تهاني الجبالي.. قاضية تتحدث باسم القانون وتواجه النظام

أول سيدة تجلس على منصة القضاء المصري

المستشارة تهاني الجبالي
TT

لم تكن المرأة الحاصلة على الدراسات العليا في الشريعة الإسلامية تعتقد يوما أنها ستواجه هذا الكم من النقد والتشويه لشخصها في مظاهرات متلاحقة كانت آخرها مظاهرة مليونية حملت اسم «الشريعة»، وأخذت من محيط جامعة القاهرة مقرا لها، تلك الجامعة التي حصلت منها القاضية تهاني الجبالي على شهادة تخرجها في القانون، قبل أن تحصل على درجة الدراسات العليا في القانون العام والقانون الدستوري والشريعة الإسلامية.

إنها أول قاضية مصرية وأول من يعتلي منصة المحكمة الدستورية المصرية من النساء في مصر، المستشارة تهاني الجبالي، واحدة من 17 قاضيا هم قضاة المحكمة المسؤولة عن الرقابة على دستورية القوانين واللوائح، بجانب رئيسها، وعينت الجبالي في عام 2003 بهيئة مستشاري المحكمة، التي أنشئت في عام 1969 تحت اسم «المحكمة العليا» والتي تولت مهمة الرقابة على القوانين حتى تاريخ تشكيل المحكمة الدستورية العليا عام 1979.

تهاني محمد الجبالي، وهي الآن نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا في مصر، من مواليد التاسع من نوفمبر (تشرين الثاني) 1950 تخرجت من جامعة القاهرة عام 1973، وانخرطت في العمل بالمحاماة حتى الثاني والعشرين من يناير (كانون الثاني) عام 2003 حين صدر قرار رئاسي بتعيينها ضمن هيئة المستشارين بالمحكمة الدستورية العليا كأول قاضية مصرية، وكانت الجبالي أول محامية مصرية منتخبة لعضوية مجلس نقابة المحامين العامة بمصر منذ إنشاء النقابة عام 1912، وأول محامية مصرية منتخبة لعضوية المكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب، وعضو الاتحاد الدولي للمحامين والنقابة الدولية للمحامين حتى تعيينها بالقضاء.

وكانت الجبالي، الحاصلة على درع الأمم المتحدة للعمل الاجتماعي ووسام المحاماة التونسي والبحريني، أبرز قضاة المحكمة العريقة الذين وجهت لهم سهام النقد اللاذعة من أنصار ومؤيدي جماعة الإخوان المسلمين والتيار السلفي في مصر منذ قرار المحكمة الدستورية ببطلان قانون انتخاب مجلس الشعب والذي ترتب عليه حل المجلس الذي كان قد حاز أغلبيته التيار الإسلامي، ومنذ الدقيقة الأولى لقرار المحكمة بحل البرلمان تعرضت الجبالي والمحكمة الدستورية برمتها لحملات متلاحقة من مؤيدي جماعة الإخوان المسلمين بدأت باتهام هيئة المحكمة بمحاباة النظام السابق ووقوفها ضد الثورة وأهدافها، لكن المحكمة التي تصدت مرة أخرى لمحاولة إعادة عمل البرلمان، نالت النصيب الأكبر من الهجوم في مظاهرة التيارات الإسلامية أمس وهتف المتظاهرون ضد المستشارة الجبالي ووصفوها بعدو الدولة وعدو الاستقرار، رافعين رايات وصور تندد بما سموه دور المحكمة الدستورية وقضاتها في تعطيل مصالح الوطن واستقراره.

ولم يتوقف الهجوم على شخص المستشارة الجبالي وقضاة المحكمة الدستورية العليا عند الهتافات والاتهامات على صفحات الجرائد وشاشات التلفزة ولكنه امتد لتعطيل عمل المحكمة الدستورية. وتظاهر المئات من المواطنين أمس أمام مقر المحكمة الدستورية، وقالت المحكمة أمس إنها تتعرض لأسلوب من أساليب الاغتيال المعنوي لقضاتها الذي سبقت ممارسته الفترة الماضية من هذا الحشد وغيره ممن ينتمون إلى التيارات الإسلامية، ويخشى مراقبون أن يكون اصطدام القضاء بالسلطة الحاكمة عقب الثورة، إعادة لمشاهد مذبحة القضاء حين اصطدم نظام الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر بالقضاء عقب هزيمة 1967 في محاولة لبسط سيطرته على القضاء.

ولم يكن حل مجلس الشعب هو نقطة الصدام الوحيدة بين المحكمة الدستورية التي تصدر أحكامها من سبعة مستشارين، وتعتبر نهائية لا يمكن الطعن عليها بأي طريقة من طرق الطعن، إذ جابهت المحكمة النظام مرة أخرى بعدما قرر الدكتور محمد مرسي، عقب تنصيبه من قبل المحكمة رئيسا للبلاد، دعوة مجلس الشعب للانعقاد بالمخالفة لحكم الدستورية بحله، لتعود المحكمة مرة أخرى وتقضي ببطلان قرار الرئيس معلنة أنها ستتصدى لأي محاولة للانتقاص من هيبة أو استقلال القضاء المصري، لكن الصراع استمر بين الطرفين وأصدر الرئيس هذه المرة إعلانا دستوريا يمنح قراراته تحصينا من أي طعون قضائية ويمنحه حق إقالة النائب العام قبل أن يأتي دور المحكمة الدستورية للرد في حكم كان موعده أمس حول شرعية مجلس الشعب والجمعية التأسيسية التي قدمت مشروع دستور البلاد الجديد للرئيس أول من أمس، مما يثير التساؤلات حول مستقبل العلاقة بين شيوخ القضاء والقادة السياسيين في مصر المرحلة المقبلة.