كلينتون تلتقي الإبراهيمي بواشنطن وتبحث ترتيبات مؤتمر أصدقاء سوريا في المغرب

المبعوث الدولي يطالب بقرار من مجلس الأمن لإنشاء قوة حفظ سلام قوية

المبعوث الدولي لسوريا الأخضر الإبراهيمي أثناء مؤتمر صحافي بمقر الأمم المتحدة أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

حذر المبعوث الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي من تفاقم الوضع الأمني واستمرار الأزمة السورية وتأثيراتها على دول الجوار مع ارتفاع أعداد اللاجئين إلى أكثر من نصف مليون لاجئ. وطالب بوضع اتفاقية ملزمة لوقف كل أشكال العنف وتشكيل هيئة انتقالية حكومية، وإنشاء قوة حفظ السلام قوية، مطالبا مجلس الأمن الدولي بإصدار قرار بهذا الشأن.

وقال الإبراهيمي في جلسة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة صباح الجمعة إنه لا بد من التوصل إلى حل سلمي للأزمة السورية عبر المفاوضات والاستجابة لطموحات الشعب السوري وإلا أصبحت سوريا دولة فاشلة، محذرا من انهيار الدولة ومؤسساتها وانتشار الفوضى وتأثير ذلك على السلم والأمن العالمي.

وأكد المبعوث الأممي أن الخيار الوحيد أمام المجتمع الدولي هو البحث عن تسوية سياسية يتم التفاوض بشأنها، وقال: «لا بد من التوصل لعملية قابلة للتطبيق لإنهاء النزاع في سوريا، وهي موجودة في البيان الختامي لمجموعة جنيف في يونيو (حزيران) 2012 التي شارك فيها كوفي أنان، وهي بحاجة لترجمتها إلى قرار يصدره مجلس الأمن» وأضاف: «نحتاج لنظام مراقبة قوي مشكل من قوة حفظ سلام قوية واتفاقية ملزمة لوقف كل أشكال العنف وتشكيل هيئة انتقالية حكومية، وهذا يحتاج إلى قرار من مجلس الأمن».

وأكد الإبراهيمي أن الخيار الوحيد أمام المجتمع الدولي هو البحث عن تسوية سياسية يتم التفاوض بشأنها، والبحث عن طريق للتوصل إلى سلام دائم، وقال: «كثير من البلدان كانت لديها علاقات وثيقة مع الحكومة السورية، وبعد اندلاع الأزمة، حدث انقسام شامل، والآن أصبحت الدول لا تخفي عدائها للنظام السوري ومساندتها للمعارضة»، وأشار إلى أن مبادرة مصر وتركيا وإيران كانت خطوة جيدة لكنها لم تحرز أي نتائج، مؤكدا ثقته بقدرة قادة تلك الدول على وضع خطة قابلة للتنفيذ.

وأشار الإبراهيمي إلى وجود أزمة ثقة بين الحكومة وقوى المعارضة حيث استطاعت قوى المعارضة المسلحة تحقيق مكاسب والاستيلاء على مناطق وإحكام سيطرتها على بعض الأماكن بينما تصر الحكومة السورية على أنها واثقة من أن الكلمة النهائية في هذا الصراع ستكون لها.

وأبدى الإبراهيمي بعض الأمل مع إحراز المعارضة السورية بعض الخطوات الإيجابية على المستوى السياسي، ومنها تشكيل مجلس المعارضة السورية والترحيب به، لكنه أشار إلى تأزم الموقف بين المعارضة من جانب، والحكومة السورية من جانب آخر، وقال الإبراهيمي: «هناك فقدان للثقة بين الأطراف؛ فالمعارضة تطالب الأسد والمقربين منه بالرحيل قبل التوصل لتسوية سلمية، والحكومة السورية ترى نفسها السلطة الفعلية في البلاد وأنها تواجه جماعات إرهابية مسلحة، ومؤامرة إرهابية تمولها دول كثيرة».

وأكد الإبراهيمي أن توحد قوى المعارضة والاتفاق الذي تم التوصل إليه في الدوحة خطوة على الطريق الصحيح، مطالبا المعارضة باتخاذ خطوات أخرى وإجراءات قوية لوضع حد للعنف وإنشاء هيئة انتقالية بصلاحيات كاملة وإجراء انتخابات بنهاية العملية الانتقالية.

وقال الإبراهيمي للجمعية العامة للأمم المتحدة: «أعداد اللاجئين والنازحين داخل سوريا توضح بشكل محزن الوضع المأساوي في سوريا مع استمرار المواجهات العسكرية واتساع الصراع وظهور الوجه القبيح للنزاع الطائفي، والوضع الأمني هو العائق أمام تقديم المساعدات الإنسانية للسوريين إضافة إلى نقص التمويل». وأشار الإبراهيمي إلى تدهور الوضع الأمني بشكل كبير وتعرض جنود الأمم المتحدة لإطلاق النار بالقرب من مطار دمشق وإصابة اثنين بجروح خطيرة.

وحذر الإبراهيمي من ارتفاع أعداد اللاجئين السوريين إلى 500 ألف لاجئ في الدول المجاورة لسوريا، وتأثير تدفق اللاجئين على أوضاع تلك الدول، وقال: «البلدان المجاورة تتحمل عبء آلاف اللاجئين، وهناك تهديد كبير على الاستقرار والأمن الإقليميين». وأشار إلى مخاوف من تدهور الوضع في منطقة الجولان بما يهدد بتعرض اتفاقية فك الاشتباك بين سوريا وإسرائيل للخطر.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن «الصراع في سوريا دخل الشهر العشرين ووصل إلى آفاق مريعة من القسوة والعنف مع قيام الحكومة السورية بتكثيف حملاتها وغاراتها الجوية للقضاء على معاقل المعارضة». وأضاف: «الأمم المتحدة لا يمكنها التحقق من أرقام القتلى، لكنها تقدر بنحو 40 ألف سوري، وتجري انتهاكات لحقوق الإنسان من جميع الأطراف، واعتقالات لعشرات الأشخاص، وهناك 4 ملايين شخص داخل سوريا بحاجة إلى المساعدة، وعدد اللاجئين في الدول المجاورة تجاوز 460 ألف لاجئ إضافة إلى 20 ألف لاجئ سوري في أوروبا، ونتوقع أن يصل العدد الإجمالي للاجئين إلى 700 ألف شخص بحلول أوائل العام المقبل».

وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أن الحل العسكري لا يضع حدا للعنف في سوريا، بل يغرق سوريا في عملية مدمرة يكون من الصعب جدا التعافي منها مع عواقب وخيمة للمنطقة بأكملها. وتفاءل مون بأن تشكيل تحالف جديد للمعارضة قد تكون خطوة مهمة لتهيئة الظروف لعملية سياسية شاملة وإقامة حوار سياسي ومفاوضات لبناء سوريا حرة وديمقراطية.

من جانبها، أبدت الولايات المتحدة عزمها زيادة مساعداتها للمعارضة السورية. وأشادت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بالقدرات المتزايدة للمعارضة السورية في السيطرة على مناطق كبيرة في سوريا. وتبدأ الخارجية الأميركية استعداداتها للتحضير للاجتماع الرابع لمجموعة أصدقاء سوريا الذي تستضيفه مدينة مراكش بالمغرب في 12 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، ويشارك فيه وفود من 100 دولة بهدف وضع استراتيجية لضمان الانتقال السياسي ومساعدة اللاجئين ومعالجة التأثيرات الأمنية الإقليمية للأزمة في سوريا.

وقالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون خلال كلمة لها مساء أول من أمس حول التحديات السياسية الخارجية: «يبدو أن المعارضة أصبحت قادرة الآن على السيطرة على الأرض وأصبحت أكثر تجهيزا وأكثر قدرة على مقاتلة القوات الحكومية، وأنا لا أعرف ما إذا كان يمكن القول إن البلاد بأكملها (سوريا) وصلت إلى نقطة اللاعودة، لكن يبدو من المؤكد أن النظام السوري سيواجه ضغوطا أشد في الأشهر المقبلة». وأكدت كلينتون أنها تأمل أن يتم الحفاظ على الهياكل الحكومية والمدنية داخل سوريا عندما يسقط نظام الأسد، وقالت: «نقوم بكل ما بوسعنا لمساندة المعارضة، وأيضا مساندة السوريين بداخل سوريا داخل المجالس المحلية، وهم ملتزمون باستمرار العمل في المؤسسات الحكومية السورية كي لا نرى انهيارا وتسريحا للقوات كما رأينا في تجربتنا بالعراق.. إنها قد تكون خطرة للغاية».