مجلس الأمة الكويتي المنتخب: 30 وجها جديدا وعودة للنساء

السلطات تثني على نجاح الانتخابات.. والمعارضة «المقاطعة» تطالب بإسقاط البرلمان الجديد

كويتيات يحتفلن بعودة النساء إلى مجلس الأمة الجديد في العاصمة الكويت (رويترز)
TT

طالبت المعارضة الكويتية أمس بحل مجلس الأمة الجديد المنبثق عن الانتخابات التشريعية التي جرت أول من أمس لانتخاب مجلس أمة (برلمان) جديد، معتبرة مجلس الأمة المنبثق عن الانتخابات التي قاطعتها «غير شرعي» ولا يمثل غالبية الشعب الكويتي. ومع مقاطعة المعارضة للعملية الانتخابية وصل 30 وجها جديدا إلى البرلمان، في وقت حصلت فيه الأقلية الشيعية على نحو ثلث مقاعد البرلمان، وهو عدد قياسي غير مسبوق في تاريخ الكويت، مع عودة للنساء بحصولهن على 3 مقاعد.

بدورها، أعلنت وزارة الإعلام الكويتية أن نسبة الإقبال على الانتخابات بلغت 40.3 في المائة بناء على تقرير الفريق الدولي الذي راقب سير العملية الانتخابية.

وشكر أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح الجهات المشرفة على الانتخابات على نجاح سير الاقتراع وهنأ الفائزين، بينما قال وزير الإعلام الكويتي الشيخ محمد العبدالله المبارك الصباح إن «الكويت شهدت نجاح العرس الديمقراطي بممارسة المواطنين لحقهم الدستوري في اختيار ممثليهم في مجلس الأمة القادم»، حسب ما أوردته وكالة الأنباء الكويتية (كونا) أمس.

وأضاف أن «نسبة المشاركة تمثل في هذه الانتخابات نقطة انطلاق لمرحلة جديدة للتنمية والتطوير من خلال تعاون السلطتين التنفيذية والتشريعية للارتقاء بالكويت وشعبها في جميع المجالات». إلا أن المعارضة رفضت نتائج الانتخابات، وقال أحد قادتها النائب الإسلامي السابق فيصل المسلم لوكالة الصحافة الفرنسية: «سنستمر بحراكنا الوطني السلمي تحت سقف الدستور وسنستخدم كل الوسائل السلمية الدستورية من ندوات وتجمعات ومسيرات (...) حتى إسقاط هذا البرلمان وسحب مرسوم الصوت الواحد». وأضاف: «ندعو إلى إسقاط هذا البرلمان وسحب المرسوم لأن هذا المجلس لا يمثل غالبية الشعب الكويتي».

وحصل الشيعة على 17 من أصل 50 مقعدا في مجلس الأمة، بحسب النتائج التي أعلنتها اللجنة الانتخابية الوطنية. وحقق الشيعة هذه النتائج التي لا سابق لها في تاريخ الكويت إثر رفضهم دعوة المعارضة التي يهيمن عليها السنة إلى مقاطعة الانتخابات.

وقد تمثل الشيعة بتسعة نواب فقط في المجلس الذي انتخب عام 2009، وسبعة في المجلس المنتخب في فبراير (شباط) الماضي. وعادت النساء بقوة إلى المجلس الجديد إثر انتخاب ثلاث نساء، بعد غيابهن تماما عن المجلس السابق، بينما وصل عددهن إلى 4 في المجلس المنتخب في 2009. وتعكس حقيقة ضم المجلس الجديد نحو 30 من الوجوه الجديدة المقاطعة الواسعة من جانب النواب السابقين الذين يقودون المعارضة.

أما الإسلاميون السنة الذين قاطعوا الانتخابات بشكل كبير، فقد فازوا بأربعة مقاعد مقابل 23 مقعدا في المجلس السابق الذي انتخب في فبراير.

وكان شيوخ القبائل الرئيسية دعوا إلى المقاطعة على غرار ما فعلته المعارضة الإسلامية والليبرالية والقومية، وذلك اعتراضا على تعديل قانون الانتخابات الذي بات ينص على اختيار الناخب مرشحا واحدا بدلا من أربعة كما كان يجري سابقا.

ورأت المعارضة التي حصلت على 36 من أصل 50 مقعدا في المجلس السابق الذي تم حله في يونيو (حزيران) الماضي أن اختيار الناخب لمرشح واحد يشجع على شراء الأصوات ويسمح للسلطة بالإتيان بمجلس موال لها.

من جهتها، رأت اللجنة الشعبية للمقاطعة أن مجلس الأمة الجديد «لا يمثل غالبية الشعب الكويتي كما أنه فاقد للشرعية الشعبية والسياسية»، مشيرة إلى أن أي قانون يصدره سيكون غير شرعي.

وقال النائب المعارض السابق خالد السلطان في ختام اجتماع للمعارضة عقب انتهاء عمليات التصويت إن «نسبة المشاركة لم تتجاوز 26.7 في المائة».

وفي المقابل، أفادت وزارة الإعلام على موقعها الإلكتروني بأن نسبة المشاركة بلغت 38.8 في المائة، إلا أنها أعلنت لاحقا أمس في بيان صحافي أن نسبة المشاركة بلغت 40.3 بناء على تقرير الفريق الدولي الزائر لمراقبة الانتخابات.

وهي أدنى نسبة منذ أول انتخابات عامة بما في ذلك تلك الانتخابات التي أجريت عام 1963، حيث بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات الـ3 الماضية نحو 60 في المائة.

وطبقا للبيانات التي نشرتها وزارة الإعلام على موقع انتخابات مجلس الأمة 2012، فإن عدد المشاركين في الانتخابات بلغ 163301 ناخب، في حين كان عدد الناخبين المقيدين في جداول الانتخابات 422569 ناخبا.

وقال أحمد السعدون، أحد زعماء المعارضة، إن «الانتخابات غير دستورية»، في حين دعا نواب معارضون أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح إلى إلغاء تعديل قانون الانتخابات.

بدوره، اعتبر المحلل السياسي أحمد العجمي أن المجلس الجديد لن يستمر طويلا، محذرا من تصاعد التوتر.

وقال في هذا السياق «أعتقد أن الانتخابات مؤشر على مرحلة جديدة من عدم الاستقرار السياسي (...) لأن المجلس الجديد لا يمثل بشكل صادق الشعب الكويتي»، وأضاف أن القبائل الرئيسية الثلاث العوازم ومطير والعجمان البالغ تعدادها 400 ألف نسمة كانت الخاسر الأكبر مع نائب واحد في المجلس الجديد، في حين كان لديها 17 في المجالس السابقة. ولم تشهد الانتخابات، وهي الثانية في غضون عشرة أشهر والخامسة منذ منتصف 2006، أي حادث يذكر رغم التوتر السياسي الحاد بين المعارضة والسلطات.

ووفقا للقانون، يتعين على الحكومة الحالية تقديم استقالتها من أجل تشكيل أخرى قبل أن يعقد مجلس الأمة الجديد جلسته الأولى بحلول أسبوعين.

ومنذ منتصف 2006، استقالت 9 حكومات وجرى حل البرلمان 6 مرات، مما يعكس الأزمات السياسية العميقة والمتتالية. وإزاء هذا الواقع، تصاعدت المطالبات بإصلاحات جذرية للنظام السياسي.

وارتفعت مؤشرات بورصة الكويت في وقت مبكر أمس في الوقت الذي أظهر فيه المستثمرون الثقة في أن الحكومة ستتمكن من تنفيذ خططها لتنمية الاقتصاد بعد خروج المعارضة من مجلس الأمة. وتسببت الاضطرابات السياسية في منع تنفيذ إصلاحات اقتصادية واستثمارات بما في ذلك خطة تنمية حجمها 30 مليار دينار (108 مليارات دولار) بهدف تنويع الاقتصاد الذي يعتمد بشدة على النفط واجتذاب الاستثمارات الأجنبية.

وقال شفيق الغبرا أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت، إنه «برلمان موال للحكومة. الآن يمكن للحكومة أن تفعل كل ما تريده.. والذي قالت إنها ممنوعة منه. السؤال الآن: هل ستفعل ذلك؟»، ومضى يقول «في حين أن لديها برلمانا لا يعارضها هناك سكان على جانب المعارضة.. التركيبة أصبحت أكثر تعقيدا».

وكانت المعارضة التي تضم إسلاميين وساسة قبليين وليبراليين ويساريين قد حصلت على ثلثي المقاعد في انتخابات مجلس الأمة في فبراير الماضي وشكلت كتلة مثلت ضغطا على الحكومة وأجبرت وزيرين على الاستقالة، غير أنه تم حل البرلمان بعد حكم قضائي في يونيو.

وقالت الحكومة إن نواب المعارضة استخدموا البرلمان في تسوية الحسابات بدلا من المساعدة على تمرير القوانين اللازمة للتنمية الاقتصادية.. في حين أن ساسة المعارضة اتهموا الحكومة بسوء الإدارة ودعوا إلى حكومة منتخبة.