النظام السوري يحاصر العاصمة بقطع الاتصالات وإقفال طريق مطار دمشق الدولي

إلغاء رحلات للطيران.. وإصابة جنديين نمساويين لحفظ السلام

مقاتل مبتور اليد من الجيش الحر يتخذ ساترا من قناصة النظام بالقرب من قلعة حلب الأثرية أول من أمس (رويترز)
TT

على وقع استمرار العمليات العسكرية التي تستنزف المزيد من الدماء، وفي خطوة أثارت مخاوف الناشطين السوريين معتبرين أنّها تمهيد لـ«عمل ما»، عمد النظام السوري إلى محاصرة العاصمة أمس وقطع الاتصالات الأرضية والخليوية والإنترنت عن معظم أنحاء العاصمة دمشق وريفها، ومعظم مناطق محافظات حماه وحمص ودرعا، وجميع أرجاء محافظة طرطوس والسويداء، وبعض مدن دير الزور والرقة، بحسب ما أكّد شهود وناشطون لـ«الشرق الأوسط».

وبينما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أنّ السلطات السورية أقدمت على إقفال طريق مطار دمشق الدولي «بسبب استمرار الاشتباكات والعمليات العسكرية في بلدات تقع على أطراف الطريق».. أكد سكان في العاصمة السورية لوكالة الصحافة الفرنسية أن «سلطات المطار أكدت لهم إغلاق الطريق»، مشيرة إلى «أنها لا تعرف موعدا لإعادة فتحه». كما ذكر ناشطون أنّ شركتي «مصر للطيران» و«طيران الإمارات» قامت بتعليق رحلاتها إلى دمشق بسبب الوضع الأمني حول مطارها، فيما قالت وزارة الدفاع النمساوية إن اثنين من جنود حفظ السلام النمساويين أصيبا بالرصاص أمس عندما تعرضت قافلتهم لإطلاق النار قرب المطار في العاصمة السورية. وقال بيان للوزارة «جنود الأمم المتحدة النمساويون في القافلة، والاثنان المصابان موجودون بالفعل في أمان في المطار في دمشق»، بحسب رويترز. ويخدم الجنود النمساويون في قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في مرتفعات الجولان السورية المحتلة.

وفي سياق ذي صلة، قال مقاتل معارض لـ«رويترز» إن مقاتلي المعارضة السورية أطلقوا قذائف مورتر على ممرات مطار دمشق الدولي أمس وقطعوا الطريق المؤدي إلى العاصمة دمشق. وقال المقاتل أبو عمر، الذي ينتمي إلى كتيبة جند الله، إن «رجاله ليسوا داخل المطار، لكن بوسعهم قطع الطرق المؤدية إليه والمنطلقة منه».

وتابع أنه كان مع مقاتلين آخرين من كتيبة جند الله وكتيبتين إسلاميتين أخريين بالقرب من المطار، وأن قذائف المورتر التي أطلقت ألحقت أضرارا بمدارج المطار.. مؤكدا أن أحدا لا يستطيع دخول المطار أو الخروج منه. بينما قال المتحدث باسم المجلس العسكري للمعارضة المسلحة في دمشق معتز القنواتي إنه لا معلومات لديه بشأن الهجمات على المطار، لكن المسلحين الموجودين في المنطقة لديهم القدرة على ضرب المطار.

وبينما أكدت مصادر إخبارية انقطاع الاتصالات على مستوى قطاعات كبرى من سوريا أمس، وأفادت شركتان أميركيتان متخصصتان وكالة أسوشييتد برس بأن جميع النطاقات السورية شهدت سقوطا كاملا منذ الساعة 12:26 دقيقة بالتوقيت المحلي لدمشق.. أكد ناشطون أن النظام السوري هو من قام بقطع الاتصالات للقيام بعملية كبرى ضد المعارضة. وقال بعضهم «الناشطون السوريون كانوا متأهبين لهذه اللحظات، اقتداء بما حدث في الثورة المصرية في 25 يناير 2011».

وأوضح بعض الناشطين أنهم مجهزون بهواتف اتصال عبر الأقمار الاصطناعية. وكانت دول غربية قد أوضحت أكثر من مرة خلال الأشهر الماضية قيامها بتركيز مساعداتها للمعارضة السورية على «المساعدات غير القتالية» و«أجهزة الاتصالات». فيما نقل تلفزيون «الإخبارية» (الموالي للحكومة السورية) عن وزير الإعلام السوري نفيه وجود صلة حكومية بالأمر، قائلا إن «إرهابيين» وليست الدولة هم من قطع الإنترنت. كما أفاد التلفزيون الحكومي بأن وزير الاتصالات صرح بأن المهندسين يعملون على إصلاح ما قال: إنه «خلل في كيبل الاتصالات والإنترنت الرئيسي».

وانطلاقا من هذه المستجدات الأمنية، حمّلت لجان التنسيق النظام السوري المسؤولية عن أي مجازر سترتكب في أي من المدن السورية بعد هذا التصعيد من جانب النظام السوري، سواء عبر شن حملات على مناطق المطار أو قطع الاتصالات.. مناشدة العالم التحرك للقيام بخطوات عملية لحماية المدنيين.

وأكد محمد السعيد، الناطق باسم التنسيقيات في ريف دمشق، لـ«الشرق الأوسط» أنّه «خلال يومين اثنين تم السيطرة الكاملة على القطعة (533)، والتي تسمى قاعدة الجيش العربي السوري في ريف دمشق، والقطعة (542)؛ رغم المقاومة الشرسة من قوات النظام. وأسفرت المعارك عن سقوط 300 قتيل من قوات النظام وأسر مجموعة أخرى»، مؤكدا أنّه ورغم إحراق القوات لمستودعات الأسلحة الخفيفة، فقد «نجح لواء الإسلام من الاستيلاء على عدد كبير من المصفحات والآليات العسكرية الثقيلة».

في موازاة ذلك، كان النظام قد استأنف قصفه أمس لأحياء جنوب العاصمة دمشق ومناطق أخرى في دير الزور وحلب مما أدى إلى مقتل أكثر من 70 شخصا كحصيلة أولية بحسب لجان التنسيق المحلية، في حين قال ناشطون إن الجيش السوري الحر سيطر على حاجزين أمنيين تابعين للقوات النظامية في أطراف مدينة إدلب. بينما أفادت لجان التنسيق المحلية بـ«إسقاط طائرة حربية لقوات النظام في بنش بريف إدلب».

كما قصف جيش النظام صباحا مناطق بأحياء دمشق الجنوبية، وفق ما نقلته وكالة شام الإخبارية، كما هدمت بالجرافات منازل فوق ساكنيها في حي اللوان بمنطقة كفر سوسة بالعاصمة، وقتلت عددا من الأشخاص وشنت حملات دهم واعتقال بين الأهالي.

وأفاد ناشطون أنّ «حجم الإجرام لا يصدق وأصبح القتل على الهوية والجثث ملقاة في الطرقات، ويتم دهم وترويع من تبقى من الأهالي في ظل وجود عدد من الجرافات التي تهدم المنازل وتجرف المكان في عدة اتجاهات». وأفاد المرصد، عن تعرض بلدة عربين ومدينة دوما بريف دمشق للقصف من قبل القوات النظامية كما دارت اشتباكات الجيشين الحر والنظامي في بلدة داريا، وفي مدينة دمشق تعرض حي الحجر الأسود للقصف كما نفذت قوات النظام حملة اعتقالات طالت عددا من المواطنين في حي الزاهرة القديمة.

وفي حلب، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مقتل 15 شخصا بينهم خمسة أطفال وإصابة أكثر من عشرين شخصا آخرين في غارة جوية على أحد أحياء مدينة حلب شمال سوريا. كذلك، بث ناشطون سوريّون على موقع «يوتيوب» فيديو، يظهر فيه سيطرة المعارضة السورية المسلّحة على كتيبة الدفاع الجوّي 608 بريف حلب. من جهة أخرى، أعلن المرصد أنّ «السلطات الأمنية السورية اعتقلت في محافظة حلب الطبيب البريطاني عباس خان الذي كان يعمل كمتطوع في المشافي الميدانية في سراقب، وغادر إلى مدينة حلب الأحد الماضي لمعالجة جرحى القصف والاشتباكات». وأشار المرصد إلى أنه سبق له «أن دخل إلى سراقب في شهر أغسطس (آب) الفائت قبل أن يغادر سوريا ويعود قبل أيام مع معداته الطبية، وعندما شاهد أن مدينة سراقب وريفها شبه مستقرة توجه إلى حلب».