فشل مفاوضات بغداد حول «عمليات دجلة».. وقيادي كردي يرجح اللجوء إلى المقاطعة السياسية

رئيس ديوان رئاسة إقليم كردستان: العراق برمته سيتضرر من تصعيد الأزمة

TT

وصلت المفاوضات التي يجريها الوفد العسكري الكردي في بغداد منذ عدة أيام، بهدف التخفيف من حدة التوترات العسكرية في المناطق المتنازعة، إلى طريق مسدود، بعد إصرار الحكومة العراقية على التمسك بقيادة عمليات دجلة، وعدم استعدادها لإلغائها تحت أي ظرف كان، وهذا هو الشرط الأساسي الذي أكدت عليه قيادة كردستان لتطبيع أوضاع المنطقة وإنهاء التوترات.

وكان وفد عسكري كردي رفيع المستوى من وزارة البيشمركة وقيادة قوات حرس الإقليم قد زار بغداد قبل ثلاثة أيام لإجراء مفاوضات مع مسؤولين بوزارة الدفاع والقيادة العامة للقوات المسلحة الاتحادية التي يرأسها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، حسب مبادرة من أسامة النجيفي رئيس مجلس النواب العراقي، بهدف التباحث حول الأوضاع المتوترة في المناطق المتنازعة وتحديدا في منطقة طوزخورماتو وأطراف كركوك، وكادت تلك المفاوضات تتوج باتفاق عسكري يمهد لعودة القوات العسكرية الإضافية التي أرسلت من الطرفين (الجيش والبيشمركة) إلى هناك لمناطقها الأصلية حسب مصادر في الوفد الكردي. وكان من المتوقع أن يصل وزيرا الداخلية والبيشمركة بحكومة إقليم كردستان إلى بغداد في غضون هذه الأيام لتوقيع الاتفاق النهائي على النقاط والتفاهمات التي تم التوصل عليها بين القادة العسكريين، ولكن في اللحظة الأخيرة تراجع الجانب العراقي عن أي التزام في ما يتعلق بإلغاء تشكيل قيادة عمليات دجلة أو سحب قوات الجيش من مناطق كركوك وطوزخورماتو وبقية المناطق المتنازعة.

في هذه الأثناء تأكدت «الشرق الأوسط» من عودة الوفد الكردي المفاوض إلى أربيل خالي الوفاض، وعلمت من مصادر كردية قيادية أن «أعضاء الوفد سيجتمعون في وقت لاحق برئيس الإقليم مسعود بارزاني لإبلاغه بتفاصيل المفاوضات والنقاط التي تم بحثها هناك».

في غضون ذلك، عقد بارزاني يوم أمس اجتماعا آخر مع قادة الأحزاب الكردستانية، حضره 15 حزبا كرديا وتركمانيا ومسيحيا، بينها أحزاب المعارضة الكردية، للتداول في نتائج المفاوضات التي أجريت في بغداد. وصدر عن الاجتماع بلاغ ختامي جاء فيه «عقد رئيس الإقليم مسعود بارزاني اجتماعا (الخميس) مع ممثلي جميع القوى والأحزاب الكردستانية لتقييم الأوضاع والتطورات في المنطقة». وأعربت الأطراف المشاركة في الاجتماع عن «قلقها البالغ تجاه تهديدات القوات الاتحادية وإصرارها على حماية الإقليم والمكاسب الدستورية والدفاع عن العملية الديمقراطية في العراق»، وشددت على «منع ظهور الديكتاتورية وعسكرة الدولة مرة أخرى»، ودعت «جميع القوى العراقية إلى القيام بدورها في مواجهة هذا النهج الخطير من الحكومة العراقية والذي يشكل بلاء ليس على كردستان فحسب بل على جميع العراق ومكوناته»، وأكدت تلك الأحزاب التزامها بوحدة التراب العراقي واحترام الدستور، والتحذير من أن انتهاكه سيعرض العراق إلى مخاطر جسيمة.

وحول الخيارات المتاحة أمام قيادة كردستان بعد فشل المفاوضات الحالية بين أربيل وبغداد لتطبيع الأوضاع، أكد الدكتور فؤاد حسين، رئيس ديوان رئاسة إقليم كردستان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخيار الأفضل في هذه المرحلة من الأزمة هو تكثيف الاتصالات مع التحالف الوطني الشيعي الذي يتحمل جزءا كبيرا من مسؤولية معالجة هذه الأزمة، وسبق لاجتماع الرئاسة مع الأحزاب الكردستانية أن أرسل رسالة إلى قيادة هذا التحالف حول مجمل التوترات والأوضاع المتدهورة في المناطق المتنازعة، ويفترض بالتحالف الوطني أن يقوم بدوره ويرد على تلك الرسالة، فالأمور تتجه نحو المزيد من التصعيد، وحان الوقت لقيادة التحالف الوطني لبيان موقفها الصريح والواضح من كل ما يجري، فلم يعد السكوت أو الحياد أمرا مقبولا. يجب أن يحدد التحالف موقفه الواضح من المسألة، وهل هو يؤيد المالكي في مواجهته الحالية معنا، أم أن لديه موقفا آخر»، مشيرا إلى أن «الكرد بادروا بإرسال وفدهم إلى بغداد للتفاوض حول سبل تخفيف الأزمة ومعالجتها، وحان الوقت للتحالف الشيعي لكي يبادر بدوره بما يسهم في معالجة الأزمة». وأضاف «في هذه المرحلة سنقوم بإرسال الوفود إلى التحالف الوطني وبقية الكتل العراقية لشرح موقف قيادة كردستان وأسباب وتداعيات هذا التصعيد الخطير للأزمة، وسنعمل على وضع الجميع في صورة ما يحدث من تهديدات ومخاطر يتعرض لها العراق، فلسنا وحدنا من يتضرر من أي مواجهات قادمة لا سمح الله، بل إن العراق برمته سيتضرر من تصعيد الأزمة باتجاه احتمالات لا تحمد عقباها».

الاحتمالات الواردة أوضحها لـ«الشرق الأوسط» قيادي كردي، غير مستبعد حدوث مواجهات عسكرية دامية بالمناطق المتنازعة. وقال المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته «إنه في ظل غلق باب المفاوضات والحوار من قبل حكومة المالكي لحل الأزمة العسكرية والتوترات الحاصلة في المناطق المتنازعة، أصبحت الخيارات ضيقة جدا، أبرزها إعلان مقاطعة سياسية بين أربيل وبغداد على غرار القطيعة التي وقعت بينهما من عام 1992 إلى عام 2003 عندما سقط نظام صدام حسين».