نتنياهو يعتبر خطاب عباس شيطانيا.. وليبرمان يصف أبو مازن بالعدو

«هآرتس» ترى في نتيجة التصويت تحذيرا دوليا لإسرائيل

TT

اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خطاب الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، في الجمعية العامة قبيل التصويت على قبول فلسطين دولة غير عضو: «خطابا شيطانيا يتسم بالكراهية ومليئا بالأكاذيب». وفي الوقت نفسه اتصل بمندوب إسرائيل في الأمم المتحدة، رون بروسور، وهنأه. وأما وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، فاعتبر الرئيس الفلسطيني عدوا لإسرائيل. وفي المقابل، اتصل مكتب الرئيس عباس مع ممثلي حركات السلام الذين تظاهروا في تل أبيب مؤيدين لقرار الجمعية العامة، ودعاهم إلى لقاء مع الرئيس بعد عودته من نيويورك ليشكرهم على جهودهم ويؤكد على أنه شريك لهم في صنع السلام.

وكان نتنياهو قد رد على خطاب عباس بعد دقائق معدودات من انتهائه. وجاء في بيانه: «شاهد العالم خطاب عباس الذي اتسم بالكراهية والحقد لإسرائيل وروج أكاذيب بشعة ضدها. فالذي يريد السلام لا يتكلم بهذا الشكل». وقال مكتب نتنياهو إن قرار الجمعية العامة لا يحظى بأي أهمية ولن يغير شيئا على الأرض. والدولة الفلسطينية لن تقوم من دون تسوية تضمن أمن مواطني إسرائيل. ورئيس الوزراء نتنياهو لن يسمح بإقامة قاعدة إرهابية إيرانية في الضفة الغربية، علاوة على القواعد الإيرانية التي أقيمت في غزة ولبنان. وأضاف: «إن الطريق نحو السلام بين أورشليم القدس ورام الله يمر بمفاوضات مباشرة من دون شروط مسبقة وليس بقرارات أحادية الجانب في الأمم المتحدة. بذهابهم إلى الأمم المتحدة انتهك الفلسطينيون الاتفاقيات مع إسرائيل وإسرائيل ستعطي ردا على ذلك بالشكل المناسب».

وذكر المكتب أن نتنياهو تحدث مع سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، بروسور، وأشاد بالخطاب الذي ألقاه أمام الجمعية العامة. وقال له: «إنني فخور بك ومثلت حقيقة دولة إسرائيل. كان خطابا مبنيا على وقائع بينما كان خطاب أبو مازن يتسم بالكراهية المسمومة».

وأعلن ليبرمان، أن «خطاب أبو مازن يدل على أنه عدو لإسرائيل وليست لديه أي إرادة للسلام. إنه الخطاب الذي يثبت أنه طالما يتربع هذا الرجل على رأس السلطة، فإنه لن يجلب لشعبه السلام، بل يستخدم شعبه لأغراضه الشخصية ويتسبب له بطول المعاناة».

وقال مصدر سياسي إسرائيلي لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، إن «حرارة رد نتنياهو هو بمقدار سخونة الضربات التي يريد وحكومته توجيهها إلى الفلسطينيين، ومنها الامتناع التام عن تحويل أموال الضرائب لهم لفترة طويلة والامتناع عن تبديل العملة المهترئة وغيرها».

واعتبر رئيس الكنيست، روبي رفلين، أن قرار الأمم المتحدة ينذر بتدهور خطير في المنطقة. ودعا الفلسطينيين للكف عن سلوكهم لإحراج إسرائيل والتجاوب مع دعوتها لمفاوضات مباشرة فورا وبلا شروط مسبقة.

وهاجمت رئيسة حزب العمل، شيلي يحيموفتش، الخطاب ووصفته بالقاسي المثير «للغضب ومزيف للحقائق التاريخية». واعتبرت قرار الأمم المتحدة «أحادي الجانب يمس بالوسيلة الوحيدة لتحقيق السلام، ألا وهي المفاوضات المباشرة التي تتم بشكل مسؤول وواع». وحملت يحيموفتش نتنياهو مسؤولية هذه النتيجة السيئة. وقالت: إنه وشريكه ليبرمان تسببا في فشل كبير ومحرج وقدما للفلسطينيين هدية جبارة في يوم الذكرى التاريخية لقرار التقسيم». وحذرت من رد إسرائيل أحمق يزيد من اللهيب في المنطقة.

وعلق التلفزيون الإسرائيلي الرسمي على الخطاب بالقول إنه شديد اللهجة بشكل مفاجئ، استهدف الرئيس الفلسطيني منه مخاطبة شعبه فقط وخصوصا أهل غزة، لأنه يسعى إلى توحيد صفوف الفلسطينيين. وهو ما كان ليفعل ذلك لولا أنه ضمن مسبقا تأييد أكثرية الدول لقرار الاعتراف به. وأشار إلى أن نتيجة التصويت، مع أنها كانت كافية لتحقيق الفوز للفلسطينيين، إلا أنها تدل على أن الصفعة التي تلقتها إسرائيل كانت أهون من المتوقع «فقد كنا نتوقع أن تصوت ضد القرار خمس دول فقط، لكن العدد ارتفع إلى 9. وكنا نتوقع أن يدعم القرار 153 دولة، لكن المؤيدين بلغوا 138. ما يعني أن جهود اللحظة الأخيرة التي بذلتها الولايات المتحدة وإسرائيل أثمرت ولكن ليس بشكل كاف».

وطالب معلق الشؤون العربية في القناة الثانية، إيهود يعري، بفحص الإخفاق الإسرائيلي في هذه المعركة، معتبرا أنه «لم يكن في عدم تجنيد أصوات لصالح الموقف الإسرائيلي، بل في فشل الحكومة طيلة أربع سنوات في تفعيل المسار السلمي والمفاوضات».

وفي تل أبيب تظاهر نحو خمسمائة شخص من العرب واليهود، بدعوة من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، تأييدا للقرار، رافعين العلمين الفلسطيني والإسرائيلي. وانضم إلى المظاهرة العشرات من أنصار السلام اليهود ونشيطو حزب «ميرتس». وقال النائب دوف حنين، إن الاعتراف بفلسطين دولة في الأمم المتحدة حدث تاريخي يشق مسيرة جديدة لوضع حد لإجحاف عانى منه الشعب الفلسطيني طيلة 65 عاما، وهو في الوقت نفسه مصلحة إسرائيلية. وأما نائب ميرتس نتسان هوروفوتس، فإن أنصار السلام في إسرائيل لا يرتعدون خوفا مما جرى بل بالعكس «فالاعتراف بفلسطين دولة ليس خسارة بل ربح لإسرائيل، لأنه يتيح لإسرائيل أن تبقى يهودية وديمقراطية». وشارك في المظاهرة المدير العام الأسبق لوزارة الخارجية الإسرائيلية، ألون لئيل، الذي دعا ليبرمان إلى فتح عينيه ليرى كيف تقف غالبية دول العالم إلى جانب الفلسطينيين بما في ذلك 15 دولة أوروبية. كما شارك فيها الوزير الفلسطيني الأسبق، سفيان أبو زايدة، الذي استقبل بتصفيق شديد. وقال: «جئتكم مباشرة من غزة التي لا تزال تلملم جراحها، وأنا سعيد جدا لأن أرى احتفالات بدولتنا ليس فقط في رام الله وغزة والخليل بل أيضا في تل أبيب. وأنا أشكركم باسم كل أنصار السلام الفلسطينيين».

وقالت نافا زونشتاين، مدير واحة السلام (قرية عربية يهودية قرب القدس الغربية)، إن «هذه الجماهير جاءت لكي تقول لأبو مازن إننا معك. أنت اخترت النضال السلمي البعيد عن العنف ونحن نحترم توجهك، وحكومتنا تختار التفاوض مع من يطلق علينا الصواريخ».

وكشفت النائب حنين، أن الرئيس عباس تأثر كثيرا عندما سمع وهو في نيويورك أن هناك مظاهرة تأييد له في تل أبيب فطلب أن تنقل تحياته للمتظاهرين. ودعا ممثلي حركات السلام للقاء في رام الله، قائلا إنه يمد يده لكل إسرائيل يريد سلاما حقيقيا.

وباركت زهافا غلاون، رئيسة ميرتس، الفلسطينيين على هذا الإنجاز وقالت: إن «دول العالم وجهت صفعة مدوية لنتنياهو. والآن، بعدما أقيمت الدولة الفلسطينية حان الوقت لتنمية شريك إسرائيلي لعملية السلام، من خلال مفاوضات جادة ومخلصة تضع حدا للصراع بدلا من جنرالات الحرب الذين يخلدون هذا الصراع».

صحيفة «هآرتس»: بطاقة تحذير اعتبرت صحيفة «هآرتس»، على لسان محررها للشؤون الأمنية باراك ربيد، أن الاعتراف بدولة فلسطين، هو بمثابة رسالة تحذير عالمية لإسرائيل، تفيد بأن العالم قد مل الاستيطان ورفض السلام، مقابل تأييد وتضامن دوليين مع الشعب الفلسطيني وطموحاته. فالدول الأوروبية الصديقة مثل فرنسا وبريطانيا وإيطاليا ودول صديقة أخرى مررت عبر تصويتها الليلة رسالة واضحة لإسرائيل مفادها أنه لا تسامح بعد الآن تجاه احتلال الضفة الغربية، وأنه لا ثقة بعد الآن بالتصريحات الإسرائيلية حول اليد الممدودة للسلام والرغبة الإسرائيلية بالتقدم نحو إقامة دولة فلسطينية.

وقالت الصحيفة إن المسؤولين الإسرائيليين تسابقوا على الاستخفاف بالتحرك الفلسطيني، ولم يسبق مرة أن صدر هذا الكم الهائل من مثل هذه البيانات.

ومضت الصحيفة تقول إن الانهيار السياسي والهزيمة الدبلوماسية المهينة لإسرائيل، هي نتيجة لسياسة مثابرة قادها نتنياهو. وكانت بدايتها برفضه الاعتراف بحل الدولتين، رغم أشارته في خطابه في جامعة بار إيلان، تحت الضغوط الأميركية، للدولة الفلسطينية.

وأشارت الصحيفة إلى «أن نتنياهو هرب لاحقا من كل مبادرة سياسية عرضت عليه. فقد رفض البت في القضايا الجوهرية للصراع والحل الدائم له. وأضاع الوقت عبر إطلاق الذرائع والحجج الواعية، وامتنع عن تقديم خطة سياسية للفلسطينيين وللدول الصديقة.