دول العالم ترحب بفلسطين «دولة غير عضو».. وواشنطن تعتبرها خطوة غير مجدية

بريطانيا تحذر من أي رد فعل يهمش عباس أو يهدد بانهيار السلطة

اندونيسيون مناصرون للدولة الفلسطينية في مسيرة مؤيدة لفلسطين في جاكرتا (إ.ب.أ)
TT

في الوقت الذي رحبت فيه معظم دول العالم، بما فيها الدول التي امتنعت عن التصويت، بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الليلة قبل الماضية رفع مكانة فلسطين إلى «دولة غير عضو»، انتقدت واشنطن التي قادت الدول التسع التي عارضت القرار، نتائج التصويت واعتبرت القرار «مؤسفا وغير مجد، ويضع عراقيل أمام السلام»، واعتبرته خطوة «غير مجدية». وحذرت بريطانيا ضمنيا إسرائيل من عواقب أي إجراءات عقابية ضد السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس. وقالت: «لا يمكننا دعم رد فعل يهمش الرئيس عباس أو يهدد بانهيار السلطة الفلسطينية».

كما رحبت حركة حماس، وقال عزت الرشق عضو مكتبها السياسي: «إننا نرحب بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بمنح فلسطين صفة (دولة مراقب)، ونعتبر أن هذا مكسب لشعبنا رغم أن فلسطين تستحق أكثر من ذلك». وأضاف الرشق على صفحته على موقع «فيس بوك»: «نؤكد على ضرورة وضع هذه الخطوة في سياقها الطبيعي كجزء من رؤية واستراتيجية وطنية ترتكز على المقاومة، وعلى التمسك بالحقوق والثوابت الوطنية، وعدم التفريط بذرة تراب من أرضنا الفلسطينية من البحر إلى النهر».

وتابع الرشق: «إننا نراهن على شعبنا البطل ومقاومتنا الباسلة لتحرير أرضنا وإقامة دولتنا؛ فالدولة تنتزع انتزاعا وتؤخذ عنوة ولا توهب من أحد».

وأما إسماعيل هنية رئيس الحكومة المقالة، فقال في بيان مقتضب قبيل التصويت: «نحن نؤيد أي إنجاز سياسي لشعبنا على طريق انتزاع الدولة على قاعدة عدم الاعتراف بالمحتل، أو التفريط بثوابتنا الاستراتيجية وحقوقنا الثابتة، وفي مقدمتها حق العودة».

ورحبت الحكومة الأردنية بقرار الجمعية العامة، ووصف وزير الدولة لشؤون الإعلام ووزير الثقافة الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية سميح المعايطة في بيان صحافي أمس، القرار بالإنجاز الاستراتيجي المهم في مسار الصراع العربي - الإسرائيلي يجب استثماره في حشد الدعم الدولي والانتصار للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة. وقال المعايطة إن القرار تأكيد واضح على أن حل الدولتين هو الأساس لإنهاء الصراع، والمدخل لتحقيق السلام الشامل في الشرق الأوسط. وأضاف أن الأردن بقيادة الملك عبد الله الثاني بذل أقصى الجهود لدفع عملية السلام وتوفير الظروف المناسبة أمام الفلسطينيين والإسرائيليين للانخراط في المفاوضات المباشرة، مشيرا إلى «أننا سنواصل هذه الجهود بالتعاون مع مختلف الأطراف لمساعدة الجانبين للعودة إلى طاولة المفاوضات لإنجاز عملية سلام حقيقية وفق قرارات الشرعية الدولية التي تضمن للشعب الفلسطيني العدالة وتضع حدا لحالة عدم الاستقرار في المنطقة».

وشدد المعايطة على أن الاحتلال الإسرائيلي وممارساته تشكل تهديدا خطيرا على أمن واستقرار المنطقة ومستقبل شعوبها، لافتا إلى أن استمرار إسرائيل في تعنتها ومماطلتها وإجراءاتها الأحادية، خاصة الاستيطانية، تشكل العائق أمام نجاح كل المساعي والجهود الهادفة إلى استئناف مسيرة السلام.

واعتبر الرئيس اللبناني ميشال سليمان منح فلسطين صفة «دولة مراقبة في الأمم المتحدة» بغالبية 138 صوتا، «انتصارا للديمقراطية رغم الضغوط التي مارستها إسرائيل لمنع حصول ذلك». وقال: «على إسرائيل التبصر جيدا بهذه الخطوة، والاقتناع بالمسار الديمقراطي، والانخراط بالعملية السلمية على قاعدة مرجعية مؤتمر مدريد ومبادرة بيروت العربية، إذا كانت راغبة فعلا في السلام والتخلي عن سياسة العدوان والاستيطان والتهويد». وأعرب عن أمله «في أن يكون ما حصل في الأمم المتحدة بداية الطريق لتعامل دولي جديد مع الفلسطينيين، وشهادة ميلاد وهوية لهم ولدولتهم».

ورحبت منظمة التعاون الإسلامي في بيان بالقرار، وقال الأمين العام للمنظمة أكمل الدين إحسان أوغلي إن «هذا الانتصار السياسي قد سجل حق الشعب الفلسطيني في الدولة بصورة لا يمكن الرجوع عنها». وأضاف أن القرار «إنجاز تاريخي على طريق إنهاء الاحتلال الإسرائيلي واستعادة الحقوق الفلسطينية المشروعة». وأكد أوغلي مجددا دعم المنظمة «للجهود الفلسطينية الرامية إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الظالم، وإقامة دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشريف».

وهنأ الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي الرئيس الفلسطيني محمود عباس وعموم أبناء الشعب الفلسطيني وقياداته الوطنية بمناسبة الانتصار الدبلوماسي والسياسي الذي تحقق بموافقة الجمعية العامة للأمم المتحدة على حصول فلسطين على وضع «مراقب» بالمنظمة الدولية.

واعتبر قرار الجمعية العامة بحصول فلسطين على وضع «دولة مراقب» غير عضو في الأمم المتحدة يشكل «خطوة كبيرة وإنجازا تاريخيا للقضية الفلسطينية وللحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني».

واعتبرت إيران، المعارضة تقليديا لحل الدولتين، نيل فلسطين صفة «دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة» «خطوة إيجابية إلى الأمام».

وأبدت الحكومة اليابانية ترحيبها أمس بنتائج التصويت، وقال كبير أمناء الحكومة أوسامو فوجيمورا في مؤتمر صحافي: «تدعم اليابان باستمرار فكرة (الحل على أساس دولتين) التي تؤيد أن تصبح فلسطين دولة مستقلة تتعايش مع إسرائيل في سلام وأمن.. وذلك هو السبب في تأييدنا للاقتراح». وقال فوجيمورا: «نحث الحكومة الفلسطينية على تكثيف جهودها لإحلال السلام في الشرق الأوسط مستغلة الموافقة على هذا القرار التاريخي كنقطة تحول».

وأثنى الفاتيكان على اعتراف الأمم المتحدة بفلسطين، ودعا إلى وضع خاص يحظى بضمانة دولية لمدينة القدس، وهو ما من شأنه أن يزعج إسرائيل.

وقال بيان صادر عن الفاتيكان: «يرحب الحبر الأعظم بقرار الجمعية العامة الذي جعل فلسطين دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة». وأضاف أن «الفرصة مواتية لتذكر موقف مشترك حول مدينة القدس عبر عنه الفاتيكان ومنظمة التحرير الفلسطينية عندما وقع الجانبان اتفاقية أساسية حول علاقتهما الثنائية في عام 2000». ودعا البيان الذي صدر أمس إلى «وضع خاص بضمانة دولية للقدس بهدف حماية حرية الأديان والفكر والهوية والشخصية المقدسة للقدس كمدينة مقدسة، واحترام حرية دخول الأماكن المقدسة فيها». ودعا وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي الذي امتنعت بلاده عن التصويت، إلى استئناف قريب لمفاوضات السلام المباشرة. وقال فسترفيلي في برلين أمس إنه يتعين استغلال رفع وضع فلسطين في الأمم المتحدة في العودة إلى مائدة المفاوضات «في أسرع وقت ممكن». وأعرب فسترفيلي عن أسفه إزاء عدم اتخاذ دول الاتحاد الأوروبي موقفا موحدا في التصويت.

ورحب الحزب الاشتراكي الديمقراطي المعارض في ألمانيا بقرار الجمعية العامة، وقال المتحدث باسم الشؤون الخارجية في الكتلة البرلمانية للحزب، رولف موتسنيش، في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) أمس إن الرفض كان سيضر بموقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) بشدة. وذكر موتسنيش أن دعوة الحكومة الألمانية بجدية إلى الرفض خلال التصويت «ليست مفهومة»، وقال: «الحكومة الألمانية صعبت بتلك الإشارات الوصول إلى تصويت موحد لدول الاتحاد الأوروبي».

وسارعت واشنطن للتنديد بقرار الجمعية العامة، مؤكدة أنه قرار «مؤسف وغير مجد»، و«يضع عراقيل أمام السلام»، واعتبرته خطوة «غير مجدية».

وقالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون خلال منتدى في واشنطن إن هذا القرار «يضع مزيدا من العراقيل أمام طريق السلام»، معتبرة أن الطريق الوحيد لقيام دولة فلسطينية هو استئناف مفاوضات السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل.

بدورها قالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة سوزان رايس أمام الجمعية العامة إن «القرار المؤسف وغير المجدي الذي صدر اليوم يضع مزيدا من العراقيل في طريق السلام. لهذا السبب صوتت الولايات المتحدة ضده». ورغم تأكيد بريطانيا التي امتنعت عن التصويت احترام القرار. وقال وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ إنه يحترم تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة لفائدة القرار. وحث هيغ الطرفين على قبول نتائج التصويت، ووعد بدعم بريطانيا من أجل التوصل إلى حل سلمي، وقال: «أحث مجددا إسرائيل على تفادي رد الفعل بطريقة تقوض عملية السلام، وعلى العودة إلى المفاوضات. لا يمكننا دعم رد فعل يهمش الرئيس عباس أو يهدد بانهيار السلطة الفلسطينية».