الضفة الغربية تستعد لاستقبال أبو مازن العائد بـ«شهادة ميلاد دولة فلسطين»

الرئيس يواجه أولى العقوبات الإسرائيلية ببناء 3 آلاف وحدة سكنية استيطانية.. والمصالحة ستتصدر أجندته وحماس قد تفرج عن معتقلين سياسيين

أبو مازن في انتظار نتائج التصويت على دولة فلسطين في الجمعية العامة ليل الخميس الماضي (إ.ب.أ)
TT

تستعد الأراضي الفلسطينية رسميا وشعبيا لاستقبال حافل وحاشد للرئيس محمود عباس (أبو مازن) الذي سيعود إليها اليوم وفي يده «شهادة ميلاد دولة فلسطين» التي تحمل تواقيع 138 دولة في العالم بما فيها معظم دول العالم الثالث وعدم الانحياز والدول الإسلامية والعربية قاطبة، إضافة إلى 3 من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وهي روسيا والصين وفرنسا، (بريطانيا امتنعت وأميركا كالعادة صوتت ضد)، ونحو 20 دولة أوروبية.

وفي هذا السياق يذكر أن الدولة الأوروبية الوحيدة التي صوتت ضد دولة فلسطين هي جمهورية التشيك التي يحكمها حزب يميني متشدد في دعمه لإسرائيل. وواجه موقف الحكومة هذا انتقادات شديدة من قبل أحزاب المعارضة التشيكية. ووصف نائب رئيس الحزب الديمقراطي الاجتماعي لوبومير زاوراليك موقف الحكومة التشيكية بأنه يفتقد للمنطق، واصفا السياسة الخارجية التشيكية بأنها غير مفهومة إطلاقا، ففي حين تعلن دعمها قيام دولتين: إسرائيل وفلسطين، تصوت ضد قبول فلسطين كدولة مراقب. وأضاف «إن سياستنا الخارجية تدلل على أننا نبتعد عن الاتحاد الأوروبي» ووصفها بالسياسة الانعزالية وغير المنطقية.

وهاجم الموقف الحكومي فويتيخ فيليب رئيس الحزب الشيوعي التشيكي والمورافي وهو ثاني أقوى الأحزاب معتبرا الموقف التشيكي في الأمم المتحدة يشكل فشلا كاملا للسياسة الخارجية، وأن الجمهورية التشيكية تصرفت بشكل مخز ومضحك.

وحتى ألمانيا التي كانت مصرة على التصويت ضد دولة فلسطين اضطرت في اللحظة الأخيرة، إلى تغيير موقفها والامتناع عن التصويت، وامتنعت عن التصويت أيضا هولندا التي طالما وقفت إلى جانب إسرائيل في المحافل الدولية وكذلك أستراليا. والأهم من ذلك أن إسرائيل لم تحظ بتأييد سوى 6 أعضاء إلى جانب الولايات المتحدة وجمهورية التشيك، وكندا، ومكرونيزيا وجزر المارشال والناورو وبنما وبالاو وهي دول ليست ذات أهمية باستثناء الدول الثلاث الأولى.

وقال عزام الأحمد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيس عباس الذي وصل العاصمة الأردنية أمس بعد رحلة نيويورك التي استغرقت قرابة 60 ساعة، سيعود اليوم إلى رام الله حيث سيكون في استقباله الشعب الفلسطيني وفصائله احتفاء بالإنجاز الكبير المتمثل بالفوز باعتراف الأمم المتحدة بدولة فلسطين.

وبينما رفض الأحمد الخوض في تفاصيل الخطوة التالية للقيادة الفلسطينية التي يفترض أن تجتمع قريبا لدراسة خطة ما بعد «الدولة» إلا أنه أكد أن المصالحة هي البند الأهم على أجندة الرئيس والقيادة الفلسطينية. وقال إنه يجري الترتيب لعقد اجتماع للأمناء العامين لفصائل منظمة التحرير الفلسطينية إضافة إلى حركتي حماس والجهاد الإسلامي، لمناقشة المستجدات على الساحة الفلسطينية لا سيما قرار الجمعية العامة ووضع منظمة التحرير. غير أن الأحمد نفى أن يكون الاجتماع سيعقد كما أشيع في الأسبوع المقبل في القاهرة، مؤكدا أنه لن يتم الاتفاق بعد على موعد زمني.

وأكد الأحمد رئيس كتلة فتح البرلمانية ومسؤول ملف المصالحة، ضرورة تحقيق الوحدة الوطنية خاصة بعد أن «توحدت المشاعر في غزة والضفة بصمود أهلنا في القطاع في وجه العدوان الإسرائيلي، ومن ثم نجاح الدبلوماسية الفلسطينية في أروقة الأمم المتحدة». وقال في حديث لـ«شاشة نيوز»: «في ظل الأجواء العاطفية الجامحة التي اجتاحت الأوساط الفلسطينية في كل مدن الضفة والقطاع كان القادة يتحدثون بعاطفة أيضا وبمشاعر وطنية تشيد بصمود أهلنا في القطاع ونجاح القيادة الفلسطينية في الأمم المتحدة وعليه أقول (لا بد أن نتوحد)». وأضاف: «الدرس الأول الذي يجب أن يأخذه الفلسطينيون في ظل هذه المشاعر هو (حتى نقاوم علينا أن نتوحد) هذه حقيقة لا شك فيها إطلاقا، وكان على القادة إدراكها وتحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام قبل العدوان الإسرائيلي على القطاع فالوحدة الوطنية هي أهم متطلبات النصر السياسي والعسكري».

ومما يعزز إمكانية تحقيق المصالحة ما قاله نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق «إنّ انتصار المقاومة في الحرب الأخيرة على غزة وتوحد الفصائل في مواجهة الاحتلال وموقف السلطة من العدوان، جعل المصالحة أقرب للتنفيذ أكثر من أي وقت مضى». وقال أبو مرزوق في تصريحات له إنّ حركة فتح وقفت بجوار حماس في هذه المعركة، كما وقفت حماس بجانب فتح، «وهو أمر جميل يُقربنا من المصالحة، وهو أفضل المطلوب لأن تعود الحياة بين أبناء شعبنا لطبيعتها وتبقى متصلة».

وعلى طريق المصالحة أيضا ستفرج الحكومة المقالة في غزة عن معتقلين حركة فتح على خلفيات الصدامات إثر الانقسام، وقال مصدر في الحركة «نحن بدورنا في فتح جهزنا كشوفات معتقلينا». كما وتم تشكيل لجنة للتدقيق في الأسماء التي سيتم الإعفاء عنها.

وفي هذا السياق أيضا قال مصدر فتح إن لدى أبو مازن نية لإجراء تغييرات في قيادة الأجهزة الأمنية استجابة لمتطلبات المصالحة، وهو أي أبو مازن يبحث الآن عن بدائل تقبل بها حركة حماس وإنه قد يبعد بعض القادة المتنفذين في فتح لا سيما بعض أعضاء اللجنة المركزية، ممن لا تقبل بهم حماس عن أي دائرة تتعلق بالعلاقة مع حماس.

لكن عودة أبو مازن إلى الأراضي الفلسطينية لن تكون مفروشة بالزهور بل سيكون هناك الكثير من المطبات الإسرائيلية. فبعد نشوة الاحتفالات سيستيقظ أبو مازن من «حلم الدولة» ليواجه أول هذه المطبات.. وهي مصادقة الحكومة المصغرة، على بناء ثلاثة آلاف وحدة سكنية في المشروع الذي أصبح يعرف بـ«ي 1» في مستوطنة معإليه ادوميم الواقعة على طريق القدس - أريحا.

وأدانت السلطة الخطوة الإسرائيلية بشدة كما أدانتها وزيرة الخارجية الأميركي هيلاري كلينتون، معتبرة أن هذا الأمر «يؤدي إلى تراجع قضية السلام» مع الفلسطينيين. وقالت كلينتون التي ستغادر منصبها في الإدارة الأميركية المقبلة، في مؤتمر صحافي في واشنطن في حضور وزراء إسرائيليين «دعوني أكرر أن هذه الإدارة، على غرار الإدارات السابقة، أبلغت إسرائيل بوضوح شديد أن هذه الأنشطة تؤدي إلى تراجع قضية سلام يتم التفاوض في شأنه» بين إسرائيل والفلسطينيين.

في ذات السياق حثت كلينتون في خطابها أمام منتدى «سابان» في واشنطن إسرائيل على مساعدة القادة الفلسطينيين الملتزمين بالسلام، وتعني بذلك رئيس الوزراء سلام فياض والرئيس عباس الذي كما قالت إنه اتخذ خطوة في الاتجاه الخطأ بذهابه للأمم المتحدة، مؤكدة أن تصويت الأمم المتحدة لن يعجل في إقامة الدولة الفلسطينية. وقالت إننا بحاجة لأن نرى أن السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية ستظل قادرة على تقديم البديل للصواريخ والمقاومة.