ليبيا: تشييع جثمان الكيخيا أبرز معارضي القذافي في بنغازي بعد تأبينه بطرابلس

المنقوش: نسعى لبناء جيش ذكي وتقني للتغلب على قلة عدد القوات

رئيس المؤتمر الوطني الليبي محمد المقريف يلقي كلمة في حفل تأبين منصور الكيخيا أمس (إ.ب.أ)
TT

في الذكرى الحادية والسبعين لميلاده، ووري الثرى مساء أمس جثمان منصور الكيخيا أحد أبرز رموز المعارضة الليبية لنظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي، بمسقط رأسه في مدينة بنغازي بعد حفل تأبين رسمي رعته السلطات الليبية في العاصمة طرابلس بحضور عائلة الكيخيا وكبار مسؤولي الحكومة والمؤتمر الوطني (البرلمان) والسفراء المعتمدين لدى ليبيا.

وبعد مرور نحو 19 عاما على اختفائه المثير للجدل، عثرت السلطات الليبية على جثمان الكيخيا في فيللا خاصة بجهاز المخابرات الليبية السابق في طرابلس وفقا لمعلومات أدلى بها عبد الله السنوسي صهر القذافي وصندوقه الأسود ورئيس جهاز المخابرات الليبية السابق والمعتقل حاليا بطرابلس.

وخضعت عينة من رفات الكيخيا للتحليل في سراييفو، حيث تأكد أنها تخصه لتكشف لغز اختفائه في ظروف مثيرة للجدل خلال زيارته للقاهرة عام 1993.

وترأس منصور المعارضة الليبية في الخارج في قمة عنفوان نظام القذافي، ورفض كل الإغراءات والتهديدات التي تعرض لها للقبول بالتعاون مع نظام القذافي أو التصالح معه.

وشغل منصور، وهو دكتور في القانون الدولي من جامعة السوربون الفرنسية، منصب سفير ليبيا لدى الأمم المتحدة، قبل أن ينشق عن نظام القذافي مطلع عقد الثمانينات من القرن الماضي، علما بأنه كان ينظر إليه على أنه من أبرز وأقوى الشخصيات المعارضة، ومن مؤسسي جبهة الإنقاذ الوطني.

وشارك في حفل التأبين الذي نظمته أمس وزارة الخارجية الليبية للكيخيا، محمد المقريف، رئيس المؤتمر الوطني العام وأعضاء المؤتمر بالإضافة إلى علي زيدان، رئيس الحكومة الانتقالية وأعضائها، ومحمد فائق، رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان، ووزير الإعلام المصري الأسبق، وممثلين عن عدد من منظمات ومؤسسات المجتمع المدني.

وأكد المقريف رئيس المؤتمر الوطني أن الكيخيا، الذي وصفته السلطات الليبية بأنه مناضل وشهيد، تصدى لنظام القذافي المنهار وسخر حياته من أجل خدمة وطنه، لافتا إلى أن روح الكيخيا التي ترفرف حولنا ستكون أكثر سعادة وغبطة عندما ترانا أوفياء للقيم والمبادئ السامية التي ناضل من أجلها.

واستهل حفل التأبين بالوقوف دقيقة صمت وقراءة سورة الفاتحة ترحما على روح الكيخيا، كما تم عرض فيلم وثائقي عن مسيرة حياته والمراحل النضالية له ضد نظام القذافي.

وقالت وزارة الخارجية الليبية في بيان لها أمس، إن «نظام الطغيان اختطف منصور الكيخيا، ثم قتله وأخفى جثمانه ولم يدفنه مما يدل على أنه كان يخشاه ميتا أكثر مما كان يخشاه حيا».

من جهته، أشاد رئيس الوزراء الليبي الدكتور علي زيدان بالمواقف الإنسانية للكيخيا، وبأدائه المتميز خلال فترة عمله كسياسي وحقوقي ليبي دافع عن قضايا الحرية وحقوق الإنسان في بلاده على مدى ربع قرن من الزمان.

وقال زيدان: «نلتقي اليوم هنا في طرابلس وقد تحقق لمنصور ما كان يصبو إليه، فقد انطلقت السابع عشر من فبراير (شباط) من ميدان المحكمة قريبا من مرابع طفولته لتعم ليبيا وليتحقق هذا اليوم الذي نعيش فيه».

لكن بعض أعضاء عائلة الكيخيا ومن بينهم شقيقه محمود أكدوا لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف أن العائلة بصدد ملاحقة من أقدموا على التورط في خطف منصور ثم قتله على ما يبدو في العاصمة الليبية بعد احتجازه لسنوات.

وقال محمود لـ«الشرق الأوسط»: «هذه قضية لن تموت، صحيح أننا دفنا رفات أخي لكننا أيضا سنواصل العمل لكشف كل الملابسات التي أحاطت باختفائه ومقتله ولن نتهاون في الحصول على الحقيقة الكاملة». وأوضح أن عائلة الكيخيا بصدد القيام بزيارة وشيكة للقاهرة لمتابعة ملف القضية وإجراء اتصالات مع السلطات المصرية في هذا الإطار.

وشن القذافي خلال عقد التسعينات حملة تصفية طالت الكثير من معارضيه في الدول العربية والغربية، وكان يصف هؤلاء بأنهم «كلاب ضالة».

إلى ذلك، رفض اللواء يوسف المنقوش، رئيس الأركان العامة للجيش الليبي وصف المشهد الأمني والعسكري في ليبيا بـ«الفوضى»، وقال في تصريحات تلفزيونية: «صحيح نحن في ليبيا الحرة لم نصل إلى المستوى المنشود الذي نرغب أن نصل إليه، ولكننا لسنا في حالة من الفوضى مقارنة بأغلب الدول التي شهدت الثورات الكبرى التي نحن على رأسها».

ولفت إلى أن نظام القذافي عمل على تدمير المؤسسة العسكرية في ليبيا لصالح وحدات أمنية خاصة به، لأنه كان يخاف من أن تشكل خطرا عليه. وأكد سعي بلاده لتشكيل جيش ومهامه حماية الوطن وحدوده ووحدة ترابه وأمن مواطنيه، ويكون خاضعا بكامل السلطة السياسية المدنية ولسلطة الدستور، مضيفا: «دولة مترامية الأطراف وشعب عدده قليل، فهناك فجوة ما بين المهمة والقوة البشرية المتوفرة إذن من ناحية فنية. هذا الجيش يجب أن يكون جيشا تقنيا، جيشا ذكيا يعتمد على استخدام أحدث تقنيات العصر لكي يقلل القوة البشرية التي تريد تنفيذ هذه المهمة».

كما اعتبر المنقوش أن عملية دمج الثوار في المؤسسات العامة تسير وفق ما هو مخطط لها خاصة في الجيش الوطني ووزارة الداخلية، مشيرا إلى أن 15 ألف ثائر انخرطوا في الجيش الليبي بطريقة فردية وأنهوا فترة تدريبهم ووزعوا على الوحدات.