محمود عباس: أصبح عندنا الآن دولة.. ولا نخشى العقوبات

استقبله الملك عبد الله الثاني في عمان كرئيس دولة والفلسطينيون في رام الله كبطل

علم فلسطيني ضخم صنع من بالونات أطلقها الفلسطينيون في سماء رام الله احتفالا بالنصر في الأمم المتحدة (أ.ف.ب)
TT

استقبل الفلسطينيون في رام الله، أمس، الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، استقبال الأبطال، بعد عودته من نيويورك حاملا اعترافا بالدولة المراقب في الأمم المتحدة.

واحتشد آلاف الفلسطينيين في مقر المقاطعة في رام الله، منذ ساعات الصباح الأولى بانتظار أبو مازن، بينما كان عشرات من المسؤولين في القيادة الفلسطينية، وسفراء دول عربية وأجنبية، ووزراء ورجال أعمال ومحافظين، ورجال دين، وممثلي فصائل، بانتظاره في مكان آخر من ساحات المقاطعة.

وتحولت المقاطعة، وهي مقر الرئيس، إلى ساحة أعراس، حيث رفرفت الأعلام الفلسطينية عاليا ومعها أعلام حركة فتح، الجهة المنظمة للاستقبال، ورقص المحتفلون ودبكوا وغنوا، وزغردت النسوة على وقع أغنيات وطنية لم تتوقف.

وكان أبو مازن وصل إلى رام الله، أمس، قادما من عمان، حيث أجريت له مراسم استقبال رسمية في المكاتب الملكية في الحمر، حيث كان الملك عبد الله الثاني في مقدمة مستقبليه مع عدد من كبار المسؤولين الأردنيين. واستعرض الزعيمان حرس الشرف الذي اصطف لتحيتهما، بينما عزفت الموسيقى السلامين الوطني الفلسطيني والملكي الأردني وأطلقت المدفعية إحدى وعشرين طلقة.

وأكد العاهل الأردني الذي التقى الرئيس الفلسطيني على أن منح فلسطين صفة «دولة مراقب غير عضو» في الأمم المتحدة، يشكل خطوة كبيرة على طريق إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

وانتقل عباس إلى رام الله بسيارته الخاصة، وقد ارتفع عليها علمان فلسطينيان، في إشارة إلى تحول السلطة إلى دولة «غير عضو»، وقام باستعراض حرس الشرف، بينما عزفت الموسيقى السلام الوطني الفلسطيني، قبل أن يتوجه لمصافحة المسؤولين، ويغادر مباشرة إلى ضريح الرئيس الراحل ياسر عرفات، ويضع عليه إكليلا من الزهور.

ولم ينتظر أبو مازن طويلا، حيث ذهب سيرا إلى الجماهير المحتشدة بانتظاره، وحياهم، وقال بعد أن استمع لهتافات من نوع «بالروح بالدم نفديك يا أبو مازن»: «نعم أصبح الآن عندنا دولة»، فعلت الهتافات مجددا له وللدولة. وأضاف مخاطبا الحشود: «لقد أصبح 29 نوفمبر (تشرين الثاني) 2012، علامة منعطف حاسم في مسيرة نضالنا، وإذا كان الحق يجب أن يعود لأهله، فهنيئا لكنّ أيتها الفلسطينيات ولكم أيها الفلسطينيون، فأنتم وحدكم أصحاب هذا الإنجاز وهذا الانتصار». وتابع قائلا: «ذهبنا إلى نيويورك نحمل مظلمة وحلم شعبنا ورسالته، فقال العالم لنا (نعم).. نعم لحرية فلسطين، نعم لاستقلال فلسطين، و(لا) للعدوان والاحتلال والاستيطان (...). يا شعب الثورة لقد صوت أكثر من 75 في المائة من العالم إلى جانب فلسطين، وحتى الدول التي امتنعت هنأتنا في الحقيقة». وأردف قائلا «لسنا وحدنا.. الله معنا والتاريخ والمستقبل».

وحصلت فلسطين على موافقة 138 دولة ورفضت 9، بينما امتنعت 41 عن التصويت.

وتحدث أبو مازن عن الضغوط التي تعرض لها، ووصفها بالهائلة والكبيرة. وقال إن كثيرين طلبوا منه تأجيل الذهاب إلى الأمم المتحدة، ثم طلبوا منه في اللحظات الأخيرة تغيير مضمون الخطاب والمشروع، لكنه رفض. وأوضح قائلا: «لكننا ذهبنا وقال العالم كلمته (نعم).. وانتصرنا.. فهنيئا لكم».

وأهدى أبو مازن «الإنجاز» إلى روح الزعيم الراحل ياسر عرفات والشهداء والأسرى. وقال «يا أبا عمار، نم قرير العين فشعبك واصل ويواصل السير على دربك. العهد هو العهد والقسم هو القسم.. شعبك يقترب من اليوم الذي حلمت به يا أبا عمار.. يوم يرفع شبل من أشبال فلسطين فوق أسوار القدس ومساجد القدس وكنائس القدس عاصمة دولة فلسطين، علم فلسطين».

وأكد أبو مازن على أن الاعتراف بفلسطين كدولة مراقب «يغير الكثير من المعطيات، ويؤسس لحقائق جديدة»، معتبرا أن الانتصار «استفز قوى الاستيطان والاحتلال وعمق عزلتهم»، مؤكدا على تهديدات وصلت إلى حد «التفنن بالعقوبات»، مضيفا: «إنكم تعلمون، ولو استمعنا لها ما ذهبنا».

ومضى يقول «قالوا لنا ستلاقون ما لا يعجبكم، لكننا ذهبنا ولقينا ما يعجبنا».

وقوطع أبو مازن بعاصفة من التصفيق والهتافات، وتكرر هذا مرارا، ومن بينها هتافات «أبو مازن.. أبو مازن» و«الشعب يريد إنهاء الانقسام» و«على القدس رايحين شهداء بالملايين».

ولم يفت أبو مازن التذكير بصعوبات متوقعة على الرغم من الفرح الكبير. وقال «على أي حال ما زالت في دربنا تحديات ضخمة وكبيرة، والشعب الذي صنع هذا الانتصار قادر على أن يطوره حتى كنس الاحتلال».

كما أكد أبو مازن وجود مهمات كبيرة، «أهمها استعادة وحدتنا الوطنية وتحقيق المصالحة». وقال إن «الجماهير التي أجبرت العالم على هذا النصر، وكتابة شهادة ميلاد فلسطين، قادرة على فرض المصالحة». وأضاف: «سنتدارس خلال الأيام القليلة المقبلة خطوات إنجاز المصالحة».

وتابع قائلا «ارفعوا رؤوسكم فأنتم فلسطينيون، ولتكن هاماتكم شامخة وقاماتكم منتصبة فأنتم فلسطينيون، تصنعون التاريخ وترسخون فلسطين».

وأنهى أبو مازن حديثه، بينما علا صوت أغنية فرقة العاشقين «بعون الله أعلناها دولتنا»، بينما كان يصافح ويقبل الأطفال ويأخذ معهم الصور.

وشكلت هذه الاحتفالات جزءا من احتفالات أكبر انطلقت مع الاعتراف بالدولة، التي رحبت بها حركة حماس أيضا، بينما لا يجد البعض من الفلسطينيين الأمر إنجازا، ويعتبره مجرد «خدعة».