«معهد العالم العربي» يستنجد بـ«ألف ليلة وليلة»

باريس تكرم الكتاب الملعون الذي لن يبوح بسره

TT

ليس ثمة شك في أن كتاب ألف ليلة وليلة هو الكتاب العربي الأكثر شهرة في العالم (نتحدث هنا عن الأدب). وليس ثمة ما يدهش حين نستخرج هذا الكتاب من رفوفنا المغبرة كلما أحسسنا بوهن أمام الغرب والحاجة لإثبات قدرتنا على التخييل أمام الثقافات الأخرى. وأصبح الكثير منا يحسّ بالفخر حين يعترف هذا الكاتب الغربي أو ذاك بتأثره بالكتاب. مزيج من السعادة والارتياح لكون هذا الكتاب لا يتوقف عن إثارة إعجاب الغربيين بهذا التراث العربي الأصيل، رغم أصوله الهندية والفارسية، وهو ما لا يتوقف الكثيرون عن قذفه في وجوهنا، كما يفعلون عادة حين نتحدث، بسذاجة، عن اكتشاف العَرَب للصِّفْر وغيره من العلوم فينسبونها للهند.

وطبعا هو الكتاب الذي لا يتوقف عن فتح الأسئلة. ويأتي المعرض الكبير الذي يقيمه «معهد العالم العربي» في باريس احتفالا بهذا الكتاب لنعيد معه الكثير من الأسئلة التي طُرِح الكثير منها في السابق والتي لم تَحْصُل (ولن تحصل) على جواب. ولعلّ البعض منها يُطرَح على كل كتاب كبير أثَّر في الثقافة العالمية. لعل «دون كيخوته» واحدٌ منها.

ولم يخطئ معهد العالم العربي في قراره، والنجاح سيكون حليفه بالتأكيد، فَكُلّ واحد منا «فيه شيءٌ من ألف ليلة وليلة». وسينضاف هذا المعرض إلى قائمة المعارض التي حققت نجاحا في المعهد، ومن بينها: معرض «مصر الفرعونية» والآخر عن «أم كلثوم» (بعض المعارض كانت مكلفة وفاشلة!). سينجح الرهان طبعا في المزاوجة ما بين تقديم الثقافة لجمهور غربي وعربي وتحقيق الربح من أجل تأمين سير المعهد ودفع مرتبات الموظفين...

لم يُعامِل العرب في تاريخهم «الليالي» بمودة تستحقها. ففي بعض الفترات الحالكة، من تاريخنا المعاصر، كان الكِتاب يتعرض لمناقشات عاصفة في برلمانات وكأنه يُهدِّد الأمن القومي العربي. ووصل الأمر أحيانا إلى إصدار قرارات ببتر أجزاء منه، إرضاء لما يسمى بالأخلاق العامة، متناسين أن ثقافتنا العربية، ومن بداياتها، تحتوي على ذخيرة عجيبة وفريدة من النصوص التي تنضح حرية وتخييلا ومَرَحا.