سعود الفيصل: الاعتراف بدولة فلسطين ينبئ بحدوث تحول ايجابي

المنتدى التركي ـ العربي يناقش الأزمتين الفلسطينية والسورية

TT

حل الملف السوري والوضع الفلسطيني على رأس لائحة اهتمامات المشاركين بأعمال المنتدى الخامس للتعاون التركي - العربي الذي انعقد أمس في إسطنبول بمشاركة وزراء خارجية 14 بلدا عربيا، بالإضافة إلى تركيا وممثلين عن 6 دول أخرى. ورغم أن البيان الختامي لم يحمل إشارة قوية تعكس موقفا موحدا حيال الأزمة السورية، فإن وزير الخارجية التركي عوض ذلك بالدعوة إلى «فحص ضمير» للعرب والعالم في الأزمة السورية.

ورد مصدر دبلوماسي تركي بقاء البيان عند «العموميات» إلى موجبات إقرار البيان بالإجماع، معربا عن «خيبة أمل» من مواقف بعض الدول العربية التي رفض أن يسميها من هذه القضية «التي تمس وجود شعب عربي جار لتركيا». وفيما شجع الوزير التركي نظراءه العرب على التعاون من أجل وضع حد «لمذبحة الشعب السوري»، متحدثا عن «فحص ضمير ليس للمسلمين والعرب فقط، وإنما للمجتمع الدولي كله»، شدد الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي على أن التعاون يجب أن يتركز على إنهاء «الاحتلال» الإسرائيلي. وقال: «علينا الآن العمل معا لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي» للأراضي الفلسطينية.

وأدان وزراء الخارجية، في البيان الختامي للمنتدى، الإرهاب بكافة أشكاله وصوره، بغض النظر عن دوافعه، مشددين على وجوب عدم الربط بين الإرهاب وأي ديانة أو ثقافة أو جماعة عرقية. وأكد الوزراء على الحقوق المشروعة للشعوب في مقاومة الاحتلال، وأدانوا القتل المتعمد الذي يتعرض له مسلمو الروهينغا، بإقليم «أراكان» على أساس عرقي وديني، وطالبوا حكومة ميانمار باتخاذ كافة الإجراءات والتدابير اللازمة لمنع تكرار حدوث مثل هذه الممارسات في المستقبل.

ورحب الوزراء بالقرار التاريخي الذي اعتمدته الأمم المتحدة، بالاعتراف بفلسطين كدولة مراقب غير عضو، مؤكدين أنها خطوة مميزة في سبيل إعادة الحقوق التاريخية والقانونية للشعب الفلسطيني. وأكد الوزراء رفضهم المطلق لجميع الإجراءات الإسرائيلية غير الشرعية، وكافة الإجراءات أحادية الجانب، التي تستهدف طمس هوية القدس وتغيير واقعها الجغرافي والديموغرافي. كما أدان المجتمعون جميع الاعتداءات على المسجد الأقصى وباقي المقدسات الدينية الإسلامية والمسيحية، وعنف المستوطنين داخل وخارج القدس، مؤكدين دعمهم لصمود المقدسيين ضد محاولات إسرائيل طمس الهوية العربية والإسلامية للمدينة.

وأكد المشاركون أن الدول العربية وتركيا شركاء في السعي نحو تحقيق وضمان الأمن والاستقرار والسلام والرخاء في الشرق الأوسط، من أجل تحقيق حل عادل وشامل ودائم للنزاع العربي - الإسرائيلي في مساراته الثلاثة، الفلسطيني والسوري واللبناني، وطالبوا بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية وفق قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ومبدأ الأرض مقابل السلام، ومرجعية مؤتمر مدريد ومبادرة السلام العربية، وخطة خارطة الطريق.

ورحب الوزراء بالنجاح الذي تحقق في الانتخابات البرلمانية والرئاسية في عدد من الدول العربية، كما رحبوا بالاتفاق الذي توصلت إليه أطياف المعارضة السورية في الدوحة، برعاية قطر، وجامعة الدول العربية، بتشكيل الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية. وأكد المشاركون دعمهم لمهمة الأخضر الإبراهيمي، ودعمهم للمسار السياسي، آخذين في الاعتبار قرارات مجلس الجامعة العربية، والبيان الختامي الصادر عن اجتماع مجموعة العمل الدولية في جنيف. وأكد الوزراء أهمية العمل معا لإنهاء العملية الانتقالية استنادا إلى التطلعات المشروعة للشعب السوري من أجل الحرية والتعددية الديمقراطية.

واعتبر وزير الخارجية التركي احمد دواد أوغلو ما يجري على الساحة السورية «فحص ضمير ليس للمسلمين والعرب فقط وإنما للمجتمع الدولي كله»، قائلا: «إن النظام السوري يقوم بقتل أبناء شعبه، حتى وصل عدد القتلى حتى يومنا هذا إلى نحو 35 ألفا من النساء والرجال والأطفال، في حين وصل عدد الذين غادروا إلى دول الجوار نحو 500 ألف لاجئ». وأكد على أن النظام السوري لن ينتصر في هذه الحرب، وأن إرادة الشعب السوري لا يمكن كبتها، داعيا إلى تأسيس مرحلة انتقالية خلال فترة قصيرة من أجل تحقيق المساواة والتفوق القانوني.

وأكد وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل أن الاعتراف بدولة فلسطين بصفة مراقب، خطوة تنبئ عن إمكانية حدوث تحول إيجابي في طريقة تعامل الأمم المتحدة مع القضية الفلسطينية، موضحا أنها تحمل دلالات تعكس تأييد المجتمع الدولي لحق الفلسطينيين المشروع في الحصول على «دولة مستقلة وذات سيادة». وقال الأمير سعود الفيصل في كلمة له خلال الافتتاح: «نأمل من مجلس الأمن أن ينظر بإيجابية إلى قرار الغالبية الدولية باعتباره دافعا للسلام لا معطلا له، وذلك في إطار مسؤوليته الرئيسية في حفظ الأمن والسلم الدوليين».

ونوه الفيصل بالعلاقات السعودية - التركية، آملا «أن نتمكن اليوم من النظر في بلورة آليات فاعلة للتسريع من وتيرة التعاون وتذليل أي معوقات تعترضنا، بما في ذلك تعزيز دور القطاعين العام والخاص، العربي والتركي، وتشجيعهما على بناء شراكات اقتصادية واستثمارية تستند إلى أسس سليمة تراعي المصالح المشتركة، وترتقي إلى مستوى تطلعات وآمال قادتنا وشعوبنا».

ورأى الأمير الفيصل في اجتماع اليوم الذي تستضيفه تركيا «ما يعزز ثقتنا بأهـمية الدور الإيجابي الذي تؤديه تركيا في التعامل ومعالجة مشاكل المنطقة، خاصة أن الحكومة التركية حريصة على التنسيق في ذلك مع مؤسسات الشرعية العربية، وليس أدل على هذا التنسيق الإيجابي من تطابق للرؤى وتقارب في المواقف وتناغم في الجهود بين الجانبين إزاء تعقيدات النزاع العربي - الإسرائيلي، وتداعيات الأزمة السورية، وخطورة انتشار السلاح النووي في المنطقة، والعمل الدؤوب لإطفاء نار الفتن المذهبية والطائفية في المنطقة».

وأشاد وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو بـ«عودة تركيا لمحيطها الإقليمي وانشغالها بقضاياه وانحيازها لقيم العدالة والحرية، سواء تعلق الأمر بقضيتنا المركزية في فلسطين أو بكفاح شعوبنا لتحقيق الحرية والكرامة والديمقراطية، ولا يسعنا إلا أن نرحب ونثمن هذا الانخراط الإيجابي لتركيا ودعمها الثابت لقضايانا العادلة». وقال: «يحضرني في هذا السياق ما تعرض له شعبنا الفلسطيني في غزة من اعتداء سافر سقط على أثره شهداء من المدنيين الأبرياء العزل، وكانت تركيا وكعادتها داعمة للحق في هذا الظرف المأساوي بتأييدها للجهود المتواصلة للرئيس محمد مرسي والدبلوماسية المصرية والعربية التي أسفرت عن وقف هذا العدوان، فقد شهدنا زيارة السيد أردوغان رئيس وزراء تركيا للقاهرة لمؤازرة الجهود المصرية، وانضمام مضيفنا العزيز أحمد داود أوغلو لإخوانه وزراء الخارجية والأمين العام لجامعة الدول العربية في زيارتهم التضامنية لقطاع غزة لدعم صمود إخواننا هناك ومقاومتهم الباسلة للعدوان، ولعل ارتفاع أعلام مصر والدول العربية إلى جانب علم تركيا وعلم فلسطين في كل موقع شهد عدوانا إسرائيليا لأبلغ مثال على حجم انصهارنا جميعا خلف هدف دعم الشعب الفلسطيني حتى يحصل على حقوقه المشروعة.