فضيحة مالية تكشف سطو السلطة السياسية على القضاء في أفغانستان

تقرير: تحديد المتهمين في اختلاسات مصرف كابل اتخذ من سياسيين.. والرقابة لم تكن مستقلة

عسكريون يتحدثون إلى بعضهم أمام المدخل الرئيسي لمصرف كابل (أ.ب)
TT

أفاد تقرير نشر أمس بأن السلطة السياسية الأفغانية وليس القضاء حددت أشخاصا لملاحقتهم في التحقيق في مصرف كابل، أكبر بنك خاص سابقا في أفغانستان يواجه إفلاسا تقريبا بعد اختلاسات كبرى.

ويلاحق 22 شخصا في إطار هذه الفضيحة التي هزت أفغانستان وتضمنت اختلاس أكثر من 900 مليون دولار من هذه المؤسسة المالية ما بين عامي 2006 و2010. وجاء في تقرير اللجنة المستقلة للتقييم ومراقبة مكافحة الفساد، وهي منظمة تمولها الجهات المانحة، أن «معلومات تم الحصول عليها خلال التحقيق تشير إلى أن القرار النهائي حول الأشخاص الواجب توجيه التهم إليهم اتخذ على مستوى سياسي في ربيع 2011 من قبل لجنة رفيعة المستوى، وقد طلبنا من المدعين في مكتب المدعي العام تعديل التهم الموجهة إليهم لكي تتطابق مع القرارات المتخذة. ووجد التحقيق أيضا دليلا على أن الهيئات الرقابية التي كان يجب أن تكون مستقلة تماما كانت في الواقع تذعن للسلطات السياسية». وقال الرئيس المشارك في اللجنة دراجو كوس للصحافيين: «شهدنا تدخلات سياسية مباشرة من جهات عليا».

وخلص التقرير إلى أن عددا من المساهمين والإداريين والموظفين شاركوا في مخطط معقد لتحويل أموال مودعة بدءا من عام 2006. وقال إنهم قاموا «بعملية معقدة من الإقراض الاحتيالي والاختلاس في الغالب عبر مخطط دفتر القروض مما أدى لخسائر بلغت 935 مليون دولار تم تمويلها في الغالب من ودائع العملاء». وبحسب الاتهامات، كان يتم إعداد مجموعة من السجلات من أجل الهيئات الرقابية، بينما تخفي مجموعة أخرى مسار التوزيع الحقيقي للأموال. وأشار التقرير إلى أن أكثر من 92 في المائة من دفتر قروض بنك كابل وتبلغ قيمته نحو 861 مليون دولار كان يتم توزيعها على 12 فردا وسبع شركات بحسب اللجنة.

وقال كوس، إن المصرف كان يعمل بفعالية ببرنامج احتيالي يقوم بأخذ أموال المودعين الجدد لسداد أموال مودعين قدامى، حيث كان يتصور العملاء أن أموالهم يتم استثمارها في حين أن الواقع هو أنه يتم اختلاسها بشكل غير قانوني. وأضاف أنه في عام 2004 عندما بدأ البنك عمله «لم تكن هناك أموال كافية، مجرد 5 ملايين دولار من رأس المال الأساسي»، غير أنه منذ عام 2006 «كانت هناك أموال كافية» لأن تتم سرقتها.

ومن بين المشتبه بهم الـ22، مؤسس ورئيس المصرف شير هان فرنود ومديره العام خليل الله فيروزي المتهمان بسرقة مئات ملايين الدولارات عبر نظام قروض مزورة. وبين المساهمين في مصرف كابل محمود كرزاي شقيق الرئيس حميد كرزاي وشقيق نائب الرئيس محمد قاسم فهيم، لكن القضاء لم يوجه اتهامات إلى أي منهما. وقال التقرير، إن «توجيه التهم لا يشمل المسؤولين الذين أعدوا وثائق مزورة وموظفي شركة الطيران التي أخرجت الأموال من أفغانستان أو المساهمين الذين اقترضوا المال من دون فوائد، كما يبدو دون نية التسديد».

وأثارت فضيحة مصرف كابل استياء الجهات المانحة في أفغانستان. وكتب في التقرير «خسائر مصرف كابل والأزمة التي تلت ذلك تفسر عبر الاحتيال وضعف الرقابة والتنظيم والإفلات من العقاب والتدخل السياسي». وأضاف المصدر نفسه أن الرئيس كرزاي قد يكون استفاد أيضا من التساهل في البنك الذي «قدم ملايين الدولارات لحملة مرشح للانتخابات الرئاسية على الأقل» في عام 2009 خلافا لتوصيات البنك المركزي الأفغاني. وأشير عدة مرات إلى أن مصرف كابل كان أحد أبرز الجهات المانحة لحملة حميد كرزاي رغم أن اسمه لم يذكر في التقرير. وفي منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، وافق صندوق النقد الدولي على منح كابل قرضا جديدا بعدما كان أوقف تقديم أي أموال إلى الحكومة الأفغانية مشترطا إحراز تقدم ملموس في التحقيق حول فضيحة المصرف المذكور.