خبراء أجانب يأخذون عينات من رفات عرفات بعيدا عن الأعين والكاميرات

الجثمان ظل مكانه من دون تحريك.. والنتائج بعد 3 شهور

أطفال فلسطينيون من الكشافة يعزفون خلال حفل تأبيني رمزي للرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات قرب نابلس أمس (أ.ب)
TT

أخذ خبراء أجانب من سويسرا وفرنسا وروسيا، أمس، عينات من جثمان الزعيم الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات (أبو عمار)، بعد فتح ضريحه في مقر المقاطعة في رام الله، بعد 8 سنوات على وفاته، لفحص إمكانية وجود آثار مواد سمية في الرفات.

بدأت عملية فتح الضريح المكون من أسمنت متنقل، ومسقوف بالسيراميك الثقيل نحو الساعة الخامسة فجرا، بتوقيت فلسطين، وانتهت نحو الساعة العاشرة صباحا، بعيدا عن وسائل الإعلام وعدسات الكاميرات وأعين الناس، ووسط إجراءات أمنية مشددة.

ومنع حرس الرئيس الفلسطيني، منذ أسبوعين زيارة الضريح، وأغلق محيطه بالقماش الأزرق، ونصب علما فلسطينيا ضخما من الأعلى لمنع التصوير من على الأسطح. وأمس، حظر على أي من الصحافيين، الاقتراب لمسافة 400 متر خلال ساعات أخذ العينات، كما سحبت أجهزة الهواتف من جميع من حضر العملية منعا لأي تصوير قد يجري، احتراما لمكانة عرفات، ووفقا للتعاليم الدينية.

وقال رئيس لجنة التحقيق الفلسطينية الخاصة باستشهاد عرفات، اللواء توفيق الطيراوي «لقد سارت الأمور المتعلقة بأخذ العينات من جثمان الشهيد ياسر عرفات حسبما هو مقرر، وقد أخذ الخبراء الروس والفرنسيون والسويسريون العينات المطلوبة من الجثمان دون أن يتم رفع الرفات من مكانها، بموافقة وإجماع الخبراء». وأضاف: «بما أن الجثمان لم يرفع من مكانه فقد ألغيت مراسم إعادة الدفن، واستبدلت بوضع أكاليل من الزهور من جانب أعضاء اللجنتين التنفيذية والمركزية والقيادة الفلسطينية». وكانت العملية بدأت بمراسم عسكرية.

وأخذ العينات أطباء فلسطينيون، بإشراف وموافقة الخبراء الأجانب، وشارك 3 من الأطباء الفلسطينيين في العملية، بينهم طبيب شرعي، وسلموا العينات للخبراء الأجانب، بحضور النيابة الفلسطينية، بعد اتفاق على ذلك مع اللجان الثلاث، لمسائل لها علاقة بالسيادة التي كانت مثار خلاف سابق مع الفرنسيين.

لكن سبق هذه العملية، أي فتح القبر، عملية أخرى إذ أدخل الخبراء السويسريون أنبوبا إلى القبر لأخذ عينة من الهواء في داخله.

وقال المتحدث باسم الفريق السويسري من مستشفى جامعة لوزان، داركي كريستين، إن «العينات أخذت وفق إجراءات خاصة غاية في الدقة».

وعلى الفلسطينيين الانتظار 3 شهور قبل تسلم أي نتائج حول وجود مواد سمية في رفات عرفات.

وثمة قناعة واسعة لدى الفلسطينيين، بأن زعيمهم التاريخي قتل مسموما عن طريق إسرائيل، لكن ليس هناك أي دلائل مادية على ذلك.

وتقول السلطة إن لديها شكوكا وقرائن حول تسميمه من قبل إسرائيل، بعد تصريحات لقادة إسرائيليين بضرورة التخلص منه، لكنها لا توجه اتهاما رسميا.

وقال الطيراوي، إن السلطة لا تتهم أحدا حتى الوصول إلى حقائق، وإن لجنته ستكون شفافة وستنشر النتائج.

وتحقق السلطة منذ 8 سنوات في وفاة أبو عمار، الذي قضى عن 75 عاما في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) 2004، في مستشفى بيرسي العسكري في باريس، لكنها لم تنشر أي نتائج، حتى بثت قناة «الجزيرة» في يوليو (تموز) الماضي، تقريرا كشف فيه معهد الفيزياء الإشعاعي بالمركز الطبي الجامعي في لوزان بسويسرا، وجود مادة البولونيوم السامة في ملابس وأغراض شخصية لعرفات كانت تحتفظ بها زوجته سهى، فأرسلت السلطة طلبا للمعهد باستكمال الفحوص في رام الله، ومن ثم تقدمت سهى بدعوى قضائية في فرنسا للتحقيق في ظروف وفاة زوجها على الأراضي الفرنسية، وبعد خلافات مع الفرنسيين، طلبت السلطة من فريق سويسري حضور عملية أخذ العينات والتحقيق.

وثمة جدل حول الجدوى من فتح الضريح، إذ يعتقد خبراء أنه لا يمكن العثور على مادة البولونيوم الآن، في جسد عرفات بعد كل هذه السنين.

ومن بين الذين عارضوا فتح الضريح، ابن شقيقة عرفات، ناصر القدوة، عضو اللجنة المركزية لفتح، وشقيقته خديجة اللذان اعتبرا ذلك مسا برمزية عرفات، ومن دون جدوى.

وقال الطبيب المشرف على عملية أخذ العينات، عبد الله البشير، عضو لجنة التحقيق «إن اللجنة تعتقد بوجود مادة (البولونيوم 10) السمية، وهي السبب في استشهاد أبو عمار، ولكن ربما تكون هناك مادة غيرها هي السبب، لذلك طلبنا من اللجان الدولية فحص واستقصاء كل أنواع السموم».

وأضاف «بالطبع هناك تساؤلات حول بقاء أو اختفاء المواد السمية الموجودة، مع مرور كل هذا الوقت».

وغمز في قناة فرنسا قائلا، «كان من الممكن أن لا نصل إلى هذا اليوم من تحليل الرفات لو تم تشريح الجثة عند الوفاة، كونها غير معروفة السبب، بما يتناسب مع القوانين الجنائية (..) لو تضمن التقرير الطبي الفرنسي اختبارات جميع أنواع السموم المستعملة في الاغتيالات السياسية ومنها المواد المشعة لجزيئات ألفا... أو لو استخدمت العينات من الدم والسوائل التي تم أخذها خلال المرض في مستشفى بيرسي الفرنسي، والتي كان من المفروض الاحتفاظ بها لعشر سنوات كون الوفاة غير معروفة السبب كما ذكر المستشفى ولكن المستشفى أشار إلى أنهم قاموا بإتلاف جميع العينات عام 2008».

وأردف «إذا تم إيجاد مادة البولونيوم، فإن ذلك يشير إلى أن من قام باغتيال الرئيس عرفات دولة لديها مفاعل نووي بالضرورة، لصنع هذه المادة».