الرئيس اللبناني يرجئ موعد الحوار الوطني ووفد من وزراء جنبلاط يزور «حزب الله»

مصادر سليمان لـ«الشرق الأوسط»: التأجيل ليس نزولا عند رغبة «14 آذار» لكن لا حوار بين فريق واحد

TT

أرجأ الرئيس اللبناني جلسة الحوار الوطني، التي كانت مقررة اليوم في القصر الرئاسي في بعبدا إلى 7 من يناير (كانون الثاني) المقبل، وذلك للمرة الثانية على التوالي منذ اغتيال رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللواء وسام الحسن، نتيجة إصرار فريق «14 آذار» على رفض المشاركة في الحوار.

وقالت مصادر الرئيس اللبناني لـ«الشرق الأوسط» إن «تأجيل موعد الحوار يعكس إصرار الرئيس سليمان على جمع الفرقاء اللبنانيين وإبقاء طاولة الحوار مفتوحة». ونفت أن يكون التأجيل «نزولا عند رغبة فريق 14 آذار»، مشددة على أن «الأمر ليس كذلك إطلاقا، لكن الرئيس سليمان لن يجري حوارا بين فريق واحد».

وكانت الأمانة العامة لقوى «14 آذار» قد أكدت أمس «تمسكها أكثر فأكثر بموقفها من الحوار وعقمه، خصوصا نتيجة إصرار حزب الله على الاستخفاف بإعلان بعبدا من جهة وعلى إثباته يوميا عدم استعداده للبحث في موضوع سلاحه». ورأت في بيان عقب اجتماعها الدوري أمس، أن «حزب الله عاد فنسف مؤخرا جهود رئيس الجمهورية، من خلال تجاوزه الأصول الدستورية، عبر إعلان أمينه العام عن استعداده استخدام ترسانته الصاروخية بمعزل عن الدولة اللبنانية، كما أنه بدل ومن جانب واحد وظيفة طاولة الحوار المخصصة أصلا للبحث بالسلاح غير الشرعي، وجعل منها مكانا غير دستوري للبحث بأزمة الحكومة».

وأشارت إلى أن «هذا السلوك من قبل حزب الله يؤكد لنا صوابية قرارنا السابق بمقاطعة الحوار»، متمنية على «سليمان خلق مناخات مواتية للحوار من خلال السعي مع كل المخلصين باتجاه استقالة حكومة حزب الله كشرط ضروري لعودة الجميع إلى الحوار الوطني».

وفي سياق متصل، رأى رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون أن مقاطعة فريق «14 آذار» للحوار هدفها منع مناقشة قانون انتخاب جديد والوصول به إلى نتيجة، وكلنا يعلم أن قانون الستين ظالم وهو ضد المبادئ الدستورية. وقال: «إذا كان القانون (الانتخابات) لا يعطي تكافؤا للذين يمثلهم يكون قانونا ظالما»، وحذر من أن «الظلم مرتعه وخيم، من دون أن يعني المقاطعة»، محملا المسؤولية لـ«تيار المستقبل والذين يتعاون معهم».

وانتقد عون، بعد اجتماع كتلته النيابية، ما أثاره وزير الداخلية والبلديات مروان شربل لناحية إمكانية التمديد للمجلس النيابي لستة أشهر، وسأل: «لماذا يريد أن يمدد، فإذا لم يقر القانون من الآن للانتخابات فلن يقر بستة أشهر».

وكان رئيس المجلس النيابي نبيه بري قد استغرب أمس «كثرة الحديث عن التمديد لمجلس النواب الحالي، في الوقت الذي يجب أن ينصب الجهد على الدعوة للعودة إلى إحياء جلسات واجتماعات المجلس النيابي للقيام بمسؤولياته، بما في ذلك درس وإقرار قانون جديد للانتخابات». وأشار، بعد لقاء الأربعاء النيابي، إلى أن «التصريحات التي تطلق من هنا وهناك توحي وكأن الحكومة تخلت عن مسؤولياتها، مع العلم أنها أقرت مشروع قانون للانتخابات وأحالته إلى مجلس النواب لدرسه وإقراره».

في موازاة ذلك، يستكمل وزراء رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط جولاتهم على الأطراف اللبنانية؛ حيث زاروا أمس نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم في حضور عدد من وزراء الحزب ونوابه، في حين رفض النائب عون التعليق على مضمونها، قائلا: «لن أعلق عليها قبل أن يأتوا إلينا، وهم أخذوا موعدا نهار الجمعة (غدا)».

من ناحيته، شدد وزير النقل والأشغال العامة غازي العريضي، في مؤتمر صحافي بعد زيارة وفد الحزب التقدمي الاشتراكي نائب الأمين العام لـ«حزب الله» على أن «هذا ليس اللقاء الأول وهو يأخذ طابع التحرك، في سياق مبادرة جنبلاط»، مشددا على «ضرورة الحوار حول كل القضايا من دون استثناء».

وأعلن العريضي «أننا سنذهب إلى كل القوى السياسية لنناقشها بكل الأمور المطروحة، ومنها القوى التي نختلف معها نحن أيضا»، مشددا على أن «ما نقوم به هو مكمل للمبادر الأول (الرئيس سليمان) لجمع اللبنانيين حول طاولة الحوار». وقال إن جلسة الحوار «أرجئت لأن ثمة من لا يريد أن يأتي إلى الحوار»، مشيرا إلى أن «المقاطعة ليست في مكانها وليست إيجابية، ولكن نحترم هذا الحق».

بدوره، أكد الشيخ قاسم أن «محور المبادرة الأساسي هو الحوار، وحزب الله مع الحوار من دون قيد أو شرط، ومن دون شروط مسبقة؛ حيث يمكن نقاش الموضوعات التي يتفق على طرحها، وتحدد نقاط الاتفاق ونقاط الخلاف، بل يمكن التوصل إلى تنظيم نقاط الخلاف بما يحفظ مصلحة البلد وتعاون جميع الفرقاء مع بعضهم».

وأشار، في بيان بعد اللقاء، إلى أن «موقفنا واضح، ولا يمكن لأي جهة مهما بلغ حجمها وتمثيلها أن تختصر البلد بنفسها أو أن تحتكر التمثيل السياسي والشعبي، ولا يمكن أن يستقر البلد ويرتاح مع أي محاولة من محاولات العزل لجهات تمثيلية لطوائفها أو مذاهبها أو جمهورها». وشدد على أن «الحل الوحيد المتاح والفعال والمنتج هو البحث عن السبل التي تساعد على الحوار البناء، وهذا هو البديل من الفراغ أو وضع البلد على سكة المجهول»، معتبرا أنه «مهما طال الزمن، سيكتشف المراهنون على التطورات الإقليمية والدولية أن الحوار هو الحل، ولكن بعد حدوث خسائر يمكن تفاديها الآن».