وزير الخارجية المغربي: المبعوث الأممي المكلف بنزاع الصحراء أقر بأخطاء في تقريره لمجلس الأمن

سعد الدين العثماني: لدينا وثيقة حول تأييد أميركا مشروع الحكم الذاتي في الصحراء

TT

قال سعد الدين العثماني، وزير الخارجية المغربي إن التقرير الذي قدمه كريستوفر روس، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الأربعاء الماضي أمام مجلس الأمن، يعد انتصارا لموقف بلاده من المفاوضات التي أشرف عليها روس والتي وصلت إلى الطريق المسدود بعد أربع جولات من المفاوضات الرسمية وتسع جولات غير رسمية.

وأشار العثماني إلى أن روس أقر بأن التقرير الذي أصدره في أبريل (نيسان) الماضي حول الصحراء، تضمن مجموعة من الأخطاء لأنه لم يكن حريصا على مراجعة التقرير بشكل جيد.

في غضون ذلك، اعتبر العثماني أن أهم مكسب حصل عليه المغرب من «الحوار الاستراتيجي» بين واشنطن والرباط، الذي انعقد في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بالنسبة لنزاع الصحراء، هو أن المغرب أصبح يتوفر وللمرة الأولى على وثيقة رسمية، تتجسد في البيان المشترك الذي أصدره البلدان، وتتضمن تأييد أميركا لمشروع الحكم الذاتي في الصحراء باعتباره «حلا جديا وواقعيا وذا مصداقية»، بعدما كان الأمر في السابق مجرد تصريحات من مسؤولين أميركيين.

وكان المغرب سحب الثقة من روس في مايو (أيار) الماضي، بسبب ما اعتبره «انحيازا من روس إلى الطرف الآخر وحاجة المفاوضات إلى دينامية جديدة».

كما اتهم المغرب روس بتجاوز صلاحياته عبر تضمين تقارير سابقة له عبارات مسيئة للمغرب عند تطرقه لأوضاع حقوق الإنسان في الصحراء. إلا أن الرباط تراجعت عن موقفها من روس بعد مكالمة هاتفية أجراها الملك محمد السادس مع بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة في أغسطس (آب) الماضي، تعهد فيها بالتزام روس بالقرارات التي حددت له من قبل مجلس الأمن.

وأعلن روس الأربعاء الماضي تخليه عن أسلوب المفاوضات غير المباشرة بين طرفي النزاع وتعويضها بـ«دبلوماسية مكوكية»، مشيرا إلى أن تسع جولات من المفاوضات بين الجانبين كانت دون نتيجة. وأكد في المقابل أن «الوضع في المنطقة مقلق، ويحب أن يحظى بعناية المجتمع الدولي». وحذر روس من الانعكاسات السلبية للوضع في شمال مالي على الصحراء، التي قد تؤدي إلى «إحباط متزايد وإلى أعمال عنف».

وفي هذا السياق، قال العثماني الذي كان يتحدث الليلة قبل الماضية أمام لجنة الخارجية والدفاع الوطني بمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، إن روس قال في تقريره الذي قدمه الأربعاء الماضي بعد جولة في المنطقة، إن مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء ليست من اختصاصه، كما أنه عندما سئل خلال اللقاء الصحافي الذي عقده بعد تقديم تقريره عن التجاوزات في مجال حقوق الإنسان في الصحراء، رد روس بأنه لم ير شيئا بعينه لذلك لا يمكنه الجزم بوجود هذه الانتهاكات، مشيرا إلى أن مجال حقوق الإنسان من اختصاص هيئات أخرى.

وأضاف العثماني أن روس أكد أيضا أنه أثناء زيارته للمغرب في أكتوبر الماضي، تمكن من الالتقاء بالجميع بمن فيهم «الانفصاليون» أي المؤيدون لجبهة البوليساريو، وأنه كانت لديه حرية كاملة في التنقل. وأوضح العثماني أنه بالإضافة إلى المفاوضات، أصبح تحسين العلاقة بين المغرب والجزائر تدخل ضمن مهمة روس، مشيرا في هذا الصدد إلى أن المغرب ليس لديه أي اعتراض على تقارب الجزائر مع أميركا أو فرنسا، الذي اعتبر من قبل البعض موجها ضد المغرب.

ونقل العثماني أيضا ما قاله وولفغانغ وايسبرود فيبر، الممثل الخاص للأمين العام المتحدة إلى الصحراء رئيس بعثة المينورسو، الأربعاء أمام مجلس الأمن وهو أنه منذ توقف الأنشطة المرتبطة بتنظيم الاستفتاء في الصحراء عام 2003، فإن الأمين العام للأمم المتحدة حدد له ثلاث مهام، وهي مراقبة وقف إطلاق النار، وإعداد تقارير حول الأنشطة العسكرية للطرفين، ودعم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين وبرامجها في مجالات دعم الثقة عبر تبادل الزيارات العائلية بين الطرفين، وإزالة الألغام، مؤكدا أن علاقته بطرفي النزاع جيدة. وأشار فيبر أيضا، كما ذكر العثماني، إلى أن الزيارات التي قام بها إلى الصحراء كل من خوان منديز، المقرر الأممي لمناهضة التعذيب، وروس لم تتعرض لأية مضايقات، وأن المسؤولين المغاربة رحبوا بهذه الزيارات.

وقال العثماني إنه باستثناء جنوب أفريقيا، كانت مواقف عدد من البلدان مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا إيجابية بشأن الإصلاحات السياسية التي يعرفها المغرب، وأشادت تحديدا بسماح الرباط بزيارة المنظمات الحقوقية الدولية للبلاد.

وفي سياق منفصل، قال وزير الخارجية المغربي إن الحوار الاستراتيجي المغربي - الأميركي يعد تتويجا لمسار طويل من العلاقات المتميزة التي تجمع البلدين.

وأضاف العثماني الذي كان يتحدث في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب ردا على تساؤلات البرلمانيين حول نتائج هذا الحوار، أن من بين نتائجه توقيع مذكرة تفاهم تقضي بانتظام التشاور السياسي سنويا بين البلدين وكذا تشكيل مجموعات عمل لمتابعة عمل اللجان المكلفة بالقضايا السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية والدينية.

وأضاف المسؤول المغربي أن البيان المشترك الذي وقع بين البلدين دعا إلى ضرورة تطوير العلاقات التجارية بين المغرب والولايات المتحدة اللذين تربطهما منذ عام 2006 اتفاقية للتبادل الحر والرفع من الاستثمارات الأميركية بالمغرب وعقد لقاءات تشاورية بين رجال الأعمال في كلا البلدين فضلا عن أهمية التبادل الثقافي وتوحيد الرؤى حول عدد من القضايا الدولية خاصة الوضع في سوريا ومالي.