عضو سابق بالمجلس العسكري يستبعد تدخل الجيش ويدعو مرسي لـ«الخروج من المطب»

مهدي عاكف دافع عن إعلان الرئيس ووصف احتجاجات الشارع بالمفتعلة

جانب من مواجهات معارضين ضد الرئيس مرسي والشرطة المصرية في ميدان التحرير أمس (رويترز)
TT

في وقت تمسكت فيه جماعة الإخوان المسلمين والرئاسة المصرية بالإعلان الدستوري الذي قرره الرئيس محمد مرسي، ومنح لنفسه صلاحيات واسعة أدت لانفجار الغضب الشعبي، حذر مسؤول كبير سابق في الجيش المصري من خطورة الحالة التي تمر بها مصر، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنها يمكن أن تؤدي إلى الفوضى والانهيار الاقتصادي بشكل كارثي، لكنه شدد على أن القوات المسلحة لن تتدخل في الصراع بين الرئيس ومعارضيه، مثلما فعلت في الأيام الأخيرة للرئيس السابق حسني مبارك. وشدد على أن الجيش إذا تدخل سينكسر وسينطبق عليه المثل القائل «ما ينوب المخلص إلا تقطيع هدومه».

ورغم الاحتجاجات الضخمة التي ضربت عموم البلاد أمس، دافع مهدي عاكف المرشد السابق لجماعة الإخوان التي ينتمي إليها مرسي، عن قرار الرئيس، ووصف إعلانه الدستوري بأنه «إعلان راق»، واصفا ما يراه في الشارع المصري من مظاهرات ترفض قرار مرسي بأنها «من وجهة نظري أمور مفتعلة.. لا يقدرون ولا يحبون مصر».

ومن جانبه تابع المسؤول السابق بالقوات المسلحة المصرية، والعضو البارز في المجلس العسكري الذي أدار المرحلة الانتقالية منذ تخلي مبارك عن سلطاته حتى تسليم الحكم للرئيس مرسي بعد انتخابه، قائلا إن مرسي «غير قادر على الخروج من المطب الذي وقع فيه»، و«ليس أمامه غير الرجوع عن القرار الذي اتخذه» بتوسيع صلاحياته.

وتحدث المسؤول العسكري السابق لـ«الشرق الأوسط» شريطة عدم ذكر اسمه. وردا على سؤال بشأن تقييمه للوضع الراهن الذي خرج فيه مئات الألوف من المصريين ضد قرار مرسي أمس، قال إنه «وضع سيئ جدا.. وضع يؤثر على البلد من كل الوجوه».

وأضاف أن قرار الرئيس مرسي بتوسيع صلاحياته وجه عدة ضربات مدوية.. «الضربة الأولى هي ما أحدثه من شق الشعب لقسمين. والضرب القاضية لقضاء مصر وقضاة مصر، والضربة الثالثة هي الفوضى والكراهية التي يمكن أن تحدث بين فئات الشعب بعد ذلك. والضربة الأخيرة هي الضربة الاقتصادية التي قد تؤدي إلى الهلاك. هذه أهم العوارض».

وأضاف ردا على سؤال بشأن ما ينبغي على الرئيس أن يفعله، قائلا: «الحلول لا تتمثل إلا في العقل والحكمة بأن يعود الرئيس عن قراره في الإعلان الدستوري.. هذا هو الحل الوحيد لهذا المأزق». وتابع قائلا إن «هذا لا يشين الرئيس ولا يعيبه ولا يقلل من شأنه، بل بالعكس هذا يمكن أن يكسبه رأي الأغلبية ويمكن أن يعتبر من خلاله بطلا لمصر الجديدة». وشدد المسؤول العسكري على أن «هذا هو الحل، وعدا هذا فإن كل الكلام يبقى هراء». وأوضح: «أقول لكل الذي يؤيد والذي يعارض قرار الرئيس مرسي إن هذا هو الحل لهذه القضية، وهو أن يرجع الرئيس عن قراره».

وحول كلام المرشد السابق عاكف لـ«الشرق الأوسط» التي رفض فيها رجوع مرسي عن قراره وقلل فيها من شأن احتجاجات الميادين المصرية، علق المسؤول العسكري السابق قائلا: «الشعب أمامك في ميدان التحرير وفي مناطق شبرا ومحمد محمود (بالقاهرة) والإسكندرية وبورسعيد وطنطا وأسوان. هل هؤلاء حاقدون على محمد مرسي». وأضاف عضو المجلس العسكري السابق: «نحن لا نحقد على محمد مرسي والشعب لا يحقد على محمد مرسي. لا أحد يقول له (ارحل)، ولكن يقولون له ارجع في كلامك. يقولون له شرعيتك موجودة على العين والرأس.. هؤلاء (المعارضون لمرسي) يطالبون بأشياء أساسية من أجل منع كارثة قادمة على مصر».

وفيما يتعلق بما أفادت به المصادر الرئاسية لـ«الشرق الأوسط» عن عدم إجراء الرئيس لأي اتصالات مع القوى السياسية أو غيرها لتدارك الموقف، قال المسؤول العسكري السابق إن «الرموز السياسة التي في الشارع هم أصلا معترضون على الإعلان الدستوري، ويرون أنه لا لقاء مع الرئيس ولا كلام معه إلى أن يرجع في كلامه».

وعن التكهنات من بعض المراقبين التي تتحدث عن إمكانية تدخل الجيش كما فعل مع مبارك أثناء ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011. قال عضو المجلس العسكري السابق: «الجيش لا يتدخل.. الجيش لو تدخل سينكسر.. ولا نريد أن نخسر الجيش. الجيش يحافظ على قوامه وتدريبه ووجوده؛ لأن الجيش مستقل تماما وهو لحماية الوطن. لن يدخل في السياسة ودوره فقط هو حماية الوطن».

وتابع قائلا عن نزول الجيش إلى الشارع وانحيازه للشعب في أيام مبارك الأخيرة: «وجودنا كان بالشرعية لأن أحد مهامنا كانت لحماية الشرعية. وحين نزلنا (أيام أزمة الشعب مع مبارك) وجدنا الشرعية في يد الشعب ووجدنا أن الأولى الوقوف مع الشعب، لكن الآن توجد مواقف مختلفة.. أنتم (أي الشعب) انتخبتموه، والآن تتعاركون معه، فأنا ما لي (كجيش). لو تدخلت وسطكم سينطبق علي المثل الذي يقول (ما ينوب المخلص إلا تقطيع هدومه)».

ومن جانبه قال عاكف: «منذ شهر وأنا أمنع نفسي أن ألقي بأي حديث، ولكني في هذه الظروف أقول لكم إن هذا الذي ترونه أمامكم، إنما هو رد فعل طبيعي جدا لانتصار محمد مرسي لكل القضايا وآخر القضايا قضية غزة»، في إشارة إلى وساطة مصر لوقف الحرب بين إسرائيل وحماس.

وأضاف مرشد «الإخوان» السابق أن «الإعلان الدستوري الذي أعلنه الدكتور محمد مرسي إعلان راق جدا، لأنه يريد أن يعيد مؤسسات الدولة على أسس ديمقراطية سليمة بدستور ومجلس شعب. وهذا الإعلان المؤقت لمدة شهور ليحصن هذا العبث الذي تقوم به نخبة من الناس بأصوات عالية، ولكن كل من يحب مصر عليه أن يعمل على استقرار البلد بإنشاء دستور وانتخابات مجلس شعب. أما كل هذا الذي أراه أمامي فهذا من وجهة نظري أمور مفتعلة.. لا يقدرون ولا يحبون مصر».

وردا على سؤال حول ما يمكن عمله في حال استمرار المظاهرات المعارضة لمرسي، قال: «مصر كلها مليئة بالعقلاء والحكماء الذين يستطيعون أن يجتمعوا من كل الأطياف ومن كل الألوان ويصلوا بمصر إلى بر الأمان». وأضاف بشأن إصرار الرئاسة على التمسك بالإعلان الدستوري في مقابل تمسك الشارع برفضه، قائلا: «سيبك من الشارع. اعمل استفتاء.. لو عملت استفتاء كل الذي تراه يعرف قدره».

وتابع عاكف: «لا بد أن يتمسك محمد مرسي بقراره حتى تسلم مصر»، منتقدا ما يرى أنها عملية عرقلة لإنجاز عدد من القضايا الجوهرية تخص وضع دستور جديد للبلاد، وقال: «انظر لما يحدث في الجمعية التأسيسية (لوضع الدستور، ويهيمن عليها التيار الإسلامي)، وما يحدث في المحكمة الدستورية (التي تنظر قضايا يمكن أن تقلل من نفوذ الإسلاميين).. وما يحدث هنا وهناك، ستتعجب، ولا بد من مواجهتها بقرارات حاسمة لحسم الأمر والوصول بمصر إلى مؤسسات ديمقراطية منتخبة».