المالكي يهدد بإجراءات «غير مألوفة» في حال سحب الثقة منه ويتهم الأكراد بإثارة ضجة الأسلحة الروسية

المتحدثة باسم القائمة العراقية لـ «الشرق الأوسط» : يريد حربا لن نسمح بها

عمار الحكيم رئيس المجلس الأعلى الإسلامي يتحدث في مؤتمر عقد ببغداد أمس للإعلان عن تأسيس حركة سياسية جديدة باسم «بدأنا» بزعامة وزير الداخلية السابق جواد البولاني (أ.ف.ب)
TT

وضع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي خصومه السياسيين بين الحوار كسبيل وحيد لحل الأزمة الراهنة أو اضطراره لاتخاذ إجراءات غير مسبوقة في حال جرى التفكير ثانية في قضية سحب الثقة منه. واتهم المالكي، في مؤتمر صحافي عقده أمس في مبنى رئاسة الوزراء، إقليم كردستان بإثارة الضجة بشأن صفقة الأسلحة الروسية لمنع العراق من التسلح.

وقال المالكي إن «إقليم كردستان هو من أثار الضجة بشأن صفقة الأسلحة الروسية لمنع العراق من التسلح»، مشيرا إلى أن «هناك أطرافا خارجية أسهمت بالتشويش على الصفقة». وأضاف المالكي أن «الصفقة تم إيقافها لتلافي أي مشكلة»، مجددا في الوقت نفسه التأكيد على عدم امتلاكه «أي دليل على وجود فساد في صفقة الأسلحة الروسية». وأوضح أن «الصفقة ستستمر، وقد تم تغيير المسؤول عنها لغرض استمرارها»، لافتا إلى أن «إثارة الضجة بشأن الصفقة تأتي في وقت يقوم فيه إقليم كردستان بشراء الأسلحة من الخارج». وفيما نفى المالكي وجود أي علاقة لموظفي مكتبه بالصفقة مؤكدا أنهم لا يملكون صلاحية التفاوض أو إبرام الصفقات، فقد اعتبر أن «إنهاء عقد علي الدباغ، المتحدث باسم الحكومة، لا علاقة له بملف صفقة السلاح الروسي».

وفي أقوى تحذير لخصومه السياسيين ممن فكروا قبل شهور في سحب الثقة منه قال إن «تجديد الدعوات إلى حجب الثقة عني سيقابل بإجراءات لم يسبق أن اتخذتها من قبل»، مؤكدا أن «أصحاب هذا المشروع لم يحققوا شيئا عندما كانوا أقوى وضعا من الآن».

ودعا المالكي الكتل السياسية إلى «الجلوس إلى طاولة الحوار والتفاهم الجدي لحل الأزمات السياسية العراقية». وبشأن التحالف الشيعي - الكردي قال المالكي إن «التحالف الشيعي الكردي هو من أوصل رئيس الجمهورية جلال طالباني إلى رئاسة الجمهورية حينما رفضت القائمة العراقية التصويت على ترشيح طالباني لمنصب رئيس الجمهورية». وبرد ضمني على تصريحات طالباني الأخيرة، قال المالكي «ليس من حق مجلس الوزراء إعلان حالة الطوارئ إلا بموافقة ثلثي البرلمان، كما أنه لا يعلن الحرب من دون موافقة البرلمان». وأشار إلى أن «من حق القوات الحكومية المركزية التحرك في أي منطقة من مناطق البلد»، مشيرا إلى أنه ليس من حق إقليم كردستان احتلال أي معدات عسكرية ثقيلة، وأن الدبابات والمعدات الثقيلة هي من بقايا النظام السابق حيث استطاعوا الاستيلاء عليها».

وقدم المالكي مقترحا لقيادة الإقليم يقضي بتشكيل قوات خاصة من أبناء المناطق المتنازعة لإدارة الشؤون الأمنية فيها، والإبقاء على السيطرات المشتركة بين الجيش والبيشمركة وزيادة أعدادها في المناطق المتنازع عليها إذا تطلبت الحاجة ذلك. وحول رؤيته للوضع في ظل التصعيدات المتتالية قال المالكي «نحن لا نسعى للحرب، وحذرنا الجانب الآخر من خطورة الدخول في أي مواجهة عسكرية مع الجيش، لأننا نعتقد أن الحرب هذه المرة لن تكون مثل زمن (البعث) حربا ضد السلطة، بل ستتحول إلى حرب قومية بين الكرد والعرب». من جهته، قال مصدر قيادي بحزب الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه الرئيس طالباني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن تصرفات المالكي وتشدده «لم يعد مقبولا، فما معنى أن يرفض 11 نقطة من أصل 13 نقطة اتفقت عليها القيادات العسكرية الكردية والعراقية التابعة لمكتبه كقائد عام للقوات المسلحة، وإصراره على الإبقاء على قيادة عمليات دجلة التي تستفز مشاعر الكرد؟». وأضاف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه أن «التحالف الكردستاني لم يبق أمامه سوى اللجوء إلى التحالف الوطني الشيعي للتدخل في هذه الأزمة، فعلى قيادة هذا التحالف أن تسعى لإرغام المالكي على تغيير سياساته ومواقفه، أو تستبدل به غيره، لأن استمرار هذا الوضع سيفتح الأبواب أمام جميع الاحتمالات حتى وإن كانت مريرة».

من جهتها، اعتبرت المتحدثة الرسمية باسم القائمة العراقية ميسون الدملوجي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «خطاب المالكي غير مقنع بالمرة وظهر فيه مهزوزا وباحثا عن مخرج للازمات الداخلية التي يعانيها»، مشيرة إلى أنه «بات يريد الحرب مع الأكراد كجزء من الهروب إلى الأمام، لكننا لن نسمح بإراقة قطرة دم واحدة لأي عراقي مهما كان ولأي سبب». وأشارت إلى أن «المالكي الذي يتحدث عن الحوار هو الذي نسف كل التوافقات والاتفاقات وهو الذي حمى الفاسدين والمفسدين»، معتبرة أن «تهديده بكشف ملفات ومذكرات قبض وغيرها إنما هو نوع من التستر على جرائم، وأن التستر على جريمة هو جريمة في حد ذاته». وأوضحت المتحدثة أن «المالكي الذي يشن كل هذا الهجوم على الأكراد هو - وليس نحن في القائمة العراقية - وقع معهم على 19 نقطة في المناطق المتنازع عليها»، مشيرة إلى أن «مسألة سحب الثقة باتت خيارا نهائيا بعد كل ما ظهر عليه المالكي الذي اتبع طريقة الهجوم على الخصوم خير وسيلة للدفاع عن النفس، وهو أمر لم يعد ممكنا من وجهة نظرنا».

إلى ذلك، يتوقع أن يصل إلى أربيل في غضون اليومين القادمين رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي لاستكمال جهوده نحو تهدئة الأزمة العسكرية، بعد أن التقى أول من أمس برئيس الوزراء نوري المالكي، وسيلتقي برئيس الإقليم مسعود بارزاني للتباحث معه حول مخرج من الأزمة ووقف التصعيد.