قلق دولي بعد تأكيد بيونغ يانغ عزمها إجراء تجربة صاروخية جديدة

واشنطن تتشاور مع حلفائها.. ومجلس الأمن يحذر.. ومراكز علمية ترصد بالصور الاستعدادات للعملية

صورة وزعها موقع «ديجيتال غلوب» و«المعهد الأميركي الكوري» لجامعة جون هوبكينز تظهر تزايد النشاط بمحطة إطلاق الصواريخ في سوهاي بكوريا الشمالية (أ.ب)
TT

أثار إعلان كوريا الشمالية عن عزمها إطلاق صاروخ لوضع قمر اصطناعي في المدار بين 10 و22 من الشهر الحالي، قلقا دوليا بعد سبعة أشهر من تجربة فاشلة اعتبرها الغربيون اختبارا خفيا لصاروخ بعيد المدى يمكن تزويده بقدرات نووية.

فقد أعلنت كوريا الشمالية أمس عزمها إطلاق صاروخ لوضع قمر اصطناعي في المدار بين 10 و22 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. وقال بيان وزعته وكالة الأنباء الرسمية إن اللجنة الكورية للتكنولوجيا الفضائية أكدت أنها تريد وضع قمر اصطناعي في المدار بعد التحليل الذي أجراه علماء لأخطاء ارتكبت خلال عملية الإطلاق الفاشلة لصاروخ في أبريل (نيسان) الماضي. وأضاف البيان أن «العلماء في اللجنة حللوا الأخطاء التي ارتكبت خلال عملية الإطلاق التي جرت في أبريل الماضي وحسنوا دقة القمر والصاروخ الناقل له وأنجزوا بذلك الاستعدادات لعملية الإطلاق». وتابعت اللجنة أن الصاروخ سيضع قمرا اصطناعيا للمراقبة في المدار.

وأثار الإعلان التوتر مع كوريا الجنوبية التي ستنظم انتخابات رئاسية في 19 ديسمبر الحالي. وقالت وزارة الخارجية الكورية الجنوبية في بيان إن «الحكومة تعبر عن قلقها البالغ»، مدينة «عملا استفزازيا جدا» يتحدى قرارات الأمم المتحدة وقد تكون له انعكاسات كبيرة على الشمال المعزول أصلا. وأكد بيان اللجنة الكورية الشمالية لتكنولوجيا الفضاء أن مهمة ديسمبر «ستجري بتطابق كامل» مع المعاهدات الدولية حول إطلاق الأقمار الاصطناعية.

وبدورها، حذرت الخارجية الأميركية أمس بيونغ يانغ من مغبة إطلاق الصاروخ، معتبرة أن هذا الأمر إذا ما حدث سيعتبر «استفزازا كبيرا». وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند في بيان إن «إطلاق قمر اصطناعي كوري شمالي سيعتبر عملا استفزازيا كبيرا يهدد السلام والأمن في المنطقة» مضيفة أن «أي استخدام من قبل كوريا الشمالية لتكنولوجيا الصواريخ الباليستية يعتبر خرقا مباشرا لقرارات مجلس الأمن» الخاصة بكوريا الشمالية. ودعا البيان بيونغ يانغ إلى «الالتزام تماما بواجباتها المرتبطة بقرارات مجلس الأمن»، محذرة أن الولايات المتحدة «تتشاور مع حلفائها في الإجراءات التي يمكن أن تتخذ». وختم بيان الخارجية الأميركية بالقول إن «تخصيص موارد كوريا الشمالية لتطوير أسلحة نووية وصواريخ طويلة المدى، لن يؤدي سوى إلى عزلها وإفقارها». كما يتوقع أن يثير الإعلان قلق دول أخرى في المنطقة بينها اليابان.

وكان مجلس الأمن الدولي حذر الخميس بيونغ يانغ من القيام بتجربة إطلاق صاروخ تبدو وشيكة كما تعتقد الأسرة الدولية. وقال رئيس المجلس السفير البرتغالي جوزيه فيليب مورياس كابرال للصحافيين: «كلنا متفقون على أننا لا ننصح إطلاقا بالقيام بهذه التجربة». وردا على سؤال عن معلومات محددة حول اختبار إطلاق الصاروخ، صرح كابرال أنه لا يرغب في كشف ما يقال داخل مجلس الأمن، لكنه أضاف: «هناك قلق من ذلك، وهذا أمر واضح».

وكانت مجموعة «ساتلايت أوبيريتر ديجيتال غلوب إينك» نشرت مؤخرا صورا جديدة تشير إلى نشاط متزايد في محطة إطلاق الصواريخ بموقع سوهاي في كوريا الشمالية، مما يشير إلى احتمال إجراء اختبار جديد في الأسابيع الثلاثة المقبلة. وقالت «ديجيتال غلوب» إن نوع النشاط الذي رصد مطابق لاستعدادات سجلت في كوريا الشمالية قبل تجربتها الفاشلة لإطلاق صاروخ «أونها - 3» في أبريل الماضي. وتحدث مسؤولون عسكريون كوريون جنوبيون أيضا عن تقارير استخباراتية تشير إلى احتمال إطلاق صاروخ في ديسمبر الحالي أو يناير (كانون الثاني) المقبل. من جهتها، ذكرت مجموعة أميركية للدراسات الجمعة أن تحاليل لصور جديدة التقطت بالأقمار الصناعية تدل على استعدادات لتجربة إطلاق صاروخ اعتبارا من الأسبوع المقبل. وكتب نيك هانسن الخبير في تحليل الصور التي تلتقط بالأقمار الصناعية على موقع «المعهد الأميركي الكوري» لجامعة جون هوبكينز: «إذا لم تكن بيونغ يانغ غيرت ممارساتها في الاستعداد لعملية الإطلاق، فيفترض أن تكون مستعدة لإطلاق صاروخ في نهاية الأسبوع الأول من ديسمبر»، مضيفا أن قاطرات تستخدم في نقل الطبقتين الأولى والثانية من صاروخ «أونها - 3» متوقفة قرب مبنى كبير في موقع سوهاي، موضحا أنه «مؤشر واضح على أن طبقات الصاروخ يجري فحصها قبل اقترابها من منصة الإطلاق».

وتسعى كوريا الشمالية منذ عقود إلى تطوير تقنية الصواريخ، لكن كل تجاربها لم تسفر عن نتائج كبيرة، وقامت في 2006 و2009 بتجربتين نوويتين فرض مجلس الأمن الدولي على أثرهما عقوبات قاسية على بيونغ يانغ.