المبعوث الأميركي إلى السودان في الخرطوم ثم جوبا لإنقاذ «الاتفاقيات» من الانهيار

تصاعد الخلافات بين دولتي السودان بشأن «أبيي» النفطية.. والقبائل العربية تسلم مذكرة لممثل الأمم المتحدة

TT

تصاعدت الخلافات بين دولتي؛ السودان، وجنوب السودان حول منطقة أبيي مع قرب انتهاء المهلة التي اقترحها رئيس الوساطة الأفريقية رفيعة المستوى ثابو مبيكي التي تنتهي في السابع من ديسمبر (كانون الأول) المقبل. ويتوقع أن يتم تقديم تقرير إلى مجلس الأمن الدولي، يتضمن المقترح الأفريقي للحل، لإجازته ويكون ملزما للطرفين. وينص المقترح الأفريقي للحل النهائي للمنطقة إجراء استفتاء في أكتوبر (تشرين الأول) من العام المقبل. وقد رفضت الحكومة السودانية المقترح، فيما اعتبرت جوبا أن الخرطوم في كل مرة تضع شروطا مسبقة عند تنفيذ اتفاقيات التعاون بينهما.

وسلمت الهيئة الشعبية لمنطقة أبيي مذكرة احتجاج على مقترح رئيس الوساطة الأفريقية رفيعة المستوى ثابو مبيكى حول منطقة أبيي، لمقر الأمم المتحدة بالخرطوم بعد تنظيمها مسيرة ضمت أعدادا كبيرة من أبناء منطقة أبيي، وعبر المشاركون في المسيرة عن رفضهم التام للمقترح الذي قدمه الوسيط الأفريقي ثابو مبيكي باعتبار أن المنطقة تتبع الشمال وفقا لحدود عام 1956م مؤكدين أن المسيرية هم أصحاب الحق والأولوية في المنطقة، ودعت المذكرة إلى ضرورة حفظ حقوق أهل المنطقة وعدم التفريط فيها، مشيرة إلى أن المنطقة تحظى بتاريخ طويل من التعايش السلمي، وجددت المذكرة رفض أبناء المسيرية الاقتراح الذي قدمه مبيكى بشأن إجراء الاستفتاء في المنطقة الذي يقتصر على أبناء مشايخ «دينكا نقوك» التسعة والسكان الآخرين المقيمين في المنطقة وأن لا تشارك أي من القبائل الرعوية سواء كانت من جنوب السودان أو السودان. وطالب أبناء المسيرية بضرورة إشراكهم في الاستفتاء.

من جهة أخرى، بدأت تحركات أميركية لإنقاذ اتفاقيات التعاون بين البلدين بعد توتر بات واضحا في مواقفهما بعد أن تقدمت جوبا بشكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي ضد الخرطوم تتهمها فيها بقصف مواقع داخل أراضيها الأسبوع الماضي، حيث أجرى المبعوث الأميركي إلى السودان وجنوب السودان بنستون ليمان لقاءات في العاصمة السودانية مع مساعد البشير الدكتور نافع علي نافع الذي شدد على ضرورة تنفيذ اتفاقيات الترتيبات الأمنية بوصفه مدخلا لتنفيذ اتفاقيات التعاون بين البلدين. غير أن الدكتور برنابا مريال بنجامين وزير الإعلام في جنوب السودان قال لـ«الشرق الأوسط» إن أي شروط مسبقة تضعها الخرطوم لن تكون مقبولة من جانب بلاده، وقال: «زمن وضع الشروط انتهى ولن تجدي نفعا بالنسبة للخرطوم في هذا الوقت تحديدا»، وأضاف: «إن كان للحكومة السودانية من شروط، فعليها أن تضعها أمام مجلس الأمن الدولي والاتحاد الأفريقي لأنهما قد أشرفا على الوساطة والاتفاقية»، وقال إن حكومته لا تعرف شروطا وإنما تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في سبتمبر (أيلول) الماضي، متهما جهات داخل النظام السوداني لم يسمها بأنها تعمل على عرقلة تنفيذ الاتفاقيات بوضع الشروط والمراوغة، وقال: «الخرطوم من طبعها عدم الالتزام بما يتم الاتفاق عليه وتعودنا على ذلك، لكن الآن ليس أمامها من مفر سوى تنفيذ الاتفاقيات»، وتابع: «نحن ملتزمون بتنفيذ الاتفاقية وعلى المجتمع الدولي أن يضغط على الطرف الذي يعرقل، وبالطبع لسنا هذا الطرف».

وحول احتمال أن يمارس ليمان الذي يتوقع أن يزور جنوب السودان في وقت لاحق، ضغوطا على جوبا، قال بنجامين إن المجتمع الدولي مطلع على كل المواقف، وأضاف: «المشكلة ليست جوبا، وإنما في الخرطوم، ونحن لا نعرقل تنفيذ الاتفاقيات، والعالم كله يعلم ذلك»، وقال إن الطرف الذي يرفض تطبيق ما تم الاتفاق عليه، سيواجه المجتمع الدولي والاتحاد الأفريقي، وأضاف: «على الخرطوم أن توافق على مقترح مبيكي حول أبيي وتنفيذ اتفاقيات التعاون بين البلدين».

من جهة أخرى، أكد سفير السودان في جوبا؛ مطرف صديق، جدية البلدين في تحقيق التواصل وعدم انحراف مسار العلاقة إلى التوتر، بينما ينظر اجتماع اللجنة الأمنية بين البلدين بالخرطوم الأسبوع المقبل، نقاط الخلاف وتنفيذ الاتفاقيات حزمة واحدة.

واعتبر وزير الدفاع السوداني عبد الرحيم محمد حسين، خلال لقائه بمكتبه ممثل «إيقاد» بالسودان؛ لاسانا يوهانس، أن اتفاق الترتيبات الأمنية مدخل من شأنه أن يمهد الطريق لإنفاذ الاتفاقيات الأخرى، وبحث الوزير والمسؤول الأفريقي الترتيبات الجارية لاجتماع الآلية السياسية الأمنية المشتركة بالخرطوم المزمع عقده في غضون الأيام المقبلة، وأكد حسين الالتزام بإنفاذ كل بنود الاتفاقيات الموقعة بين الطرفين، وشدد على حرص بلاده وسعيها إلى بذل الجهود الإيجابية لمناقشة كل القضايا التي تهم البلدين، معلنا أن الأسبوع المقبل سيلتئم اجتماع اللجنة السياسية والأمنية المشتركة في الخرطوم، وعلى مستوى الخبراء في 3 و4 ديسمبر المقبل، وعلى مستوى الوزراء في 5 و6 من الشهر ذاته.