واشنطن ستظل تدعم مرسي.. لكنها قلقة من استمرار الانقسامات

السفارة الأميركية على «تويتر» تحذر من ديكتاتورية جديدة

TT

في تأكيد للتضارب والارتباك داخل الإدارة الأميركية، حذرت السفارة الأميركية في القاهرة، في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، من تأسيس ديكتاتورية جديدة في مصر. وقالت السفارة في تويتة أول من أمس، وتبدو أنها تشير للتعديلات الدستورية التي أعلنها الرئيس محمد مرسى، إن الشعب المصري أعلن بوضوح في ثورة «25 يناير (كانون الثاني)» أنه «كفى للديكتاتورية». وتشير مجلة «فورين بوليسي»، إلى أن التغريدة، التي جرى تكرارها 160 مرة، أثارت نقاشا واسعا على «تويتر»، وكتب عمرو علاء يتساءل: «إذن لماذا ساندتم نظام الإخوان المسلمين طول هذه الفترة، ثم تعودون لتقروا الآن أنه نظام ديكتاتوري؟»، وردت السفارة نافية دعمها لأي فصيل سياسي، وقالت: «لن نفعل ذلك». ويبدو أن السفارة الأميركية في اختيارها لوصف «ديكتاتورية»، عبرت بكلمات أقوى كثيرا من تلك التي استخدمتها وزارة خارجيتها بحرص في التعليق على الإعلان الدستوري الأخير.

إذ قالت فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم الوزارة، إن واحدا من طموحات الثورة هو ضمان عدم تركيز السلطة في يد شخص أو مؤسسة واحدة.

في حين قالت مصادر أميركية إن واشنطن ستظل تدعم الرئيس المصري محمد مرسي، لكنها قلقة من استمرار الانقسامات في مصر، وتأثيرها، ليس فقط على الاستقرار السياسي والاقتصادي، ولكن، أيضا، على دور مصر في تهدئة الوضع في غزة، وفي العلاقات الفلسطينية - الإسرائيلية.

وقالت المصادر إن واشنطن تجد نفسها في الوضع نفسه الذي واجهته قبل سنتين عندما بدأت الثورة المصرية، حيث ترددت في تأييد المظاهرات ضد الرئيس السابق حسني مبارك لاعتمادها على مبارك في الاستقرار في مصر، وفي ضمان السلام مع إسرائيل. وأمس، قال جاي كارني، المتحدث باسم البيت الأبيض: «نؤمن إيمانا قويا بأن المشكلة الحالية في مصر يجب أن تحل حلا داخليا بوصفه جزءا من الانتقال إلى الديمقراطية».

لكن، آندرو تابلر، خبير في معهد واشنطن للشرق الأدنى، قال: «كل مرة نحتاج فيها إلى زعيم أجنبي لتحقيق هدف خارجي لنا، نجد أنفسنا نتردد في نقد سياسته الداخلية. هذه معضلة من معضلات السياسة الخارجية. إنها مثل السير على حبل، وعلى الرئيس أوباما أن يتعلم كيف يسير على الحبل». وفي مؤتمرها الصحافي اليومي، حاولت فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، تهدئة أسئلة القلق من الصحافيين. وحاولت تقليل احتمالات أن مرسي يريد احتكار الحكم، أو أن الإخوان المسلمين ليسوا معتدلين كما تريد إدارة الرئيس أوباما أن تقنع نفسها وهي تراهن عليهم. وكررت نولاند، أمام أسئلة الصحافيين المتكررة، أن مرسي كرر هو نفسه أنه لا يريد احتكار الحكم، وقال إن الإجراءات التي اتخذها مؤقتة. وأشارت إلى أن مرسي أجرى محادثات مع المجلس الأعلى للقضاء، ومع قيادات سياسية، في محاولة لإيجاد مخرج من الأزمة السياسية الحادة. وقالت: «أعتقد أننا لا نزال نجهل ما الذي سينتج عن هذه (المحادثات). لكننا بعيدون جدا عن (حاكم) متسلط يقول ببساطة: هذا أو الطوفان». وكانت نولاند حذرت الأسبوع الماضي من أن «أحد تطلعات الثورة (المصرية) كان ضمان عدم استئثار أي شخص أو مؤسسة بالسلطات». وقالت: «لا يزال الوضع غير واضح. نحن نواصل التشاور مع مختلف الأطراف لفهم تقييمها للوضع». وأضافت أن مصر تمر «بمرحلة قانونية غامضة»، ودعت إلى «الوحدة الوطنية حول برنامج للمضي قدما»، ولمحت إلى أنه في حال ظهور مؤشرات على أن مصر تنحرف عن المسار الديمقراطي، فإن قسما من المساعدات الدولية الضخمة لمصر قد يلغى. وقالت: «نريد أن نرى مصر تسير على طريق الإصلاح، للتأكد من أن أي أموال آتية من صندوق النقد الدولي تدعم فعلا إحياء اقتصاد ديناميكي يقوم على مبادئ السوق، واستقراره».

وعلى الرغم من الحذر الشديد الذي التزمت به نولاند في صياغة تصريحاتها، فإن السفارة الأميركية في القاهرة أوحت بأن مصر تسير فعلا على طريق ديكتاتورية جديدة. وكتبت السفارة في صفحتها في موقع «تويتر»: «أعلن الشعب المصري بوضوح في ثورة (25 يناير) أنه لم يعد يريد ديكتاتورية». في الوقت نفسه، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية نفي المتحدث باسم قسم الشرق الأوسط في الخارجية الأميركية، إدغار فيلاسكيز، أن تكون هناك رسائل متناقضة صادرة عن وزارة الخارجية. وقال: «موقفنا كان، ولا يزال، أن أحد تطلعات الثورة المصرية كان ضمان عدم استئثار أي شخص أو مؤسسة بالسلطات»، وأضاف: «هذا هو مضمون ما جاء في هذه التغريدة (للسفارة الأميركية في القاهرة)». في الوقت نفسه، حذر صندوق النقد الدولي من أن حدوث «تغيير كبير» في سياسة مصر الاقتصادية والسياسية يمكن أن يؤدي إلى إعادة النظر في الاتفاق التمهيدي على خطة مساعدة مصر بمنحها قرضا بخمسة مليارات دولار.