الانقسام يطال مساجد مصر

مرسي : الإعلان الدستوري ليس الأول

سيدات من جماعة الإخوان يرفعن لافتات مؤيدة للرئيس محمد مرسي بالقرب من مسجدي الرفاعي والسلطان حسن في مصر القديمة أمس (رويترز)
TT

انقسمت مساجد مصر على نفسها أمس ما بين مؤيد ومعارض لسياسة النظام الحاكم والإعلان الدستوري ومشروع الدستور الجديد، وطالت نيران الفتنة خطب الجمعة في عدد من مساجد الجمهورية، التي تحولت إلى ساحة للتظاهر والهتاف ضد «استبداد النظام الحاكم». ففي مسجد «حسن الشربتلي» بمنطقة التجمع الخامس بالقاهرة الجديدة حيث كان يؤدي الرئيس محمد مرسي صلاة الجمعة، قاطع المصلون الخطيب واتهموه بالنفاق، وهتفوا «لا للإعلان الدستوري.. يسقط الاستبداد»، وبعد انتهاء الصلاة لم يجد الرئيس مرسي مخرجا سوى أن يردد مع معارضيه «يسقط الاستبداد» عبر ميكروفون المسجد، ثم وجه كلمة لهم، أكد فيها رفضه بعض ما جاء في كلمة خطيب الجمعة الذي قارن بين وحدة السلطات مع الرسول صلى الله عليه وسلم وجواز ذلك.

وأكد مرسي على مبدأ الفصل بين السلطات كنموذج للدولة الحديثة الموافق للشريعة الإسلامية. قائلا: «رغم انتهاء الشرعية الثورية فإن الشرعية الشعبية مستمرة وفي طريقنا الآن لاستكمال الشرعية الدستورية».

ووصف مرسي الإعلان الدستوري الجديد بأنه ليس الأول بل سبقه 6 إعلانات دستورية أصدر المجلس العسكري 4 منها، قائلا إن الإعلان الأخير يحقق متطلبات المرحلة، التي وصفها بالقصيرة لكنها مهمة وستنتهي مباشرة بمجرد أن يصوت الشعب على مشروع الدستور الجديد.

وتضمنت خطبة الجمعة التي أثارت غضب المتظاهرين أنه لا يجوز للقضاة الاعتراض على أي تشريع لأنهم يقومون بتنفيذ ما يسن، ويشرع لهم، كما أنهم السلطة الوحيدة المعينة من بين سلطات ثلاث فالسلطة التنفيذية منتخبة ممثلة في رئيس الجمهورية، كما أن السلطة التشريعية منتخبة أيضا ممثلة في البرلمان، لكن السلطة القضائية تأتي بالتعيين من خريجي كليات الحقوق.

أضاف الخطيب أن جميع السلطات الثلاث كانت في يد الرسول، وبالتالي فإنه يجوز أن يحدث ذلك الآن، مشيرا إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان حاكم الدولة الإسلامية وهي السلطة التنفيذية، وكان يقضي بين الناس وهي السلطة القضائية كما كانت السلطة التشريعية في عصر النبوة محصورة في يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحده، لا يشاركه فيها أحد من الأمة.

وفي الإسكندرية، غاب الشيخ أحمد المحلاوي، خطيب مسجد «القائد إبراهيم»، والمعروف بولائه لجماعة الإخوان المسلمين، عن خطبة الجمعة أمس، بعد محاولات الاعتداء التي تعرض لها الجمعة الماضية من قبل بعض المتظاهرين الرافضين للإعلان الدستوري ومواقف المحلاوي.

وعلى بعد خطوات قليلة من ميدان التحرير راح عاطف أحمد حسين، خطيب مسجد الشيخ حمزة بوسط العاصمة المصرية، يتحدث بصوت جهوري منتقدا من على منبر المسجد الصغير، الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس محمد مرسي قبل أسبوع ويمنحه صلاحيات كبيرة بالإضافة إلى تحصين قرارات الرئيس وتحصين كل من لجنة وضع الدستور ومجلس الشورى من الطعن عليهما. وهو عكس معظم المساجد اليوم التي كانت تدعو لتأييد الإعلان الدستوري. وبصوت يخنقه الغضب راح خطيب المسجد يتحدث بكل قوة ربما بعدما فاض به الكيل، عن سوء الأوضاع التي تعيشها البلاد وتحطم آماله وآمال المصريين على صخرات متتالية فاجأهم بها نظام الإخوان المسلمين بعد وصوله للسلطة وتحكمهم بمصير البلاد ونكوصهم لوعودهم للثوار، وحوّل خطيب الجمعة المسجد لساحة سياسية بامتياز عرض فيها شهادته كأحد المتواجدين بالميدان بحكم عمله في محيطه ولكن هذه المرة لم يستخدم حسين المسجد للدفاع عن سياسات الرئيس أو التيار الإسلامي ولكن لانتقاده على مرأى ومسمع الجميع وبشيء من القوة لم تكن متواجدة في السابق. ووسط انتباه المصلين الذين امتلأ بهم داخل وخارج المسجد الصغير، والذي يحوي داخله مقاما لأحد الأولياء الصالحين، قال حسين بكثير من التعجب: «يوم 27 يناير (كانون الثاني) قبل مظاهرة جمعة الغضب إبان أحداث الثورة المصرية ألقي القبض على القياديين بجماعة الإخوان عصام العريان والكتاتني وهم خارجون من فيلا الدكتور البرادعي للتنسيق فيما بينهم.. لكن الآن العريان والكتاتني يسبون البرادعي والمنتمين له ويصفونهم بالكفار بعدما دانت لهم السلطة وأصبحوا حاكمي البلاد»، وبينما ساد الصمت ذهولا بين المصلين من لهجة الخطيب الثورية التي انتقلت له ربما من ميدان التحرير تابع حسين من على المنبر الذي لا يتعدى ثلاث درجات خشبية: «هم الآن يخيروننا بين قبول الإعلان الدستوري أو الدستور الذي وضعوا فيه السم في العسل ولكننا بإذن الله لن نقبل بهذا أو ذاك».

وتحول الكثير من المساجد في مصر إلى منبر لتأييد الاستفتاء على التعديلات الدستوري في 19 مارس، من العام الماضي بل إن الكثير من خطباء هذه المساجد ساووا بين الإيمان في التصويت بـ«نعم» والكفر في التصويت بـ«لا» وذلك بتحريض من الجماعات الإسلامية وجماعة الإخوان المسلمين.

وأضاف خطيب المسجد المناهض لمرسي: «قوتنا وقوت أولادنا يُهرب بأبخس الأسعار إلى غزة ونحن لا نجد الماء ولا الكهرباء ولا الطعام ولا أحد يشعر بالمواطنين وكأن ثورة لم تقم في البلاد يؤسفني أن أقول من على هذا المنبر إننا وبلا فخر نعيش أياما أسوأ من تلك التي عايشناها إبان نظام مبارك الفاسد»، وتابع: «نحن نريد تطبيق شرع الله ولن ينصلح حال هذه البلد إلا بتطبيق شرع الله ولكننا لا نثق فيمن ينادون الآن بتطبيق شرع الله ولا نثق في نواياهم.. هم لا يريدون تطبيق الشرع ولكنهم يريدون إقرار هذا الدستور لكي يظلوا أكبر فترة ممكنة في حكم البلاد ونعيش من جديد في قيود الاستبداد».