تنتظر الصحف البريطانية بقلق صدور توصيات لجنة مستقلة حول ممارسات الصحافة الخميس، يمكن أن تتضمن إطارا أكثر صرامة لوسائل الإعلام بعد فضيحة التنصت التي لا تزال تلاحق رئيس الوزراء ديفيد كاميرون.
وكان كاميرون شكل في يوليو (تموز) 2011 هذه اللجنة التي يترأسها القاضي براين ليفيسون إثر الاستنكار الذي أثارته فضحية تنصت صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد» برئاسة روبرت ميردوخ.
ويشتبه في أن الصحيفة التي تعتبر الأكثر انتشارا بين الصحف البريطانية قامت بالتنصت عبر القرصنة على هواتف مئات الأشخاص وأنها دفعت أموالا لعناصر من الشرطة للحصول على معلومات حصرية في العقد الأول من القرن الحالي.
وبعد ثمانية أشهر من الجلسات، استمعت اللجنة إلى كبار المسؤولين في الصحف، من بينهم ميردوخ، بالإضافة إلى نجوم مثل هيو غرانت، اعتبروا أنهم ضحايا لتلك الممارسات، وأيضا إلى شرطيين ومسؤولين سياسيين من بينهم رئيس الوزراء المحافظ. وتم بث الشهادات مباشرة على التلفزيون. ووجهت أصابع الاتهام إلى الصحف، إذ كشفت جلسات الاستماع الممارسات غير الأخلاقية لصحف الإثارة. إلا أنه ومع توالي الجلسات تبين أيضا تورط للسياسيين وفي طليعتهم كاميرون نفسه، إذ كشفت الشهادات العلاقة الوثيقة بين وسائل الإعلام والسياسيين.
وقال ستيفن بارنيت خبير شؤون وسائل الإعلام من جامعة وستمنستر إن «العلاقات بين الشرطة والسياسيين وصحيفة (ذي صن)، (التي يملكها ميردوخ)، انكشفت على الملأ». وأضاف بارنيت لوكالة الصحافة الفرنسية أن اللجنة كان لها «تأثير إيجابي».
ومع دنو موعد صدور تقرير ليفيسون، تسود الصحف حالة من الذعر، إذ تخشى أن تصدر اللجنة قواعد جديدة تحد من حريتها، بينما تفضل في المقابل الحفاظ على حريتها في التنظيم الذاتي. وفي مقدمة هذه الصحف «ذي ديلي ميل» التي خصصت الأسبوع الماضي 11 صفحة لانتقاد اللجنة التي اتهمتها بأنها خاضعة لسيطرة «شبكة صغيرة من اليساريين».
وتكتسي توصيات اللجنة أهمية خاصة بالنسبة إلى صحف الإثارة التي تمثل تقريبا ثلثي أعداد الصحف الصادرة يوميا في بريطانيا. إلا أن صحيفة «ذي ديلي تلغراف» القريبة من المحافظين تنتظر أيضا بترقب صدور هذه التوصيات. وسيعود إلى كاميرون، الذي سيصدر القرار الفاصل في القضية مع أنه من ضمن المشمولين فيها، أن يطبق هذه التوصيات أو لا.
وحذرت صحيفة الـ«غارديان» القريبة من المعارضة العمالية أن الأمر يشكل «أحد أصعب التحديات السياسية منذ انتخاب كاميرون في عام 2010».
ونفت الحكومة البريطانية في نهاية الأسبوع الماضي معلومات أوردتها الصحف بأن كاميرون استبعد اللجوء إلى القانون لتحديد أطر أكثر تشددا لعمل الصحف. وأكد مكتبه أن كاميرون سيطلع على التقرير بـ«ذهنية منفتحة». إلا أن بارنيت اعتبر أن كاميرون يمكن أن يلجأ إلى المراوغة مع دنو موعد الانتخابات التشريعية في عام 2015. وقال بارنيت: «يمكن أن يتوصل إلى اتفاق مع الصحف قائلا: (سأطمس القضية شرط أن تدعموني)». لكن مثل هذا السيناريو يمكن أن يؤدي إلى احتجاجات في المدى القريب. وينتظر ضحايا عمليات التنصت الذين يتراوحون بين مشاهير ومواطنين عاديين صدور التقرير بفارغ الصبر. وقد دعا قرابة سبعين نائبا محافظا إلى إجراء إصلاح.
وعلى الصعيد القضائي، أدت فضيحة التنصت إلى عدة تحقيقات من قبل الشرطة أفضت إلى توجيه الاتهام إلى المستشار السابق لكاميرون اندي كولسون وإلى ريبيكا بروكس «ملكة صحف الإثارة» السابقة والصديقة لكاميرون، والتي ستبدأ محاكمتها في عام 2013. ومن المفارقة أن تقرير ليفيسون سيصدر في الوقت الذي تتخبط فيه الـ«بي بي سي» في فضيحة اعتداءات جنسية على أطفال.