسة مثل هذه الأمور في الوقت الحالي.

* خدمة «نيويورك تايمز»