الاعتراف السياسي بالائتلاف السوري لا يضمن التمثيل الدبلوماسي

إسبانيا تلحق بالركب.. وخبراء لـ«الشرق الأوسط»: ماخوس وسفور لا يحق لهما مزاولة أي نشاط دبلوماسي

TT

أعلنت وزارة الخارجية الإسبانية أمس، في بيان صادر عنها، أن «الحكومة الإسبانية اعترفت بالائتلاف الوطني السوري المعارض ممثلا شرعيا للشعب السوري»، ووجهت دعوة رسمية إلى رئيس الائتلاف أحمد معاذ الخطيب لزيارتها. ورغم إعلان «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» تعيين سفيرين له تباعا في فرنسا وبريطانيا، وتداول وسائل الإعلام حول العالم بذلك، فإنه يبدو أن الدولتين المضيفتين ستتعاملان مع «سفيري» الثورة السورية على أنهما ممثلان سياسيان إلى حين تشكيل حكومة انتقالية تحظى باعتراف دولي واسع.

ويعني اعتبار كل من منذر ماخوس (فرنسا) ووليد سفور (بريطانيا) ممثلين للائتلاف السوري المعارض أنهما لن يحظيا بأي امتيازات دبلوماسية، ولن يسمح لأي منهما بتسلم مقر السفارة السورية أو إدارة الأعمال القنصلية؛ بما فيها تصريف شؤون السفارة. ويقول القنصل السوري السابق في أرمينيا والمستشار المنشق عن الخارجية السورية محمد حسام حافظ لـ«الشرق الأوسط» إن «الاعتراف بالائتلاف من قبل فرنسا وبريطانيا يعني ضمنا سحب الاعتراف بالحكومة السورية»، لافتا إلى أن «التمثيل الدبلوماسي هو نتيجة من نتائج الاعتراف السياسي».

وانتقد كيف أن «فرنسا اعترفت بالائتلاف وبماخوس ومن ثم قالت لا يمكن تسليمه مبنى السفارة باعتباره ملكا للنظام». ولفت إلى أن «موظفي السفارة السورية في فرنسا لا يزالون يمارسون عملهم كالمعتاد وفق معلوماتي قبل أيام قليلة»، مشيرا إلى «تناقض في هذا السياق من الناحية القانونية وازدواجية بالتعاطي». وسأل: «كيف يمكن أن تعترف فرنسا بالائتلاف كممثل شرعي وحيد، وفي الوقت عينه اعتبار أن السفارة لا تمثل الجهة المعترف بها»، معربا عن اعتقاده أن «الفرنسيين وقعوا في حيرة، نظرا لأن الائتلاف المعارض لم يحصل بعد على اعتراف دولي واسع، وهذا ربما ما يفسر موقفهم باعتبار ماخوس ممثلا وليس سفيرا، وبالتالي لا يمكنه إصدار وثائق دبلوماسية وتسيير أمور الجالية السورية في فرنسا».

وأشار الحافظ إلى أن «الوضع في بريطانيا أكثر سهولة من فرنسا لأنه لا يوجد حاليا أي دبلوماسي سوري، بعدما أعلن آخر دبلوماسي موجود في السفارة أنه سيتوقف عن القيام بعمله ولن يمثل الحكومة، من دون أن يعلن انشقاقه، مما أدى إلى إغلاق السفارة السورية في لندن»، معتبرا أنه «يمكن بالتالي للسلطات البريطانية أن تسلم مبنى السفارة لموفد الائتلاف». ولفت الحافظ إلى أن «الائتلاف عين شخصيات بعيدة عن المجال الدبلوماسي، علما بأنها شخصيات وطنية معروفة»، معتبرا أنه «لا يمكن لأي كان القيام بمساعدات دبلوماسية وأعمال قنصلية».

من وجهة نظر القانون الدولي، عندما تسحب أي دولة اعترافها بدولة أخرى، من الطبيعي أن تقطع العلاقات الدبلوماسية بينهما، وقد يتم تخفيض عدد الدبلوماسيين وصولا إلى طرد السفير. ويقول الخبير في العلاقات الدولية وأستاذ القانون الدولي الدكتور أنطوان صفير لـ«الشرق الأوسط» في هذا السياق، إن «العلاقات الدبلوماسية والقنصلية تقوم بين الدول وفق اتفاقيات ومعاهدات فيينا، على أساس اعتراف كل دولة بالدولة الأخرى ووجود علاقات سياسية بينها». وأشار إلى أن «إقدام دولة ما على سحب الاعتراف بدولة أخرى، يعني بطبيعة الحال أن سفير الأخيرة لم يعد مرغوبا بوجوده على أراضي الدولة الأولى».

ويوضح صفير أن «مجرد اعتراف فرنسا وبريطانيا بالائتلاف السوري المعارض يعني أن الائتلاف بات بنظرها الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري على أراضيها، انطلاقا من أن الدولتين استبدلتا الاعتراف بالنظام السوري باعتراف بالائتلاف المعارض الذي عين سفيرين له في الدولتين». وأكد أن «الأمر من الناحية المبدئية والقانونية يعني أن بإمكان السفيرين القيام بما تمليه عليهم النظم الدبلوماسية، كما يحق لهم القيام بكل الأعمال التي يقوم بها أي سفير، ما دامت الدولتان المضيفتان راغبتين بذلك». ورأى صفير أن «ثمة تناقضا عمليا بين اعتراف فرنسا وبريطانيا بالائتلاف كممثل شرعي للشعب السوري ثم منع السفيرين من ممارسة أعمال السفارة»، لكنه أشار في الوقت عينه إلى أنه «في حال اعتبرت فرنسا وبريطانيا كل من سفور وماخوس ممثلين للائتلاف وليسا سفيرين، فيحق لهما بالتأكيد منعهما من الدخول إلى السفارتين السوريتين، باعتبار أن الممثل ليس سفيرا وإنما صلة وصل سياسية بين الدولة المضيفة والائتلاف». ويضيف: «السفير يقوم بمهام السفير وفقا للنظام التي ترعى العلاقات الدبلوماسية بين الدول، أما الممثل فهو ممثل سياسي ولا دور قنصليا أو دبلوماسيا له».

تجدر الإشارة إلى أن متحدثا باسم وزارة الخارجية البريطانية أعلن الثلاثاء الماضي ترحيبه بتعيين سفور «ممثلا سياسيا للائتلاف»، وأكد أنه «لن يستخدم مبنى السفارة السورية في لندن»، لافتا إلى أن حكومته «لن تعترف بالائتلاف كحكومة منفى».

وقال المتحدث وفق ما نقلته عنه وكالة «يونايتد برس»: «السفارة السورية مغلقة الآن ولا يوجد تمثيل دبلوماسي سوري في المملكة المتحدة، لكننا لن نقطع العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، وسفارتها في لندن لا تزال مصانة بموجب معاهدة فيينا للعلاقات الدبلوماسية». وجزم المتحدث البريطاني بأنه «لن يكون من حق الائتلاف المعارض استخدام السفارة السورية في لندن ولن نعترف بالائتلاف كحكومة منفى، وسنستمر في التعامل مع نظام الأسد، حيث تملي الضرورة القصوى مثل الحالات القنصلية، لكننا نعتبر أن الائتلاف المعارض يعكس التطلعات المشروعة للشعب السوري».

وكان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند قد أعلن منتصف الشهر الحالي، أن بلاده «ستستقبل في باريس سفيرا للائتلاف المعارض السوري الجديد بعد اجتماعه برئيسه أحمد معاذ الخطيب». لكن فرنسا عادت وأعلنت أن ماخوس سيكون ممثلا للائتلاف الوطني في باريس إلى حين تشكيل «حكومة تكنوقراط» تتولى إدارة سوريا.