الولايات المتحدة تتجه نحو الاعتراف بالائتلاف الوطني السوري المعارض

مسؤولون أميركيون يرون أنه سيكون مكافأة للمعارضة إذا نجحت في توحيد قواها في الداخل والخارج

TT

أكد مسؤولون أميركيون يوم الخميس الماضي أن الولايات المتحدة الأميركية تقترب من الاعتراف بـ«الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» ممثلا شرعيا للشعب السوري، بمجرد انتهائه من استكمال بناء هيكله السياسي.

ومن الممكن إعلان قرار الاعتراف بالائتلاف أثناء مؤتمر أصدقاء سوريا، الذي سيعقد في العاصمة المغربية مراكش في 12 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الذي ستحضره وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون. ويعتبر الاعتراف بالمعارضة السورية القرار الأكثر إلحاحا الذي يواجه إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما في مساعيها لإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد ووقف نزيف الدم في سوريا.

ولم يصدر أوباما موافقته النهائية على هذه الخطوة بعد، فضلا عن عدم انعقاد الاجتماعات الخاصة بالتوصل إلى قرار حول هذه المسألة حتى الوقت الراهن. وتتعلق المناقشات الجارية حاليا داخل الإدارة الأميركية بالمسائل القانونية الخاصة بدلالات الاعتراف الدبلوماسي بالمعارضة السورية ومدى تأثير هذه الخطوة على الجهود الرامية للحصول على تأييد روسيا لعملية انتقال سياسية في سوريا، فضلا عن تقييم وضع المعارضة نفسها، وهو الأمر الأكثر أهمية.

وكانت بريطانيا وفرنسا ومجلس التعاون الخليجي قد اعترفت بالائتلاف الوطني الذي تم الإعلان عنه في الدوحة الشهر الماضي، بعد توسيع الإطار التنظيمي للمعارضة وتجديده بموجب ضغوط من الولايات المتحدة ودول أخرى.

ومن جانبه، صرح روبرت فورد، السفير الأميركي في سوريا، خلال مؤتمر حول الأزمة الإنسانية في سوريا عقد الخميس الماضي أن الائتلاف يعتبر «ممثلا شرعيا لتطلعات الشعب السوري»، وأنه «يحقق تقدما حقيقيا، وأتوقع أن يتطور موقفنا مع تطور الائتلاف نفسه».

وأعرب بعض المسؤولين الأميركيين، الذي يؤيدون هذه الخطوة، عن أملهم في استخدام الاعتراف الرسمي كمكافأة للمعارضة إذا ما نجحت في توحيد القوى المناوئة لنظام الأسد في داخل وخارج سوريا، وبناء هيكلها السياسي حتى يتسنى لها لعب دور يتمتع بالمصداقية عقب إسقاط الأسد.

ويعمل «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» حاليا على تشكيل كثير من اللجان في مجالات التعليم والصحة والقضاء والأمن والمساعدات الإنسانية. وأكد مسؤول أميركي رفيع أنه إذا تمكن قادة المعارضة من تقديم الائتلاف في شكل تنظيم فاعل في مؤتمر مراكش، فإن الولايات المتحدة قد تعلن اعترافها به خلال المؤتمر نفسه.

ومن جهتها، قالت فيكتوريا نولاند المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، الخميس الماضي: «نحن ننتظر منهم بناء هيكل قيادي واضح للجميع وتشكيل لجان متخصصة يمكنها التعامل مع مختلف القضايا التي يضطلع الائتلاف بالمسؤولية عنها». وأضافت نولاند: «نحن لا نريد الدخول في هذا الأمر في الوقت الراهن».

وفي تعقيبها على تصريحات نولاند التي قالت فيها: «نحن نشارك بقوة في مساعدة المعارضة على الوقوف على قدميها، وسوف ندرس بعناية الخطوات الإضافية التي نستطيع القيام بها»، كما صرحت هيلاري كلينتون، الخميس الماضي، في مؤتمر شارك في استضافته ناشر مجلة «فورن بوليسي»: «من الواضح أن المعارضة في سوريا باتت قادرة الآن على المحافظة على الأراضي الخاضعة لسيطرتها، والوقوف بثبات في المعارك التي تخوضها أمام القوات الحكومية».

وأثناء حضورهم لمؤتمر قام بتنظيمه «معهد الشرق الأوسط» و«المنظمة الدولية للإغاثة والتنمية»، وهما منظمتان غير حكوميتين، أكد فورد وغيره من الخبراء على تفاقم الأزمة الإنسانية في سوريا جراء الصراع الدائر هناك، حيث ارتفع عدد النازحين داخليا في سوريا إلى نحو 2.5 مليون شخص، وذلك وفقا لكيلي كليمنتس، نائب مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون السكان واللاجئين والهجرة.

وارتفعت أعداد اللاجئين السوريين في دول الجوار أيضا، حيث قام نحو 140 ألف سوري بتسجيل أسمائهم للحصول على مساعدات بوصفهم لاجئين في الأردن، يعيش 25 ألف شخص منهم في مخيمات اللاجئين. من المعتقد أيضا أن هناك ما يزيد عن 100 ألف لاجئ سوري إضافي لم يقوموا بتسجيل أسمائهم في هذه السجلات. وفي تركيا، هناك 125 ألف لاجئ سوري يعيشون في مخيمات اللاجئين، فضلا عن 75 ألفا آخرين يعيشون خارج المخيمات، حسبما صرحت به كليمنتس، التي أكدت أيضا أن هناك ما يقدر بنحو 135 ألف لاجئ سوري في لبنان، لا يعيش أيّ منهم في مخيمات للاجئين.

وفي العراق، تم تسجيل أسماء 60 ألف سوري كلاجئين، نصفهم يعيشون في مخيمات، فضلا عن عودة ما يزيد عن 35 ألف مواطن عراقي إلى بلادهم، بعد أن كانوا قد فروا من ويلات الصراع في العراق إلى سوريا منذ اندلاع الأزمة السورية.

وقال فورد إن حكومة الأسد كثيرا ما تدخلت في عملية توصيل المساعدات الإنسانية، مضيفا أن إيران ساعدت الحكومة السورية في تعقب شخصيات المعارضة الذين يعبرون عن آرائهم عبر الإنترنت.

وأشار فورد إلى أن موضوع تزويد مقاتلي المعارضة بالسلاح جرت مناقشته أيضا، مشددا على أن أي نقاش لموضوع الأسلحة ينبغي أن يكون جزءا من استراتيجية أوسع نطاقا للتحول السياسي في حالة مغادرة الأسد للسلطة. ويضيف فورد: «الأسلحة ليست استراتيجية، وإنما تكتيك».

وأكد فورد أن الحكومة السورية ما زالت قوية عسكريا، مضيفا: «لا توجد هناك إشارة من أي نوع على نجاح أي صفقة سياسية بين جماعات المعارضة والنظام، فالقتال سوف يستمر».

* خدمة «نيويورك تايمز»