السعودية تأسف لتأجيل مؤتمر جعل منطقة الشرق الأوسط منزوعة من أسلحة الدمار الشامل

خلال الدورة الـ17 لمؤتمر الدول الأطراف لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي أمس

TT

أعربت السعودية عن أسفها لما ورد بشأن تأجيل المؤتمر الدولي لجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة منزوعة من كل أسلحة الدمار الشامل الذي كان مقررا عقده في هلسنكي أواخر العام الحالي. وقال عبد الله الشغرود سفير خادم الحرمين الشريفين لدى مملكة هولندا مندوب المملكة الدائم لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أمام الدورة السابعة عشرة لمؤتمر الدول الأطراف لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، والمنعقد حاليا في لاهاي أمس: «بداية كما تعلمون جميعا ينعقد مؤتمرنا هذا بعد فترة وجيزة من احتفالنا هذه السنة بالذكرى الخامسة عشرة لدخول اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية حيز النفاذ. وهي مناسبة بقدر ما تبعث الارتياح بما تحقق فإنها تمنحنا الأمل بالمستقبل للبناء على ما تحقق من إنجازات. وأود هنا أن انتهز الفرصة لأشكر المدير العام على الجهود التي بذلها مع زملائه في الأمانة الفنية في إبراز هذه المناسبة دوليا». وأضاف: «تعلق المملكة العربية السعودية أهمية كبرى على تنفيذ اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية انطلاقا من سياستها الرامية إلى نزع جميع أسلحة الدمار الشامل في ظل رقابة دولية صارمة وفعالة وفقا للفقرة الأولى من ديباجة هذه الاتفاقية. وكما هو معلوم فإن أهمية هذه الاتفاقية تكمن في تخليص الإنسانية من الأسلحة الكيميائية على نحو شامل وكامل مما يجعل الاتفاقية ركنا أساسيا في تعزيز السلم والأمن الدوليين».

وأكد أن التزام المملكة بالاتفاقية واهتمامها بتنفيذها على المستوى الوطني والدولي هو امتداد لسياستها الثابتة والهادفة إلى حظر جميع أنواع أسلحة الدمار الشامل ومنع انتشارها كون وجودها يشكل خطرا على السلم والأمن الدوليين، كما أولت المملكة عناية كبيرة لجهود إزالة أسلحة الدمار الشامل على المستوى الإقليمي، وبما يؤدي إلى جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من هذه الأسلحة الفتاكة، مبينا أن المملكة دعت في مناسبات عدة المجتمع الدولي لتقديم الدعم في سبيل هذا الهدف الذي هو حق مشروع لشعوبها، ودعامة رئيسية بلا شك لتعزيز الأمن والسلم على المستويين الإقليمي والدولي».

وقال: «وفي هذا السياق فإن بلادي تعرب عن أسفها لما ورد بشأن تأجيل المؤتمر الدولي لجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة منزوعة من كل أسلحة الدمار الشامل الذي كان مقررا عقده في هلسنكي في أواخر هذا العام، وكنا نعلق على عقده أهمية للدفع بعملية السلام من خلال تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط».

وفي شأن جهود المملكة في تطبيق متطلبات الاتفاقية، أبرز ما أولته على المستوى الوطني، حيث كانت المملكة في طليعة الدول المبادرة إلى تطبيق متطلبات الاتفاقية وبنودها، وعلى رأسها إنشاء هيئة وطنية لمتابعة تنفيذ الاتفاقية وإصدار نظامها الخاص بتطبيق الاتفاقية ولوائحها، وقال: «لقد واصلت باستمرار تطوير أنظمتها الوطنية حتى تكلل ذلك بإنشاء هيئة وطنية مستقلة لتنفيذ جميع الاتفاقيات المرتبطة بحظر الأسلحة الكيميائية والبيولوجية التي بدأت أعمالها مؤخرا على إثر صدور الأمر الملكي السامي بإنشائها وتزويدها بالموارد البشرية والمادية اللازمة لسير أعمالها. وليس هناك شك في أن عدم إتمام تدمير المخزونات من الأسلحة الكيميائية يعد مصدر قلق للجميع. ونحن نأمل من الدول الحائزة الوفاء بالتزاماتها بأسرع وقت ممكن واتخاذ التدابير المنصوص عليها في قرار مؤتمر الدول الأطراف في دورته الأخيرة. ويبدو من خطط التدمير المقدمة من تلك الدول حرصها وشفافيتها في هذا الشأن».

وأضاف: «ولا جدال في أن إتمام التدمير بأسرع وقت ممكن سيكون نقطة تحول في تاريخ المنظمة وسيصب في مصلحة الجميع، إذ إنه لا يمكن لهذه المنظمة أن تنطلق إلى آفاق أرحب في ما يتعلق بأولوياتها المستقبلية دون الانتهاء فعليا من مسألة التدمير الكامل لتلك المخزونات. بالإضافة إلى ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان عدم ظهور الأسلحة الكيميائية ومنع انتشارها».

ونوه بالدور المهم للأمانة الفنية للمنظمة والمتعلق بالتحقق من أعمال التدمير، مبينا أن هذا هو الدور الذي يجب أن يتم تعزيزه لتحافظ الأمانة على أدائها بالمستوى المطلوب، ومنوها أيضا بجهود الأمانة الفنية في عمليات التحقق المطلوبة لهذا العام.

ورحب بجهود المدير العام في إبرام الترتيب المكمل الخاص لاتفاق العلاقة مع الأمم المتحدة. ليس هناك شك في أن منظمتنا هذه بذلت جهودا كبيرة في سبيل تعزيز تنفيذ الاتفاقية، خصوصا في ما يتعلق بالمادة السابعة والعاشرة والحادية عشرة، ويأتي مؤتمر المراجعة الثالث للاتفاقية فرصة سانحة وضرورية للمضي قدما في تقييم هذه الجهود والعمل على تعزيزها، خصوصا في ما يتعلق ببناء المهارات والقدرات في مجالات الحماية والاستجابة لطلبات المساعدة، بالإضافة إلى المجالات المتعلقة بتسخير الكيمياء للاستخدامات السلمية وتسهيل نقل المواد والمعدات التقنية المرتبطة بها. فتحقيق هذه الأهداف يمثل أولوية لكثير من الدول النامية التي تتطلع لتطوير صناعتها الكيميائية وتنمية اقتصاداتها».

وأشاد بجهود الأمانة الفنية والتطلع لمضاعفتها في ما يتعلق بتقديم المساعدة الفنية في تعزيز تنفيذ الاتفاقية على الصعيد الوطني على نحو يسهم في بناء القدرات وتنمية المهارات في التشريعات ذات الصلة وكيفية تنفيذها وطنيا». وقال: «إن الاتفاقية وبالإضافة إلى دورها في الحماية من الأسلحة الكيميائية، أكدت أهمية تعزيز التعاون الدولي في مجالات استخدامات الكيميائيات النافعة للبشرية، وفقا لمتطلبات المادة الحادية عشرة منها، ورغم ما تم إنجازه من تقدم في هذا الصدد فإنه ما زال ينبغي بذل المزيد من الجهود لتحقيق فاعل لمتطلبات هذه المادة، وخصوصا في ما يتعلق بنقل التكنولوجيا والخبرات المتعلقة بالصناعات الكيميائية إلى الدول النامية، حيث ما زال الكثير من الدول الصناعية تفرض قيودا غير مبررة في هذا الجانب».

وقد أكد مؤتمر المراجعة الثاني للاتفاقية والمنعقد في لاهاي في 2008 برئاسة المملكة العربية السعودية على أهمية التفعيل الكامل لمتطلبات هذه المادة، الذي سيسهم في تعزيز التنمية الاقتصادية الدولية، ويعود على جميع الأطراف بالمنفعة، ولا سيما في هذه المرحلة التي يمر بها العالم أجمع بظروف اقتصادية صعبة وأزمة مالية معقدة ما زالت تلقي بظلالها على معظم بقاع العالم، والتي تحتاج بلا شك إلى تعزيز التعاون الدولي في شتى المجالات لمواجهتها والحد من آثارها، خصوصا على الدول النامية.

وأضاف: «لعلنا نتفق جميعا أن ما تم إنجازه في ظل الاتفاقية على مستوى عالميتها الواسعة، منذ تبني خطة العمل لعالمية الاتفاقية في شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2003م، وانضمام 188 دولة لعضويتها، تمثل أكثر من 98 في المائة من سكان العالم هو بدوره أمر جدير بالإشادة، وهو يدل بلا شك على ما تحظى به الاتفاقية من احترام دولي واسع وتأييد كبير لأهدافها النبيلة المتمثلة في حماية البشرية من استخدام الأسلحة الكيميائية أو التهديد باستخدامها».

واختتم السفير الشغرود الكلمة بإشادة وفد المملكة بجهود الأمانة الفنية في الدبلوماسية العامة، وتأكيده أهمية تعزيز هذه الجهود وأن لا يقتصر التواصل الخارجي على دوائر المتخصصين والمعنيين بمسائل نزع السلاح والمندوبين الحكوميين، بل أن ينطلق إلى مجال أرحب حيث المواطن العادي، والقيام بكل جهد ممكن لزيادة الوعي بالاتفاقية وموضوعها الأساسي».