من الهند إلى بريطانيا.. الآراء على «فيس بوك» تدخل ناشطين السجن

مطالبة بحماية القانون لحرية التعبير

كلمات على الموقع أشعلت توترات بين المسلمين والهندوس في قرية هندية (واشنطن بوست)
TT

ما زالت المحكمة الأميركية العليا حتى الآن لم تنظر فيما إذا كان وضع شارات «الإعجاب» على موقع «فيس بوك» يدخل ضمن حرية التعبير التي يحميها القانون هناك، ولكن في الهند قامت الشرطة الأسبوع الماضي بإلقاء القبض على شابة تبلغ من العمر 21 عاما بسبب وضع مشاركة «تحريضية» على موقع «فيس بوك»، ثم تم توقيف صديقتها لمجرد وضع شارة الإعجاب على هذه المشاركة.

وذكرت وكالة أنباء «أسوشييتد برس» أن المشاركة التي كتبتها شاهين دادا أشعلت توترات بين المسلمين والهندوس في مدينة بالغار الصغيرة غربي الهند؛ حيث انتقدت دادا، وهي مسلمة تدرس في كلية الطب، القرار الذي اتخذته مدينة مومباي بإغلاق معظم شوارعها تماما أثناء تجمع المعزين لحضور جنازة بال ثاكيري، وهو سياسي يميني مثير للجدل.

وكتبت دادا في مشاركتها: «آلاف الناس يموتون كل يوم، ولكن مع ذلك تستمر الحياة. الاحترام يكتسب ويمنح، وهو بالتأكيد لا ينتزع عنوة. إن مومباي تغلق اليوم بسبب الخوف، وليس بسبب الاحترام». وفي غضون دقائق، كانت قوة من رجال الشرطة الذين يتصرفون بعصبية قد أحاطت بالمجمع السكني الذي تقيم فيه دادا داخل مستشفى تقويم الأعضاء التي يملكها عمها، ثم اقتادوها إلى السجن، وهناك أجبروها على كتابة بيان اعتذار. وبحسب وكالة أنباء «أسوشييتد برس»، فقد تم أيضا إلقاء القبض على رينو شرينيفاسان (21 عاما) بسبب استثارة «العداء الديني»، أو إبداء الإعجاب بمشاركة دادا.

وعلى الرغم من أن الهندوس يقولون إن كلتا الفتاتين قد تم إطلاق سراحهما بعدها مباشرة دون توجيه أي اتهامات إليهما، فإن هذه القضية تلفت الانتباه إلى المخاطر غير المستساغة التي يجلبها الإعلام الاجتماعي في بعض مناطق العالم. فقد أشاد المستخدمون بدور موقعي «فيس بوك» و«تويتر» في انطلاق الثورات وفرض الشفافية السياسية ونشر حرية المعلومات، إلا أنهما يوفران أيضا شكلا سهلا من أشكال المراقبة بالنسبة لأي حكومة تتطلع إلى إسكات حرية التعبير؛ حيث أقدمت الحكومة الهندية في بعض الأحيان على خنق التعبير عن الرأي على الإنترنت بحجة أنها (في الظاهر) محاولة لمنع نوعية التوترات الطائفية التي أدت في بعض الأحيان إلى اندلاع عنف حقيقي في البلاد.

ولا ينطبق هذا على الهند وحدها، فقد حكمت إحدى المحاكم الصينية يوم الاثنين الماضي على عارضة أزياء تبلغ من العمر 23 عاما بالسجن لمدة 9 أشهر، بعد أن وضعت على موقع «وايبو» الشبيه بموقع «تويتر» صورا غير محتشمة لنفسها وهي ترتدي زي ضابطة شرطة (وكانت التهمة الرسمية، وإن كانت غير مقنعة، هي انتحال شخصية ضابطة شرطة). وفي يوليو (تموز) الماضي، تم إلقاء القبض على رجل إيراني بعد اشتراك ابنه الجامعي على صفحة في موقع «فيس بوك» يسخر من أحد أئمة الشيعة. ولا تقتصر مراقبة الإعلام الاجتماعي على آسيا بالطبع، فأثناء وقائع الشغب التي شهدتها المملكة المتحدة عام 2011، نشرت صحيفة «ديلي ميل» أنه تم إلقاء القبض على الكثير من الفتيات بسبب نشر «دعوات إلى الشغب» مثل «من مستعد لذلك؟» على موقع «فيس بوك». وفي وقت قريب، وجهت هيئة محلفين فيدرالية كبرى إلى 4 من المقيمين في ولاية كاليفورنيا، اثنان منهم مواطنون أميركيون، اتهامات بالانضمام إلى تنظيم القاعدة والتخطيط لهجوم إرهابي. وبحسب مقطع من قرار الاتهام تم نشره على مدونة «Techdirt»، فقد كان من بين أدلة الإثبات سلسلة من شارات الإعجاب والمشاركات والتعليقات على موقع «فيس بوك».

ولكن كما كتب فيفيك وادوا في صحيفة «واشنطن بوست»، وهو محق في ذلك، فإن القانون غالبا ما يكون متخلفا كثيرا عن التكنولوجيا، فالقانون سواء في الولايات المتحدة أو خارجها ما زال يحاول تحديد ما حرية التعبير على الإنترنت؟ وينظر الكثيرون إلى قضية دادا باعتبارها اختبارا لقانون تكنولوجيا المعلومات الجديد الذي صدر في الهند ويحرم من بين ما يحرمه التعبير عن الآراء التي تسبب «إزعاجا» أو «مضايقة» (والتعبير عن الرأي على الإنترنت يكون بالطبع مزعجا ومصدرا للمضايقات معظم الوقت). وفي الولايات المتحدة، لم تبدأ المحاكم سوى مؤخرا في دراسة مشكلات مثل ما إذا كان من الممكن فصل الموظفين بسبب إبداء الإعجاب بشيء ما على موقع «فيس بوك».

ولكن بالنسبة لدادا فإن تلك التغييرات لن تأتي بالسرعة الكافية، ويقول الهندوس إنها ألغت حسابها على موقع «فيس بوك» وفرت مع عائلتها من بالغار. وقد ذكرت إحدى صفحات المعجبين على موقع «فيس بوك» التي نهضت للدفاع عنها: «أولا رجل الأعمال من إقليم بونديتشيري، والآن فتاة مومباي شاهين دادا ذات الـ21 ربيعا وصديقتها رينو شرينيفاسان. التالي سيكون نحن جميعا... إن الإعلام الاجتماعي يتعرض للاختطاف من قبل ذوي النفوذ والأصوليين... ارفع صوتك الآن».

* «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»