مليونية «حلم الشهيد» تحتشد ضد مرسي.. والبرادعي: شرعية النظام تتآكل

الغضب يعم مصر.. والمتظاهرون يهتفون: «مينا موحد القطرين.. ومرسي قسمها نصين»

متظاهرون ضد الدستور الجديد في التحرير أمس (إ.ب.أ)
TT

واصل مئات الآلاف من المصريين غضبهم أمس في مظاهرات حاشدة عمت الأقاليم، في مليونية أطلق عليها «جمعة حلم الشهيد». واكتظ ميدان التحرير، أيقونة الثورة بالعاصمة القاهرة، بحشود المتظاهرين الذين توافدوا إليه في مسيرات شعبية انطلقت من عدة ميادين، وذلك بعد ساعات من تصويت الجمعية التأسيسية على مشروع الدستور الجديد للبلاد. وردد المتظاهرون في الميدان هتافات تطالب برحيل النظام ورفض الدستور الجديد الذي هيمن على جمعيته التأسيسية منتمون لجماعة الإخوان وتيارات الإسلام السياسي، كما ندد المتظاهرون بالإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس مرسي وهتفوا «مينا موحد القطرين.. ومرسي قسمها نصين». وكان لافتا مشاركة عدد من رموز العمل الوطني وقادة الأحزاب المعارضة وفقهاء القانون الدستوري، كما شارك في المظاهرات والمسيرات عدد من نجوم الفن والرياضة.

شارك في المليونية أكثر من 36 حزبا وحركة سياسية وثورية، ووصلت إلى الميدان عقب صلاة الجمعة أمس مسيرات من مختلف الميادين بالقاهرة كان أبرزها مسيرات تقدمها المعارض اليساري والمرشح الخاسر في الانتخابات الرئاسية السابقة حمدين صباحي، الذي احتشد حوله عشرات الآلاف بالميدان. وقال صباحي إن جماعة الإخوان المسلمين تعمل بعقلية الخائفين، وإن المنتمين لها «سلقوا» الدستور في جنح الليل على الرغم من أنه لا تزال أمام الجمعية التأسيسية فرصة أكثر من شهرين لإتمام الدستور، لكنهم أتموه بسرعة خوفا من الحكم ببطلان الجمعية. واتهم صباحي مرسي بعدم الوفاء بوعده، ودعا كل التيارات والحركات للاعتصام بالتحرير لحين تنفيذ المطالب، مشيرا إلى أن الشعب المصري لن يقبل ديكتاتورا جديدا يحكم البلاد.

وألقى الدكتور محمد البرادعي، وكيل مؤسسي حزب الدستور، كلمة في المتظاهرين، طالب فيها بالعودة لما قبل الإعلان الدستوري، والدخول بعدها في حوار وطني عاجل. وطالب البرادعي، في كلمته من أعلى منصة بميدان التحرير أمام المتظاهرين، المصريين في جميع الميادين بضرورة الإصرار على أربع نقاط رئيسية، هي: العودة إلى ما قبل الإعلان الدستوري والوصول إلى حوار وطني كامل، والتوافق على خطوط محددة وأرض مشتركة لمواجهة الأخطار التي تتعرض لها البلاد، واعتبار المشروع الحالي فاقدا للشرعية من حيث الشكل والمضمون، والعمل على مواجهة حالة الاستقطاب التي تعصف بالبلاد.

وحمّل البرادعي الدكتور محمد مرسي المسؤولية كاملة عما يترتب من تداعيات تضع المشروعية الدستورية على المحك، مشددا على ضرورة استمرار الاعتصام بالشكل السلمي واستخدام جميع الوسائل السلمية للتصعيد للوصول إلى المطالب الشعبية وهي العيش والحرية والعدالة الاجتماعية. وقال إن شرعية النظام المصري «تتآكل»، واصفا ما يقوم به الرئيس المصري والجمعية التأسيسية بأنه «انقلاب على الديمقراطية»، حسبما قال في تغريدة له أمس الجمعة على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر».

وقال البرادعي، رئيس حزب الدستور المعارض «ما يقوم به الرئيس واللجنة التأسيسية الآن هو انقلاب على الديمقراطية. شرعية النظام تتآكل»، وهو ما يعد أقوى انتقاد موجه من البرادعي للنظام المصري منذ قرارات الرئيس المصري بتوسيع صلاحياته وتحصين قراراته قبل نحو أسبوع. وأضاف أن العصيان المدني هو الخيار الأوحد لإسقاط مشروع الدستور الجديد، والإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي منذ أيام. كما طالب مرسي بتحقيق أهداف ملايين المصريين بجميع محافظات مصر وإنهاء حالة الاستقطاب بالشارع المصري.

وقد ردد المتظاهرون هتافات «يسقط يسقط النظام.. شد القلوع يا برادعي مافيش رجوع يا برادعي». وقالوا إنهم يستعدون لمظاهرات حاشدة والوجود بالميدان اليوم لمجابهة المظاهرات التي دعت إليها جماعة الإخوان أمام جامعة القاهرة لتأييد الإعلان الدستوري، مؤكدين أن الشرعية من الميدان، وأن التيارات الإسلامية تريد الانقلاب على الثورة بعدما وصلت إلى سدة الحكم. وهتف المتظاهرون بإسقاط النظام وإسقاط دولة المرشد والإعلان الدستوري، داعين أفراد الشعب المصري للتكاتف معهم في مطالبهم من أجل تحقيق أهداف الثورة، والقصاص العادل لشهداء الثورة منذ 25 يناير (كانون الثاني) مرورا بالمرحلة الانتقالية وحتى سقوط الشهيد جابر صلاح من حركة «6 أبريل» في أحداث محمد محمود الثانية. وألقى الشيخ الأزهري محمد عبد الله نصر خطبة الجمعة من على المنصة الوحيدة أمام مسجد عمر مكرم، والتي علقت عليها صور عدد من أبرز الشهداء، قائلا إن «الثورة والاعتصام لن ينتهيا حتى يتم إسقاط الإعلان وتلبية كل مطالب الثوار». وعلى الصعيد الميداني، واصل المعتصمون إغلاق كل المداخل المؤدية إلى الميدان، حيث قاموا بوضع الحواجز المعدنية والأسلاك الشائكة بمداخل الميدان.

من ناحية أخرى، أعلنت 18 حركة ثورية وحزبا سياسيا مشاركتها للقوى الإسلامية في مليونية اليوم (السبت) لتأييد ودعم الشرعية وهوية الأمة والرئيس مرسي، وكانت القوى الإسلامية التي دعت إلى المليونية أعلنت أول من أمس نزولها على رغبة الرموز الوطنية والسياسية والفكرية، وقيامها بتغيير مكان المليونية من ميدان التحرير إلى ميدان النهضة أمام جامعة القاهرة.

وتوافد المتظاهرون على الميادين بالمحافظات بعد أداء صلاة الجمعة، حيث انقسمت المظاهرات بين مؤيدة للإعلان الدستوري والاستفتاء على الدستور الحالي، وأخرى رافضة لهذه القرارات ومطالبة بإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور لضمان إصدار دستور متوازن لكل المصريين.

ففي محافظة الوادي الجديد، نظمت جماعة الإخوان مظاهرة بمدينة الخارجة لتأكيد تأييدها لقرارات الرئيس محمد مرسي التي جاءت بالإعلان الدستوري الأخير. وقام المتظاهرون بتوزيع بيان طالبوا فيه باستكمال مسيرة الثورة، وتطهير القضاء والإعلام، والعمل من خلال شرعية ثورية تحافظ على أهداف ومكتسبات ثورة 25 يناير.

وفي محافظة الإسكندرية، انطلقت مسيرة من أمام ميدان القائد إبراهيم باتجاه ميدان سيدي جابر مرورا بشارع بورسعيد، وردد المشاركون هتافات مناوئة للإعلان الدستوري، ومشروع الدستور الجديد. وقام الشيخ حسن عبد البصير، إمام مسجد سيدي جابر، على مرأى ومسمع من العديد من القيادات التي كانت متمركزة بصحبة الآلاف من المتظاهرين التابعين للإخوان أمام المسجد لإعلان تأييدهم للرئيس، بقراءة استقالته من إمامة المسجد، وذلك قبل انتهائه من خطبة صلاة الجمعة.

وكشف عبد البصير عن أنه تلقى تعليمات من وزارة الأوقاف بإعلان تأييده لقرارات الرئيس مرسي، وأن يحث المصلين على القبول بها، وهو ما رفضه الشيخ قائلا، إنه لم يكن يتمنى أن يتدخل أحد ويوجه الأئمة لإلقاء خطب لمنافقة الحكام.

ووجه الروائي علاء الأسواني تحية إلى إمام مسجد سيدي جابر. وقال الأسواني في تدوينة له على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «أحيى الشيخ البصير إمام مسجد سيدي جابر الذي رفض تعليمات الأوقاف بنفاق مرسي في خطبة الجمعة». وخاطب الأسواني «الإخوان» بقوله «تعلموا الاستقامة أيها (الإخوان)».

وفي محافظة كفر الشيخ، جابت المظاهرة شوارع المحافظة بداية من الجامعة، وتوقفت بميدان التعاون، ثم مرت بشارعي النبوي المهندس، والخليفة المأمون. وأكدت هبة مسعد، المتحدثة باسم حزب الدستور في كفر الشيخ، أن «مظاهرة أمس جاءت تعبيرا قاطعا عن استمرار المظاهرات التي لن تهدأ أبدا إلا بعد تراجع الرئيس مرسي عن قراراته الأخيرة»، التي وصفتها بأنها «انقضاض على الشرعية والديمقراطية».

وفي محافظة المنوفية، خرجت 3 مسيرات مؤيدة للإعلان الدستوري بمدينة شبين الكوم نظمتها جماعة الإخوان المسلمين وحزبها الحرية والعدالة، وشارك فيها حزب النور (السلفي) والأحزاب الإسلامية.

وفي الإسماعيلية، جابت مسيرة معارضة الشوارع، وردد المتظاهرون عدة هتافات منها «يسقط يسقط حكم المرشد»، و«اصحى يا مصري اصحى وثور.. الإخوان سرقوا الدستور»، و«مصر لن تتأخون لكن يمكن للإخوان أن يكونوا مصريين»، و«ارحل سيبها مدنية.. لو مش قد المسؤولية».

وفي السويس، نظم المئات من أعضاء الأحزاب والقوى السياسية المدنية وشباب الحركات الثورية مسيرة جابت شوارع المحافظة للمطالبة بإسقاط الدستور وإلغاء قرارات مرسي الأخيرة، مرددين هتافات عبر مكبرات الصوت منها «لا إعلان ولا دستور.. وانت يا مرسي عليك الدور»، و«يا حرية فينك فينك.. حكم المرشد بينا وبينك»، و«يا بلدنا ثوري ثوري.. ضد الإعلان الدستوري»، و«عايزين يركبوا على ثورتنا.. إلا الثورة على جثتنا»، ورفعوا الأعلام المصرية ولافتات كتبوا عليها «الشعب والقضاء إيد واحدة ضد حكم المرشد»، و«ثورة الشعب ضد الإخوان»، و«لا للإعلان الدستوري».

وفي المنصورة، خرجت مظاهرات حاشدة من مؤيدي الإعلان الدستوري؛ لكنها لم تسفر عن احتكاكات بين المؤيدين والمعارضين.

وفي المحلة الكبرى، تواصلت التظاهرات الرافضة للإعلان الدستوري، وصاحبها قيام متظاهرين رافضين للإعلان بإضرام النيران في مقرات حزب الحرية والعدالة بالمحلة.

وانقسمت محافظات صعيد مصر إلى مظاهرات رافضة للإعلان الدستوري وأخرى مؤيدة لقرارات الرئيس محمد مرسي، فشهدت محافظة قنا مسيرتين عقب صلاة الجمعة الأولى إحداهما رافضة للإعلان الدستوري ومشروع الدستور الجديد، والثانية لجماعة الإخوان تدعو للمشاركة في مليونية دعم الشرعية والشريعة. وقال أحمد محمود الجبلاوي، مسؤول جماعة الإخوان بقنا، إن «بقايا النظام السابق يسعون إلى إجهاض كل إنجاز يحققه الشعب في طريق التحول الديمقراطي».