المحكمة الدستورية تفصل اليوم في مدى بقاء مجلس الشورى وتأسيسية الدستور

وسط خلافات قانونية ودستورية حول الإعلان الدستوري

مظاهرة مؤيدة للإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس محمد مرسي من أعضاء جماعة الإخوان في محيط جامعة القاهرة أمس (رويترز)
TT

وسط أجواء سياسية مشحونة، وحالة من الترقب والقلق لدى المصريين إثر الانقسام السياسي الحاد الذي أحدثه الإعلان الدستوري المكمل الذي أصدره الرئيس محمد مرسي، ينتظر أن تصدر المحكمة الدستورية العليا في مصر اليوم (الأحد) حكمها في قضيتين تحسمان مصير مجلس الشورى والجمعية التأسيسية التي انتهت مؤخرا من وضع الدستور الجديد لمصر.

وستنظر المحكمة الدستورية، التي تقابل بهجوم شديد وحاد من جانب قوى الإسلام السياسي، اليوم الجلسة الأولى من الدعوى المطالبة بعدم دستورية قانون انتخابات مجلس الشورى، الذي أجريت بموجبه الانتخابات، على نحو سيتحدد معه مصير بقاء المجلس، وما إذا كان سيلحق بمجلس الشعب الذي قضت المحكمة الدستورية في شهر يونيو (حزيران) الماضي ببطلانه وحله، أو الإبقاء عليه.

ورغم إصدار الرئيس مرسي في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي للإعلان الدستوري المكمل الذي تم بموجبه تحصين مجلس الشورى والجمعية التأسيسية من البطلان، حيث تضمن نص الإعلان في مادته الخامسة على أنه لا يجوز لأي جهة قضائية حل مجلس الشورى أو الجمعية التأسيسية لوضع مشروع الدستور، غير أن المحكمة ستنظر في الدعويين المتعلقتين بالمجلس والجمعية، باعتبار أنه قد تم في وقت سابق على صدور الإعلان، تحديد جلسات لنظرهما، وقيدتا في جدول الدعاوى، وتم تحديد جلسة اليوم لنظرهما، من بين نحو 29 دعوى دستورية أخرى تضمنها جدول الدعاوى.

وأشار مصدر قضائي مسؤول لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه لا يمكن مطلقا التكهن بالحكم الذي ستصدره المحكمة، وما إذا كانت ستمتثل للإعلان الدستوري وتحكم بانقضاء الدعوى إجرائيا في ضوء هذا الإعلان، أم سيكون لها رأي قانوني آخر تخرج بموجبه الدعويان من نطاق «التحصين الدستوري» الذي نص عليه إعلان مرسي.

وقال المصدر إن الرأي القانوني الأغلب لدى جموع القضاة في مصر، أن رئيس الجمهورية لا يحق له إصدار أي إعلانات دستورية، موضحا أن الإعلان الدستوري الصادر في مارس (آذار) 2011 من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والذي تم استفتاء الشعب عليه وحظي بموافقة الأغلبية، أورد على سبيل الحصر سلطات واختصاصات رئيس الجمهورية، وليس من بين هذه الاختصاصات سلطة التشريع أو إصدار إعلانات دستورية.

وفيما يتعلق بالجمعية التأسيسية للدستور، قال المصدر إن الدعوى المتعلقة بالجمعية هي دعوى «منازعة تنفيذ» وليست «دعوى موضوعية»، وإن الأصل طبقا لقانون المحكمة الدستورية العليا، أن منازعة التنفيذ تقام على أساس حكم سابق يكون قد صدر من المحكمة الدستورية في شأن موضوع القضية، وحينما تكون هناك عقبة أمام تنفيذ هذا الحكم، يقوم صاحب الصفة والمصلحة بإقامة دعوى أخرى وهي «منازعة التنفيذ»، وذلك للتأكيد على استمرار الحكم الموضوعي، لافتا إلى أنه في هذه الحالة لم يصدر أي حكم من الدستورية ببطلان التأسيسية، ومن ثم فإن الاحتمال المرجح طبقا للقانون، أن يتم رفض هذه الدعوى.

وأجريت انتخابات مجلس الشورى بنفس القواعد التشريعية التي أجريت بموجبها انتخابات مجلس الشعب، التي تستند إلى قاعدة تحديد ثلثي مقاعد المجلسين تخصص لمن ينتمون لأحزاب سياسية، والثلث المتبقي للأفراد للمستقلين، مع السماح للحزبيين بالاشتراك في الثلث المخصص للمستقلين، وهو الأمر الذي استندت معه المحكمة الدستورية في السابق لإبطال مجلس الشعب وحله، باعتبار أن هذا الأمر يخالف قواعد العدالة وتكافؤ الفرص والمساواة بين المرشحين.

كما انتهى تقرير هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية، وهو تقرير استشاري غير ملزم للمحكمة، إلى التوصية بعدم دستورية قانون انتخابات مجلس الشورى على غرار ما سبق إصداره في الحكم الصادر في دعوى الطعن على قانون انتخابات مجلس الشعب، الذي قضي بعدم دستوريته.

وكانت الدعوى القضائية بالطعن على دستورية قانون انتخابات مجلس الشورى قد أحيلت من المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة إلى المحكمة الدستورية العليا كي تتولى الأخيرة الفصل في مدى دستورية قانون انتخابات المجلس الذي أجريت بموجبه الانتخابات الأخيرة.

وكان أحد المحامين قد أقام الدعوى أمام المحكمة الإدارية العليا، وقال فيها إن الانتخابات الأخيرة لمجلس الشورى شهدت إهدارا لمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص بين المرشحين المنتمين لأحزاب سياسية والمرشحين المستقلين، على نحو من شأنه بطلان الانتخابات الأخيرة نظرا لما شهدته من مزاحمة المرشحين الحزبيين للمرشحين المستقلين في المقاعد المخصصة لهم، مطالبا بحل مجلس الشورى استنادا إلى بطلان قانون انتخابات المجلس.

وقالت المحكمة الإدارية العليا في حيثيات حكمها بإحالة القضية للمحكمة الدستورية العليا، إن النصوص التي حددها الحكم قد أتاحت للمنتمين للأحزاب السياسية الترشح لعضوية مجلس الشورى بنظام الانتخاب الفردي، رغم أنها قصرت الترشح على القوائم الحزبية على المنتمين للأحزاب وفق طبائع الأمور، وبذلك يكون هناك مزاحمة من المنتمين للأحزاب للمستقلين في الترشح على المقاعد الفردية، وتكون قد أتاحت لهم فرصتين للترشح، وهو ما تكون معه هذه النصوص مخالفة للمبادئ الدستورية المستقرة، وعلى وجه الخصوص مبدأ المساواة ومبدأ تكافؤ الفرص، إذ يخل السماح للمنتمين للأحزاب بالترشح على المقاعد الفردية بهذين المبدأين؛ حيث كان من المتعين أن تخصص هذه المقاعد للمستقلين دون سواهم.

يذكر أن المحكمة الدستورية العليا كانت قد قضت بعدم دستورية قانون انتخابات مجلس الشعب وبطلان تكوين المجلس بكامله بما يترتب عليه زوال وجوده بقوة القانون، وذلك بالاستناد إلى أن الانتخابات قد أجريت في ضوء نصوص قانونية ثبت عدم دستوريتها؛ كونها حملت مساسا بالحق في الترشيح في محتواه وعناصره وتكافؤ الفرص.